تونس - أزهار الجربوعي
جدّد زعيم حزب "النهضة" الإسلامي راشد الغنوشي وأمينه العام حمادي الجبالي تمسكهم بالمرشح أحمد المستيري لرئاسة الحكومة الجديدة، مشدّدين على أن اختيار رئيس الحكومة يجب أن يكون بالتوافق، في حين أعلنت المنظمات الراعية للحوار الوطني في تونس أن الإعلان عن شخصية الرئيس المقبل للحكومة سيكون الإثنين، بعد أن قرّرت تمديد المشاورات في هذا الشأن إلى 36 ساعة إضافية بسبب الخلاف بين الأحزاب، وهو ما دفع المعارضة لاتهام "النهضة" بالسعي إلى عرقلة الحوار الوطني، وسط أنباء عن مطالبة الحزب الحاكم بالحفاظ على حقائب العدل والداخلية.
وأعلن رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب "النهضة" حمادي الجبالي على ضرورة أن يكون المرشح المقبل لرئاسة الحكومة، معتبرًا أنه لا مجال لفرض رأي حزب على آخر وأنه لا يمكن الموازاة بين حزب له 90 مقعدًا وآخر لم يتحصل سوى على مقعد واحد، في إشارة إلى قوى المعارضة التي تريد أن يتولى مرشحها محمد الناصر منصب رئاسة الحكومة.
وشدّد الجبالي على أن النهضة تدعم مرشح حزب التكتل أحمد المستيري الذي وصفه بـ"الرجل التوافقي والديمقراطي".
وأكَّدَ حمادي الجبالي أن التأخير في الإعلان عن اسم رئيس الحكومة سيؤدي بالضرورة إلى تأخير إعلان استقالة الحكومة الحالية، التي يترأسها القيادي في حركة "النهضة" علي العريض، مشدّدًا على أن موعد استقالة الحكومة سيتأخر، ولن يكون خلال 3 أسابيع حسب ما جاء في خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني.
واستنكر الجبالي التقليل من شأن وزير الداخلية الأسبق في عهد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة والمرشح لرئاسة الحكومة أحمد المستيري بعد أن شكَّكت المعارضة في قدرته الجسدية على قيادة الحكومة المقبلة بسبب تقدمه في السن، متسائلاً " كيف نرفع في سقف سن الترشح لرئاسة الجمهورية وهو منصب سيادي لمدة خمسة سنوات ونرفضه لمهمة مدتها أشهر، لا يجب أخلاقيًا وأدبيًا الخوض في القدرات الصحية للمرشحين فمن سيتحمل المسؤولية أدرى بنفسه وباستعداده، وهي شخصيات مسؤولة."
من جهته، أكَّدَ زعيم حزب "النهضة" راشد الغنوشي أن الشخصية الأنسب لقيادة المرحلــة المقبلــة تكمن في شخص أحمد المستيري، قائلاً "نحن نبحث عن حاكم عاقل ورجل دولــة يملك التجربة والشخصية المتميزة، ويستطيع أن يُحقق الوفاق بين مختلف الأطراف".
وأفادت مصادر مطلعة من داخل جلسات الحوار الوطني التونسي أن حركة "النهضة" طالبت بضمانات تتمثل خاصة في المحافظة على وزيري الداخلية والعدل الحاليين في الحكومة المقبلة مقابل تنحيها عن السلطة، في حين أكَّد زعيمها راشد الغنوشي أخيرًا أن "النهضة ستتخلى عن الحكومة وليس عن الحكم"، على حد قوله.
وأمام وصول الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني إلى مأزق، وتشبث كل فريق بمرشحه لرئاسة الحكومة، أعلنت المنظمات المدنية الراعية للحوار الوطني (اتحاد الشغل، منظمة الأعراف، هيئة المحامين، رابطة حقوق الإنسان) التمديد في آجال المفاوضات بـ36 ساعة" وبذلك يكون الإعلان عن الحكومة الإثنين 4 تشرين الثاني/ نوفمبر.
ولم يستبعد الأمين للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، اللجوء إلى إمكان إضافة مرشحين جدد بعد فشل المشاركين في الحوار الوطني في الحسم بين المرشحين محمد الناصر وأحمد المستيرى، مؤكدًا أن هذا التمديد لن يؤثر على بقية رزنامة خارطة الطريق، خاصة فيما يتعلق بالمسار الحكومي المحدد بـ3 أسابيع.
وردًا على إصرار حركة "النهضة" الإسلامية وشريكها في ائتلاف الترويكا الحاكم حزب التكتل على منح منصب رئيس الحكومة لمرشحها أحمد المستيري، شنت قوى المعارضة هجوما شرسا على حركة النهضة حيث اعتبر زعيم ائتلاف الجبهة الشعبية حمة الهمامي أن الترويكا تسعى بتشبثها بأحمد المستيرى إلى عرقلة قرار الحسم في مرشح رئاسة الحكومة المقبلة، مؤكدًا أن الأحزاب الحاكمة قلقة لأنها في حاجة إلى ضمانات تمكنها من الحكم ومواصلة نفوذها، حتى وان لم تكن في السلطة، على حد قوله.
وحمّل حمة الهمامي حركة "النهضة" مسؤولية إفشال الحوار الوطني والعمل على عرقلته، معتبرًا أن وضع البلاد يتطلب رئيس حكومة "له طاقة ذهنية وجسدية تمكنه من العمل لما يفوق الـ12 ساعة في اليوم"، وهو ما لا ينطبق على مرشح النهضة أحمد المستيري الذي يقترب من العقد التاسع من عمره، وفق قوله.
وعبّرت المعارضة عن خشيتها من أن تستعمل حركة "النهضة" رئيس الحكومة المقبل ستارًا للبقاء في السلطة وتمرير أجنداتها، في حين تعتبر حركة "النهضة" الإسلامية صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي (البرلمان) أن بعض القوى التي فشلت في النجاح في الانتخابات تسعى إلى الانقلاب على نتائج الانتخابات، وتقويض مرحلة الانتقال الديمقراطيّ.