القاهرة– أكرم علي
صرَّح رئيس الوفد المصري الذي يستعرض تقرير المراجعة الدورية الشاملة للبلاد في مجلس حقوق الإنسان الدولي، في مقر الأمم المتحدة في جنيف، السفير عمرو رمضان، الجمعة، بأن مصر قدمت وثيقة إلى سكرتارية المجلس، توضح خلالها الأجزاء التي قبلتها من التوصيات التي تم تأييدها جزئيًا من 300 توصية.
وذكر السفير عمرو رمضان، خلال كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان، الجمعة، أن "تأييد وقبول مصر التوصيات، سواءً كان تأييدًا مطلقًا أو جزئيًا، يأتي في ضوء الالتزام والاتساق مع أحكام الدستور المصري الجديد، الذي أقرّ في استفتاء شعبي في كانون الثاني/ يناير 2014، والتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومع الأخذ في الاعتبار أننا تلقينا بعض التوصيات التي سبق أو جارٍ تنفيذها بالفعل، على غرار التوصية بإنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس، إذ تم إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ سنوات كثيرة وهو يمارس عمله حاليًا باستقلالية كاملة وبكفاءة كبيرة في إطار التصنيف (أ) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان".
وأشار إلى أن "التأييد الجزئي لتوصية من التوصيات يقصد به الموافقة على جزء من التوصية أو الموافقة على هدفها، في حين تختلف مصر مع الإطار أو الوسيلة المقترحة لتنفيذها في إطار التوصية أو المدى الزمني المقترح لهذا التنفيذ، ومع الأخذ في الاعتبار أن هناك عددًا ملموسًا من التوصيات التي قُدمت تناقش أكثر من موضوع في إطار توصية واحدة، وهو الأمر الذي لم يجعل مهمة اللجنة الوطنية يسيرةً في التعامل مع مثل هذه التوصيات، وأن عدم تأييد بعض التوصيات، وهو ما تم في أضيق الحدود الممكنة، قد يكون بسبب تعارض هذه التوصيات مع نصوص الدستور، ومن بينها على سبيل المثال ما يقره الدستور بشأن كون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، أو حين تتعارض توصية ما مع حقوق معترف بها للدول في إطار القانون الدولي أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومثال لما تقدم التوصيات التي طالبت بإلغاء أو تعليق العمل بعقوبة الإعدام في مصر، ومع الأخذ في الاعتبار أن القانون المصري ينظم بوضوح إطار العمل بهذه العقوبة والضمانات الخاصة بتنفيذها على نحو ما أوضحه الوفد المصري بشكل مفصل خلال جلسة المراجعة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي".
كما أوضح مندوب مصر في جنيف أن الحكومة المصرية تعاملت بانفتاح كبير وبجدية كاملة مع التوصيات التي قدمت إليها، وهو ما تجسد في موقفها النهائي من التوصيات التي قدمت إليها في المجالات المختلفة لحقوق الإنسان، إذ قبلت 243 توصية مما قدم إليها وبنسبة قبول 81%، على النحو التالي: الانضمام إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والالتزام بها وسحب التحفظات: (إجمالي التوصيات 26 تأييد9، وتأييد جزئي3، وأخذ علم6، وعدم تأييد8، وأيدت مصر التوصيات كافة التي تتفق مع ما سبق وأعلنته الحكومة من التزام بمراجعة التشريعات المنظمة لحقوق المواطنين وتعديلها بما يتفق مع الدستور المصري، ومراجعة الموقف التعاقدي لمصر في ما يتعلق بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
علمًا بأنه جارٍ حاليًا النظر في هذا الإطار في تحفظ مصر على المادتين (2) و(16) من اتفاق القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية (تناقش المادة 2 اتخاذ التدابير التشريعة والقانونية للقضاء على التمييز ضد المرأة في حين تناقش المادة 16 القضاء على التمييز فيما يتعلق بالزواج والعلاقات الأسرية)، ولم يتم تأييد التوصيات التي تتعارض مع الدستور أو القانون.
