طهران ـ مهدي موسوي
أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري، الأربعاء، أنّ المباحثات الهادفة الى إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، والمعلّقة منذ حزيران/ يونيو، ستُستأنف في 29 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري في فيينا. وكتب باقري، وهو كبير المفاوضين الإيرانيين، عبر حسابه في "تويتر"، إنّه "خلال اتصال هاتفي مع (الديبلوماسي الأوروبي) أنريكي مورا، اتفقنا على بدء المباحثات الهادفة إلى رفع الحظر الظالم وغير الإنساني في 29 تشرين الثاني / نوفمبر في فيينا".وحذر مسؤول إيراني بارز من أن المباحثات بشأن إمكانية استئناف الاتفاق النووي محكوم عليها بالفشل ما لم تقدم الولايات المتحدة ضمانات بعدم الانسحاب من الصفقة مجددا.
وذكر الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، على حسابه في "تويتر" الأربعاء أن الرئيس الأميركي جو بايدن "فاقد للصلاحيات" ويرفض تقديم أي ضمانات، مضيفا: "إذا لم يتغير الوضع الحالي فإن نتيجة المباحثات قد باتت واضحة". وقارن شمخاني بين الوضع الحالي حول ملف إيران النووي والحرب الإيرانية-العراقية، قائلا: "الحظر مستمر، وجزء من إيران أحتل على يد العدو، وأخذ اقتصاد الشعب الإيراني رهينة، والمقاتلون يدافعون في الجبهات، والعلماء يواصلون أنشطتهم النووية المشروعة، ولم يكن هناك أي مؤشر على تنبيه المعتدي". وبعد الإعلان الإيراني، أكد الاتحاد الأوروبي، في بيان، أنّ المحادثات النووية بين القوى العالمية وطهران بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني ستستأنف في فيينا في 29تشرين الثاني / نوفمبر الجاري.
وقالت الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية إنّ "اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة ستعقد حضورياً في 29 تشرين الثاني / نوفمبر في فيينا"، مضيفة أن إنريكي مورا سيترأسها نيابة عن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. وقالت الولايات المتحدة إنّ التوصّل إلى حلّ وسط لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران أمر ممكن "بسرعة" إذا كانت طهران "جدية" في نياتها بعد إعلانها استئناف المفاوضات غير المباشرة في 29 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركي نيد برايس للصحافيين: "نعتقد أنّه إذا كان الإيرانيون جديين، يمكننا القيام بذلك في وقت قصير نسبيّا". وكانت قد رفضت إيران، المخاوف التي أبدتها مؤخرا دول غربية أبرزها الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، معتبرة أنها لا تمت الى "الواقع"، ومعيدة تأكيد سلمية أنشطتها في هذا المجال.
وكانت أربع دول غربية هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، أعربت بعد اجتماع لقادتها على هامش قمة مجموعة العشرين في روما السبت، عن "قلقها الكبير والمتنامي" حيال برنامج طهران الذي سبق أن أثار توترا على المستوى الدولي، قبل إبرام اتفاق دولي بشأنه في العام 2015. ويأتي ذلك مع ترقب تحديد إيران موعدا محددا لاستئناف مباحثات معلّقة منذ أشهر، تهدف الى إحياء الاتفاق الذي انسحبت واشنطن أحاديا منه عام 2018. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده "خلافا لما ورد في البيان، تعدين اليورانيوم وانتاج اليورانيوم عالي التخصيب، كما أشرنا سابقا، يستخدم للأغراض السلمية"، مضيفا "مثل هذه المواقف لا تمت الى الواقع ولن يكون لها عواقب بنّاءة".وجدد المتحدث خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي في مقر الوزارة، تأكيد سلمية برنامج إيران النووي، وعدم سعيها الى تطوير سلاح ذرّي أو امتلاكه، لأسباب عدة منها فتوى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بتحريمه.
