اسرائيل تستخدم ذخائر الفسفور الأبيض

اتهمت منظمة "هيومن رايتس وتش" لحقوق الإنسان، الأحد، إسرائيل بمواصلة استخدام ذخائر الفسفور الأبيض، عن طريق وضع حدود زمنية غامضة، واستثناءات سرية، فيما دعت الدول كافة إلى تحريم استخدام الفسفور الأبيض كسلاح محرق.وطالبت المنظمة في تقرير صدر عنها ونشر على موقعها الأحد، إسرائيل بأن تُعزز ما أعلنت عنه من تقليل استخدام ذخائر الفسفور الأبيض لأغراض عسكرية، عن طريق حظر  أشكال استخدامه كافة على هيئة مقذوفات فسفور أبيض مُتفجرة جوًا فوق المناطق المأهولة بالسكان، من دون استثناء. وقالت المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، "من الجيد أن يقرر الجيش الإسرائيلي أخيرًا تقليل استخدام ذخائر الفسفور الأبيض، التي تصيب بلا تمييز حين يتم إطلاقها من الجو على مناطق مدنية، ولكن هذه الذخائر قاتلة، وعلى إسرائيل ألا تؤخر فرض الحظر على استخدامها غير المشروع، وألا تتهرب عن طريق وضع حدود زمنية غامضة، واستثناءات سرية، وعلى الرغم من ذلك فإن استخدام ذخائر الفسفور الأبيض المُتفجر جوًا، فوق المناطق المأهولة بالسكان، الذي يُؤدي لنشر شظايا مُشتعلة من المادة السامة عبر مناطق واسعة، يُشكل انتهاكًا لقوانين الحرب التي تحظر الهجمات التي لا يمكنها التمييز بين المدنيين والمقاتلين، حيث يخلق الفسفور الأبيض سحابة كثيفة من الدخان الأبيض، ويشتعل بمجرد التفاعل مع الأكسجين، وهو يُعتبر سلاحًا محرقاً أكثر منه ذخيرة كيميائية، ولا تحظر المعاهدات الدولية استخدامه"، مضيفة "يمكن لحظر استخدام الفسفور الأبيض كسلاح مُحرق، أن يُوقف المُعاناة التي يسببها هذا السلاح الرهيب في المستقبل، ولكن المُلاحقات القضائية وحدها هي التي ستُحقق العدالة لضحايا استخدامه غير المشروع في الماضي". وتكشف تحقيقات أعدتها "هيومن رايتس ووتش" لحالتين، عن أنه لم يكن لدى القوات الإسرائيلية مبررًا لاستخدام الفسفور الأبيض كحاجب للرؤية، لأن القوات الإسرائيلية لم تكن تشن هجومًا بريًا في المناطق التي استهدفتها الهجمات، وفي حالات أخرى، استخدمت القوات الإسرائيلية الفسفور الأبيض المُتفجر جوًا على أطراف مناطق مأهولة بالسكان، ربما كحاجب للرؤية لإخفاء تحركات القوات، لكن كميات كبيرة من الفسفور الأبيض سقطت لمسافة مئات الأمتار داخل مناطق مأهولة بالسكان. واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الفسفور الأبيض الحارق المتفجر جوًا خلال العدوان على قطاع غزة في 2008-2009، بصفة متكررة، في قذائف المدفعية عيار 155 ملم في مناطق مأهولة بالسكان، وكل قذيفة متفجرة جوًا ينبعث منها 116 شظية محترقة مغمسة بالفسفور الأبيض على مساحة يبلغ نصف قطرها 125 مترًا، من نقطة الانفجار، حسب زاوية الهجوم وظروفه، ولقد حققت هيومن رايتس ووتش في 6 حالات، تسببت فيها هجمات الفسفور الأبيض في قتل 12 مدنيًا، من بينهم 3 نساء و7 أطفال، بالإضافة إلى إصابة العشرات بحروق أو اختناقات نتيجة استنشاق الدخان، كما دمرت هجمات الفسفور الأبيض مُنشآت