صورة للصحافين الأتراك المحتجين لدعم زملائهم الصحافيين المعتقلين

أغلقت تركيا أكثر من 160 وسيلة إعلامية، واعتقلت نحو 100 صحافي، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز، وكثّف المتصيدون العدائيون حملة لترهيب الصحافيين على الأنترنت من خلال اختراق الحسابات الإلكترونية، والتهديد الجسدي، والاعتداء الجنسي، فضلًا عن تدبير هجمات إلكترونية من قبّل غوغائيين افتراضيين موالين للحكومة لإسكات النقد، وسجل المعهد الدولي للصحافة (IPI) منذ يناير / كانون الثاني، هذا العام أكثر من 2000 حالة من الاعتداءات الإلكترونية وتهديدات بالقتل، وتهديدات بالعنف الجسدي، والاعتداء الجنسي، وحملات تشهير وقرصنة ضد الصحافيين في تركيا، وتم التعلق على هذه الحملة بشكل أقل عن الهجوم الرسمي ضد وسائل الإعلام، والذي استمر هذا الأسبوع مع إغلاق 10 صحف واثنين من وكالات الأنباء و3 مجلات، وعانت الصحافيات الإناث بشكل أكبر في ظل استخدام الغوغائيين لمئات الحسابات، لوصمهم بكونهم فاسقات أو عاهرات لمجرد نشر أعمالهم.

وأكد غولسين هارمان منسق مشروق المعهد الدولي للصحافة (On the Line)، "عندما يتم انتقاد النساء فالأمر لا يخلو من الدلالات الجنسية، حيث يوصفون بكونهم عاهرات"، وانعكس تفاقم الثقافة الذكورية في تركيا على الكاتبات، وفقًا لإمري كيزلكايا أحد الصحافيين الذين كتبوا عن التصيد والعدوان، وأضاف كزلكايا "خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في حديقة غيزي في يونيو/ حزيزان 2013 تعرضت النساء، للاعتداء والاستهداف بطريق سيئة حقا وصلت إلى التهديد بالقتل والاغتصاب".

وأوضح المعهد الدولي للصحافة أنه شهد حالات تخويف خطيرة ضد الصحافيين الموالين للأكراد والمواطنين الأتراك الذين يعملون لصالح وسائل الإعلام الدولية، وكان ارتباط المتصيدين بحزب العدالة والتنمية (AKP) من السمات المميزة للساحة الإلكترونية في تركيا منذ احتجاجات حديقة فيزي، واعتاد الصحافيون على التحرش المنسق بواسطة "AKtrolls" الموالين لحزب العدالة والتنمية، ولكن أصبحت الاعتداءات أكثر سوء بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/ تموز، وتابع هارمان "وصل الأمر إلى أنه إن لم يعترف صحافيًا عبر وسائل الإعلام الإلكترونية باحترامه للذين فقدوا حياتهم أثناء الليل في محاولة الانقلاب فيتم تأطيره باعتباره مؤيد للإنقلاب أو باعتباره خائن، الأمر سلطوي للغاية، وأنت مجبر لقول أشياء معينة، حتى وإن لم تنتقد الحكومة سيهاجمك شخص ما".

ويأتي الاعتداء الإلكتروني في تركيا في عدة أشكال بما في ذلك مئات الحسابات الوهمية والتي تهاجم الصحافيين، ويقول الصحافي كيزكاليا الذي كان دائمًا ينتقد سياسات الدولة علنًا أنه تلقى 800 أو 900 تغريدة بالتهديد من حسابات آلية في غضون ساعات من احتجاجات حديثة غيزي، وتعرف للهجوم في إحدى المرات من حساب وهمي باسم السيدة الأولى الأميركية السابقة لورا بوش، وأحيانًا يأتي الاعتداء من قبل أصحاب النفوذ حيث يقود كتاب الأعمدة الموالين للحكومة أو المحررين الذين يدافعون عن الرئيس التركي أردوغان بتحديد الأهداف لمجموعة المتصيدين، وفقًا لإيفي كريم سوزيري الصحافي الذي يعيش حاليا في منفى في لاهاي.

 وتابع هارمان الذي يعتقد في نشاط المهاجمين، بسبب ثقافة الإفلات من العقاب "في إحدى المرات هوجم صحافي من قبل شخصية معروفة والنتيجة أن الدعم كان من مستوى أعلى"، ويخبر الموالون للحكومة إذا ما رآوا تعليقات ناقدة للحكومة على الإنترنت، وأشار سوزيري إلى قضية الصحافية الهولندية إيرو عمر، التي غردت بصورة للعلم التركي مع هاشتاغ #FuckErdogan عندما كانت في عطلة في البلاد في أبريل/ نيسان، وأشعلت الصورة حملة عدائية عبر الإنترنت، كما شاهد زوج السكريترية الخاصة لأردوغان "طه أون" لتغريدة ونشرها طالبًا من الشرطة اعتقال الصحافية، وبالفعل تم اعتقالها واحتجازها لفترة وجيزة.

ووجد المعهد الدولي للصحافة أدلة عن مالا يقل عن 20 حالة اختراق لحسابات الصحافيين مع كشف رسائلهم الخاصة عبر تويتر للعالم، وعندما تم اختراق حساب الصحافي كين أتاكلي في يونيو/ حزيزان، تم التغريد من حسابه فيما بعد بصورة للرئيس أردوغان مع الكلمات "أعتذر لرئيسنا الكريم الذين كنت غير عادل معه طوال الوقت من خلال التشهير والشتائم"، وبعد بضعة أشهر نشر حساب حسن جمال رساله جاء فيها "أعتذر لجميع الشهداء والأمة التركية للدعم الذي منحته للإرهابيين الموالين للأكراد من حزب الشعب الديمقراطي".

وبيّن كيزكاليا أن مجموعات المتصيدين الموالية للحكومة كانت في البداية مسؤولة فروع الشباب من حزب العدالة والتنمية إلا أن الحكومة سرعان ما أدركت أن ذلك أمر غير كاف حيث أن هؤلاء لديهم ولاء لكنهم ليسوا خبراء في الأنترنت، وفي سبتمبر/ أيلول 2013، وظف حزب العدالة والتنمية 6 آلاف شخصًا في فريق وسائل الإعلام الاجتماعية باسم المركتب الرقمي التركي الجديد، والذي كانوا مسؤولين عن تحويل آراء حزب العدالة والتنمية إلى هاشتاغ، وبعد شهر تعرض كيزكاليا لحمة إعتداء إلكترونية منظمة بعد انتقاده لتعامل الحكومة مع الأزمة الدبلوماسية مع لبنان، وتحدث مع صحافيين آخرين تعرضوا لهجمات مماثلة وأدركوا أنهم مستهدفين ضمن حملة منسقة، لإسكات الانتقادات الموجهة لحزب العدالة والتنمية.

ونفى جوكان يوسيل المدير السابق للمكتب الرقمي، حتى إغلاقه بعد أن نفذ مهمته بنجاح ممثلة في إنتخاب أردوغان في يونيو/ حزيزان العام الماضي أي صلة له بالاعتداءات عبر الأنترنت، مضيفا "فريقي يحترم الناس دوما في مجال التواصل السياسي والتسويق الرقمي  والعلامات التجارية، ولا أوظف المتصيدين في أماكن العمل"، ولكن تغيرت معالم النقاش منذ محاولة الانقلاب، وأضاف هيرمان "لم يعد يتم مهاجمة الصحافيين فقط لمجرد انتقادهم للحكومة، لكنهم أصبحوا يوصفوا على نحو متزايد بالإرهابيين فضلًا عن تهديدهم بالتشهير أو إلقاء القبض عليهم، حتى أن من اعتادوا على التحدث بدأت طاقتهم تنفذ"، فيما يوافق يوسيل على أن البيئة سامة لكنه يضيف "إذا حاول أحدهم تقسيم البلاد فيجب على المسؤولين القيام بما يمكن لضمان الأمن القومي سواء عبر الأنترنت أو غيرها".

وأوضح الصحافي المعارض بولنت موماي الذي تم تسريب تفاصيل مكالمته الهاتفية عبر الإنترنت "الاعتداء مجرد هواء فقط مقارنة بالتهديدات الأوسع لحرية التعبير في تركيا، حيث يتم اعتقال الصحافيين ويومًا ما تأتي إلى عملك وترى الأبواب مغلقة وهناك ورقة تحذير مفادها أنه تم إغلاق هذه المحطة من قبل الحكومة"، ويصير موماي على أن التصيد وغيره من أشكال الاعتداء لن يغير رأيه أو الصحافة في البلاد لكنه يوضح أنه "له تأثير سئ نفسيًا حيث لا أستطيع النوم جيدا".