وشكّل الملف النووي الإيراني نقطة بحث أساسية في اجتماع اجتماع ضم الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش قمة مجموعة العشرين في روما. وأكد القادة الأربعة في بيان مشترك عزمهم على "ضمان عدم تمكن إيران من تطوير أو امتلاك سلاح نووي". الا أنهم أبدوا اقتناعهم أيضا "بأنه لا يزال ممكنا التوصل سريعا وتنفيذ اتفاق حول معاودة احترام خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقعت في 2015 من جانب ايران وست قوى كبرى بهدف ضمان أن يكون البرنامج النووي الايراني محصورا على المدى البعيد بأغراض مدنية تمهيدا لرفع العقوبات". واذ أكدوا أن ذلك "لن يكون ممكنا الا إذا غيرت ايران موقفها"، أشاروا الى أنهم يتشاركون "القلق الكبير والمتنامي من أنه فيما امتنعت إيران عن العودة إلى المفاوضات (...) سرّعت وتيرة خطوات نووية استفزازية، مثل إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب واليورانيوم المعدني".
وأبرمت إيران في 2015، اتفاقا بشأن برنامجها النووي مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، أتاح رفع العديد من العقوبات المفروضة عليها، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. الا أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه عام 2018، وأعاد فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية. وبعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بدأت إيران التراجع تدريجا عن معظم التزاماتها، وشرعت في "خطوات تعويضية" شملت في الأشهر الماضية، رفع مستوى تخصيب اليورانيوم الى 60 بالمئة (مقابل سقف 3,67 بالمئة المحدد في الاتفاق)، وتعدين اليورانيوم لاستخدامه في مجالات مدنية وتوفير الوقود لمفاعل طهران البحثي، وفق ما يؤكد المسؤولون الإيرانيون.
وأعرب بايدن عن نيته العودة الى الاتفاق شرط عودة طهران الى احترام التزاماتها. وأجرت الأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بمشاركة أميركية غير مباشرة، ست جولات من المباحثات في فيينا بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو. وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري في 27 تشرين الأول/أكتوبر أن بلاده وافقت على استئناف المباحثات "قبل نهاية تشرين الثاني/نوفمبر". وأكد مسؤولون إيرانيون في الفترة الماضية، أن استئناف المباحثات رهن انجاز حكومة الرئيس الجديد المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، انجاز دراسة الجولات السابقة التي أجريت في عهد سلفه المعتدل حسن روحاني.
وفي مؤتمره الصحافي اليوم، لم يذكر خطيب زاده موعدا محددا لاستئناف المفاوضات، قائلا "تهدف التحضيرات الى الخروج من الطريق المسدود في فيينا. عندما سيتم استئناف المباحثات (...) خلال أسبوعين أو ثلاثة، ستتابعها إيران باهتمام بالغ لأن التفاوض من أجل التفاوض لا يشكل جزءا من سياستها". واعتبر المتحدث أن إدارة بايدن، وعلى رغم إبداء نيتها بالعودة الى الاتفاق، تواصل اعتماد سياسة "الضغوط القصوى" التي طبّقها ترامب حيال إيران. وقال "على عكس تصريحاتها، الإدارة الأميركية الجديدة تواصل اعتماد سياسة ضغوط قصوى تؤدي الى عقوبات جديدة أو إعادة فرض عقوبات كان تمّ رفعها".
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت الجمعة فرض عقوبات على برنامج إيران للطائرات المسيّرة، متهّمة طهران بتزويد مجموعات موالية لها في المنطقة بهذه الطائرات، واستخدامها في شن هجمات طالت قوات أميركية. وبالتوازي مع السعي لاستئناف مباحثات إحياء الاتفاق النووي، كرّر مسؤولون أميركيون في الآونة الأخيرة التأكيد أن بلادهم تدرس بالتعاون مع حلفائها في المنطقة، "خيارات أخرى" حيال إيران في حال فشل المسار الدبلوماسي. وردا على سؤال عما اذا كانت طهران ترى أن عملا عسكريا ضدها قد يكون ضمن هذه "الخيارات الأخرى"، قال خطيب زاده "تعرف الولايات المتحدة أكثر من أي طرف آخر أن خيارها الوحيد هو (...) احترام حقوق الدول"، مؤكدا أن إيران "تثق بقدراتها العسكرية والأمنية".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
"توأمة" بين مصر والاتحاد الدولي الأوروبي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة