الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة

أكدت مصادر طبية جزائرية في المستشفى العسكري الفرنسي "فال دوغراس"، الإثنين، أن صحة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة قد تجاوزت مرحلة الخطر، وهي في تحسن مستمر، وأنه قد يخرج من المستشفى خلال ساعات، فيما رفضت وزارة الدفاع الفرنسية، التعليق على الوضع الصحي لبوتفليقة "احترامًا للسرية". وقال مدير المركز الوطني للطب الرياضي، الدكتور رشيد بوغربال، الذي يرافق الرئيس بوتفليقة في رحلته العلاجية، إن صحة الرئيس في تحسن ملحوظ ولا تدعو إلى القلق، وأن النوبة الدماغية الخفيفة لم تترك أية آثار جانبية على صحة الرئيس، ولم تؤثر على أي من وظائف جسد الرئيس، حيث لم تدم سوى وقت قصير، والإصابة ليست حادة، وهي تتراجع من دون أن تخلف تأثيرات، ويتعين على بوتفليقة إجراء فحوصات إضافية والخضوع للراحة لتجاوز التعب الذي سببته له هذه الوعكة"، مضيفًا أن "الرئيس الجزائري (76 عامًا) وظائفه الحركية والحسية لم تتعرض لأي إصابة".
وأعلنت رئاسة الوزراء الجزائرية، الأحد، أن حالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي نُقل مساء السبت للعلاج في فرنسا "لا تبعث على القلق"، لكن مستقبله السياسي لا يزال محل تساؤلات، حيث أكدت الحكومة أنه "تبعًا لإصابة رئيس الجمهورية بنوبة دماغية عابرة، السبت، قالت الفحوصات الطبية الإضافية التي أجراها في مستشفى (فال دو غراس) في باريس، إن لا شيء يبعث على القلق، وأن نشاطات الحياة الوطنية تسير بطريقة عادية".
ونُقل الرئيس بوتفليقة إلى باريس، مساء السبت، لاستكمال فحوصاته الطبية بعد "النوبة الدماغية العابرة" التي أُصيب بها ظهرًا، وعلاجه في مستشفى محلي، مما طرح العديد من التساؤلات في الصحف الصادرة الأحد، من حيث سرعة الإعلان الرسمي عن مرضه، وكذلك قدرته على الاستمرار في حكم البلاد قبل عام من الانتخابات الرئاسية.
وأفادت مصادر قريبة من الملف في العاصمة الفرنسية، أن بوتفليقة وصل إلى مطار بورجيه في باريس في الساعة 18.00 تغ، ونُقل على الفور تحت حراسة عسكرية إلى مستشفى "فال دو غراس" العسكري، وهو مستشفى غالبًا ما يستقبل شخصيات فرنسية وأجنبية رفيعة المستوى، فيما ذكر مصدر طبي لوكالة الأنباء الجزائرية، أنه وعلى الرغم من أن الحال الصحية العامة للرئيس لا تبعث على القلق، فإن أطباءه طلبوا منه إجراء فحوصات مكملة، والخلود إلى الراحة لأيام.
وقال طبيب الأعصاب في مستشفى "لا بيتي سالبيتريير" الباريسي، الدكتور دافيد غرابي، "إن الجلطة بالنسبة لأي عضو هي عدم وصل الدم له، وبالتالي عدم وصول الأكسيجين، وفي غالب الأحيان فإن الأمر يتعلق بانسداد شريان، وبما أنها موقتة فإن الدم المتجلط سيعود للسيلان بسرعة وتزول الآثار الناتجة عن ذلك".
ورفضت وزارة الدفاع الفرنسية، التي يقع تحت سلطتها مستشفى "فال دوغراس"، التعليق على صحة الرئيس بوتفليقة "احترامًا للسرية"، حيث امتنع وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، عن التعليق، مكتفيًا بـ"تمني الشفاء العاجل لبوتفليقة، الذي يُعتبر بوصفه رئيسًا للجزائر صديق لفرنسا".
