الصحافيين

أوقف المدعي العام في ألمانيا هارالد رانج، سير التحقيقات مع الصحافيين الذين أفادوا بأن الحكومة الألمانية تخطط لتشديد الرقابة على الإنترنت.

وأوضح المدعي العام الجمعة، أنه أصدر قراره بوقف سير التحقيقات انتصارًا للصحافة الجيدة وحرية الإعلام، وتعد هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن يواجه فيها الصحافيين في ألمانيا تهمًا بالخيانة.

وصرّح رانج لصحيفة "فرانكفورتر الجماينه تسايتونغ"، بأنه سينتظر نتائج التحقيق الداخلي حول ما إذا كان الصحافيون في "netzpolitik.org" نقلوا من تقرير سري للمخابرات قبل اتخاذ قرار بشأن مصير الصحافيين.

وكانت موجة من الانتقادات والاتهامات طالت المدعي العام الألماني وتناولت فشله في التحقيق في فضيحة التجسس التي كشف إدوارد سنودن عنها في الوقت الذي ذهب فيه إلى التحقيق مع اثنين من الصحافيين الاستقصائيين وهما ماركوس بيكيدال وأندريه مايستر.

ووصفت النائب عن حزب "الخضر"، رئيس لجنة الشؤون القانونية في البرلمان رينات كوناست، التحقيقات التي أجريت مع الصحافيين بأنها بمثابة إهانة لسيادة القانون متهمة رانج باستهداف الصحافيين بشكل غير متناسب وتجاهله قضية التجسس والتصنت من قبل وكالة الأمن القومي في ألمانيا.

وأفادت كوناست لصحيفة "كولنر شتات أنتسايغر" بأنه لم يتخذ أي إجراء بشأن فضيحة التجسس وأنه لولا الصحافة الاستقصائية ما كان أحد سيعلم شيئًا عن هذه القضية.

من جانبه كشف فولفجانج كوبيكي من الحزب "الديمقراطي الحر" عن حالة الإحباط التي انتابته بعد تجاهل رانج للإدعاءات التي طالت قضية التجسس، وأنه بدلًا من ذلك اتجه إلى مراقبة الصحافيين.

وأضاف كوبيكي أنه يجب استكمال إجراءات التحقيق في قضية التجسس والكف عن ترهيب الصحافيين، ولكن ينس كوبين عضو حزب "الإتحاد الديمقراطي المسيحي الرائد" أيّد المدعي العام في إدانته للصحافيين إذا ما كانوا نقلوا عن تقارير للمخابرات تم وصفها بالسرية.

وظهرت مقالات على موقع "netzpolitik.org" في شهري شباط / فبراير ونيسان / أبريل، أشار خلالها الصحافيون إلى أن هناك تشديدًا في المراقبة لمواقع الإنترنت، وخصوصًا شبكات التواصل الاجتماعي ويعتقد بأنهم نقلوا ذلك من تقرير حقيقي سري للمخابرات، ما دعي كلًا من وكالة المخابرات الداخلية في ألمانيا ومكتب حماية الدستور إلى رفع دعوي ضد الصحافيين المذكورين تستند فيها إلى تسريبهم وثائق سرية.

ووصف الصحافي بيكيدال لهيئة الإذاعة والتلفزيون "دويتشلاند فونك" التحقيقات معه من قبل المدعي العام بأنها سخيفة وليس لها معنى سوى ترهيب المصادر الصحافية لمنعهم من التحدث مع الصحافيين، كما ذكرت الكثير من وسائل الإعلام الألمانية أن التحقيق مع الصحافيين هو اعتداء على حرية الصحافة.

وجاء في بيان لموقع "netzpolitik.org" أن الاتهامات الموجهة إلى الصحافيين والمصدر لها دوافع سياسية وتستهدف سحق النقاش العام الحيوية حول مراقبة الانترنت.

وأضاف البيان أن المبلغين يعملون من أجل المصلحة العامة وأن اتهامهم بالخيانة أمر غير لائق، واختتم البيان تأكيده على مواصلة الصحافة المستقلة والناقدة بما في ذلك عرض الوثائق الأصلية.

وأدان موقع البحث "Correctiv" التحقيق مع الصحافيين عبر رئيس التحرير ماركوس جريل، وفي الوقت نفسه دعا المحامون الألمان إلى إلغاء جريمة "الخيانة الصحافية".

وذكر رئيس الجمعية الألمانية للمحاميين أولريش شيلنبرغ، أن المصلحة العامة تتمثل في فهم طبيعة عمل أجهزة المخابرات، وأنه كان من الضروري أيضًا وقف إجراءات التحقيق من قبل سلطات الدولة ضد الصحافيين النقاد.