وبحسب رمضان فإنه فيما يخص الإجراءات الخاصة بالإطارين التشريعي والمؤسسي، إجمالي التوصيات 52، تأييد 36، وتأييد جزئي 1، وأخذ علم 2، وعدم تأييد13، ويتأسس موقف الحكومة هنا على الاحترام الكامل لهذين الإطارين اللازمين لضمان احترام وحماية حقوق الإنسان، من خلال اتخاذ إجراءات يأتي على رأسها العمل على تقديم أي مرتكب لأي اعتداء أو انتهاك لحقوق الإنسان، أو أي اعتداء يقع على مواطن أثناء ممارسته المشروعة لحقوقه، إلى القضاء للتحقيق معه من خلال عملية قانونية سليمة، أيًا كانت صفته الوظيفية، وفي إطار إعمال مبدأ أن الحق في الكرامة من أهم الحقوق التي كفلها الدستور، حسب قوله.
أما عن حقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والأسرة والفئات الأخرى، إجمالي التوصيات 78، تأييد 75، وتأييد جزئي 3، وقبلت مصر كافة التوصيات التي قدمت إليها في هذا الصدد.
وعن التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، إجمالي التوصيات 14، منها تأييد 8، وأخذ علم 6، وإجراءات وضمانات النظام القضائي والعدالة الانتقالية (إجمالي التوصيات 20، بنحو 11 تأييد، و3 تأييد جزئي، وأخذ علم 4، و1عدم تأييد، و1 توصية غير دقيقة.
وبشأن تعزيز حماية واحترام الحقوق المدنية والسياسية (إجمالي التوصيات 54 بنحو 30 تأييد، و13 تأييد جزئي، و10 أخذ علم، وعدم تأييد 1، ومن حيث نشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية والتدريب عليه، وقبلت مصر التوصيات كافة (49 توصية) التي قدمت إليها في هذا الصدد.
وعن مكافحة التطرف قبلت أيضًا مصر كافة التوصيات الخاصة بهذا الموضوع (6 توصيات) اتساقًا مع نص المادة (237) من الدستور المصري التي توجب على الدولة مكافحة التطرف مع ضمان الحقوق والحريات العامة وصرف تعويضات للضحايا، وكانت المناسبة الأخيرة التي أعمل فيها هذا الأمر هي صرف معاش شهري لأسر المصريين ضحايا العملية التي ارتكبها تنظيم داعش المتطرف في درنة شرق ليبيا شباط/ فبراير الماضي.
وشدد رمضان على قبول مصر 243 توصية من التوصيات التي قدمت إليها (220 بشكل كامل و23 بشكل جزئي) أي أن نسبة القبول بلغت 81% من إجمالي التوصيات، وهو ما يعد تأكيدًا على مدى تفاعلها القوي مع عمل هذه الآلية المهمة، وانفتاحها على الآراء المختلفة التي تم التعبير عنها خلال جلسة المراجعة وتجاوبها معها، وأيضًا، وهو الأمر الأهم؛ تجسيدًا للأولوية التي يمثلها موضوع تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان في الوعي السياسي للدولة المصرية، علمًا بأن الشهور الأربع الأخيرة، ومنذ جلسة المراجعة في تشرين الثاني الماضي، شهدت استمرار العمل الحثيث على مستوى اقتراح ومراجعة القوانين والتشريعات، لاسيما من خلال عمل اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، والتي تتولى إجراء عملية متكاملة للإصلاح، إذ ستقوم بمراجعة مختلف التشريعات المصرية والتي تتعدى 40 ألف قانون لضمان الاتساق فيما بينها وكذلك عدم التعارض مع نصوص الدستور الجديد.
وتعهد مندوب مصر بأن بلاده تعمل على قدم وساق في تنفيذ السياسات والبرامج التنفيذية التي يرتبط الكثير منها بمجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي تحظى بأولوية متقدمة خلال المرحلة الحالية وتحتاج في ذات الوقت إلى بناء للقدرات وزيادة الموارد المخصصة لها، وهو العمل الذي ينتظر أن يشهد زخمًا كبيرًا خلال المرحلة المقبلة مع قرب انتخاب مجلس النواب الجديد، وبما يسهم في تنفيذ التوصيات التي قبلتها مصر، ومع الأخذ في الاعتبار أن تعزيز حماية الحقوق والحريات الأساسية يأتي بالدرجة الأولى كتلبية مباشرة لمطالب الشعب المصري، مشيرًا إلى ما تواجهه مصر من تحديات كبيرة، وأن الطريق مازال طويلًا للوصول إلى ما نتطلع إليه لتحقيق آمال وطموحات أبناء الشعب المصري، لاسيما في ضوء ما عايشناه من ظروف وتطورات سياسية واقتصادية ومجتمعية متلاحقة على مدار السنوات الأربع الأخيرة، وما يحيط بنا من خطر التطرف الغاشم.