وذكرت صحيفة "الوطن"، أن "السلطات كانت مضطرة إلى إعلان مرض الرئيس بوتفليقة لتفادي التأويلات التي ستصدر عندما يلاحظ الجزائريون غيابه عن نهائي كأس الجزائر الأربعاء، وهو تقليد لم يغب عنه منذ توليه الحكم في 1999، فيما استبق رئيس الوزراء ذلك بإعلانه، مساء السبت، من بجاية (250 كلم شرق الجزائر)، أن "صحة الرئيس لا تبعث على القلق، وأقول لكم الحقيقة حتى لا تصدقوا الكلام الذي يأتيكم من الخارج، ليس لدينا شيء نخفيه"، في حين قالت الصحيفة، التي نشرت في الأيام الأخيرة، تحقيقات عدة عن تورط الرئيس وشقيقه السعيد في قضايا فساد، أن "إعلان مرض الرئيس بشكل رسمي يكشف عما كان يتداوله الشارع الجزائري، وهو أن الرئيس مريض فعلاً، وأن صحته تكبح ممارسة سلطته في بلد صعب كالجزائر، وأن تدهور صحة الرئيس قبل عام من الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/أبريل 2014 يفسد مشاريع الداعين إلى ترشحه لولاية رابعة، وحتى إن حاول البيان الرسمي التأكيد أن الرئيس سيعود قريبًا لنشاطه، فإنه من الصعب إقناع الشعب بذلك، كما أن أحزاب المعارضة ستقتنص هذه الفرصة في حملتها ضد الولاية الرابعة"، في الوقت الذي استبعدت فيه صحيفة "ليبرتي" أي نقاش بشأن المستقبل السياسي "للرئيس والوطن في مثل هذا الوقت، بخاصة مع رجل قوي مثل بوتفليقة، سبق أن كذب كل الإشاعات عن وفاته".
وطمأن رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، في وقت سابق، على الحالة الصحية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، قائلاً "تعرض الرئيس منذ بضع ساعات إلى وعكة صحية خفيفة نقل على إثرها إلى المستشفى، لكن وضعيته ليست خطيرة على الإطلاق".
وتُعرف النوبة الإقفارية العابرة، بالنقص الحاد في التروية لجزء من الدماغ، ينجم عنه أعراض تماثل فقدان وظيفة هذا الجزء من الدماغ، كالفالجة (شلل نصفي) أو فقدان نصفي للإحساس، أو فقدان المقدرة على الكلام أو التعبير... الخ، لفترة زمنية قصيرة أقصاها 24 ساعة، لتعود تلك الأعراض وتختفي بشكل كامل (لذلك سمي الإقفار بالعابر)، وفي حالة  استمرار الأعراض لمدة أطول من 24 ساعة ينتج عنه إصابة المريض بالسكتة الدماغية.
وتعد هذه المرة الثالثة، التي تعلن فيها السلطات الجزائرية رسميًا، عن تعرّض الرئيس بوتفليقة لوعكة صحية، بعد تلك التي أدخلته مستشفى "فال دوغراس" في فرنسا، بتاريخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، حيث بقي فيه ثلاثة أسابيع، بعدما أجريت له عملية جراحية إثر "قرحة في المعدة" تماثل بعدها للشفاء تدريجيًا، وعقب العملية، أمضى بوتفليقة فترة نقاهة لأسبوعين في فندق "لو موريس" الفرنسي، وعاد إلى الجزائر في 31 كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه.
وكان آخر ظهور رسمي لبوتفليقة في جنازة الرئيس السابق علي كافي، في 17 نيسان/أبريل، وبدا فيها متعبًا لكنه رافق الجثمان سيرًا على الأقدام، وحضر صلاة الجنازة، وانتظر حتى ووري الثرى، وخضع بوتفليقة في نهاية 2005 لعملية جراحية لعلاج "قرحة أدت إلى نزيف في المعدة" في مستشفى "فال دوغراس" العسكري في باريس، حيث قضى 3 أسابيع إضافة، مما فتح النقاش حول إمكان إكمال ولايته، وبعد عام من ذلك، أكد بوتفليقة أنه كان فعلاً "مريضًا جدًا" لكنه تعافى تمامًا، وبدأ التحضير لتعديل الدستور وبخاصة المادة التي تحدد الولايات الرئاسية باثنتين، حتى يتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2008 وهو ما حصل.
وأفادت صحيفة "لوكوتيديان دورون"، المقربة من قصر الرئاسة الجزائري، السبت، أن بوتفليقة أزاح شقيقه السعيد من منصب مستشار في الرئاسة، بينما تحدثت صحف عدة عن صراع بين مؤسسة الجيش والرئاسة، لسبب تحقيقات بشأن الفساد وترشح بوتفليقة لولاية رابعة، فيما تساءلت الصحف الجزائرية عن احتمال تورط السعيد بوتفليقة الأستاذ الجامعي والنقابي السابق في قضايا فساد في قطاع الطاقة الكهربائية، حيث ربطت صحيفة "الوطن" بين فضائح الفساد ومرض بوتفليقة الذي نقل عن مختصين إن سببه الرئيس "ارتفاع في ضغط الدم، ووما زاد من خطورة مرض الرئيس هو أنه يشاهد أقرباءه يتهمون في فضائح الفساد من دون أن يستطيع فعل أي شيء، وفي هذه الحالات فإنه من الطبيعي أن يفقد أعصابه من دون سابق إنذار.".