مدنية، من بينها مدرسة ومتجرًا ومخزن مساعدات إنسانية ومستشفى، وفي العام 2011، قام 117 إسرائيلي، ومنظمات حقوق إنسان، ومنظمات مجتمع مدني أخرى، برفع دعوى أمام المحكمة العليا تُطالب الجيش الإسرائيلي بحظر استخدام تلك الذخائر في المناطق المأهولة بالسكان، حيث قالت مُذكرة الدعوى إن هذه الأسلحة تُسبب أضرارًا عديمة التمييز ولا يمكن التحكم بنتائجها ضد المدنيين، وإن هناك بدائل أخرى مُتاحة من الذخائر الأقل ضررًا. وردت الحكومة الإسرائيلية على الدعوى بقولها، "إن استخدام الجيش للفسفور الأبيض في المناطق المدنية لا ينتهك قوانين الحرب"، ويتمثل الموقف الإسرائيلي، كما أكده بيان الجيش في 2 مايو/آيار الجاري، في أن "القانون الدولي الذي يحكم النزاع المسلح لا يحتوي على نص يحظر استخدام الفسفور الأبيض في المناطق المدنية لأغراض التمويه، سواء كان ذلك في منطقة مدنية أوغيرها، وأن استخدام الجيش الإسرائيلي لقذائف الدخان التي تحتوي على الفسفور الأبيض في أغراض التمويه إنما تجري وفقًاً لمتطلبات القانون الدولي". وأكدت المنظمة الحقوقية، أن البيان أخفق في الاعتراف بأن قذائف المدفعية الثقيلة التي تحتوي على الفسفور الأبيض المتفجر جوًا فوق المناطق المأهولة بالسكان قد سبب أضرارًا للمدنيين وللأهداف المدنية بشكل عشوائي عديم التمييز، وتوصلت إلى أن استخدام الجيش الإسرائيلي غير المشروع للفسفور الأبيض خلال 2008-2009 في غزة، لم يكن بالمصادفة أو بشكل عارض، إذ تكرر مرات عدة في مواقع مُختلفة، حيث قام الجيش بقصف الذخائر المنفجرة جوًا في مناطق مأهولة بالسكان حتى الأيام الأخيرة لعمليته العسكرية، وأن التحقيقات التي قامت بها إسرائيل في مزاعم جرائم الحرب بعد العمليات العدائية في 2008-2009 على قطاع غزة لم تتطابق مع المعايير الدولية. حيث لم يُقدم الجيش سوى 4 جنود وضباط فقط إلى المحاكمة جنائية، صدر حكم ضد أحدهم بالسجن لمدة 7 أشهر ونصف الشهر، وصدر حكم ضد آخر بالسجن لمدة 45 يومًا، كما أن قيادة حركة "حماس" في قطاع غزة، فشلت في إجراء أي تحقيقات بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها قواتها. وأفادت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها، أنها عملت ولا تزال على تعزيز البروتوكول الثالث في اتفاق 1980 بشأن الأسلحة التقليدية، عن طريق حث الدول المُوقعة على توسيع نطاق التعريف ليشمل مُعظم الذخائر المحرقة التي تنطوي على مشكلات، مثل الفسفور الأبيض، وتعمل كذلك على حظر استخدام كافة الأسلحة المُحرقة في المناطق المدنية، في أثناء عملها من أجل حظر شامل، وعلى الرغم من مصادقة إسرائيل على اتفاق الأسلحة التقليدية، إلا أنها لم تصادق على البروتوكول الخاص بالأسلحة المُحرقة. يؤكد التقرير وذكر تقرير طبي أعدته وزارة الصحة الإسرائيلية أثناء العدوان على غزة، أن "الفسفور الأبيض يمكن أن يسبب إصابات خطيرة ووفيات إذا لامس الجلد أو تم استنشاقه أو بلعه، كما أن الحروق في أقل من 10% من الجسد يمكن أن تتسبب في تلف عضوي قاتل".