برلين ـ جورج كرم
صورت الصحافة الألمانية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتباره "سياسي بسيط يسهل استيعاب أفكاره"، في مقابل تقديم صورة "الخبير" للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأشارت التقارير التي غطت لقائهما الحرج، الجمعة، إلى مدى التناقض بين شخصية كليهما، حيث رفض الرئيس الأميركي مصاحفة ميركل، وهي اللحظة التي ركزت عليها الصحافة الألمانية لتسليط الضوء على الاختلافات الكبيرة بين الاثنين.
وقدمت صحيفة "بيلد" الألمانية، صورة لزعماء العالم جالسين إلى جانب بعضهم البعض، مع الإشارة إلى كونه أمرًا غير عاديًا أن تجد ميركل نفسها تجلس جانب إيفانكا ترامب، التي لا تلعب دورًا رسميًا في الإدارة، وبينت الصحيفة أن الزعيمة الألمانية بدت منزعجة بعض الشئ.
وتأجلت زيارة ميركل عن موعدها بسبب التلوج، حيث بدأ الزعيمان بتحية ترحيب حارة خارج الجناح الغربي، إلا أن الاجتماع أصابه البرود بعد أن رفض ترامب مصافحة يد ميركل في المكتب البيضاوي، معلنًا اختلافه علنًا معها في كل قضية دولية كبرى.
بينما قدمت مجلة "دير شبيجل" الأسبوعية في السابق، رسم كاريكاتيري مثير للجدل جسدت فيه ترامب وهو يقطع رأس تمثال الحرية، مع إعلان الحرج بين الزعيمان من خلال عبارة "ميركل وترامب لا يعملان معًا"، مضيفة " هناك نوعان من السياسين الذين لا يمكن أن يكونوا أكثر تناقضًا".
ووصفت دير شبيجل، ترامب بكونه سياسي جديد بسيط يسهل استيعاب أفكاره، فيما وصفت ميركل بكونها واحدة من القادة الأكثر خبرة في العالم، مع اعتبارها آخر المدافعين عن الديمقراطية كقيمة غربية، فيما أشارت صحف أخرى إلى أن ميركل كانت تحاول التعبير عن حقيقة أن مواطنيها يعادون الرئيس الأميركي، ولذلك لم ترغب ميركل، التي تواجه معركة شرسة للاحتفاظ بدورها في الانتخابات المقبلة، في أن تبدوا أكثر دفئًا مع ترامب.
وذكرت صحيفة Süddeutsche Zeitung، "لا تميل الغالبية العظمى من الجمهور الألماني نحو ترامب، وهناك الكثير من الناس سيراقبون كيف تتصرف ميركل"، فيما أضافت دير شبيجل " العثور على الإجراء الصحيح من الدفء والاحتفاظ بالمسافات لم يكن سهلًا"، واتفقت فرانكفورتر الجماينه، قائلة: "كان أول ظهور مشترك لدونالد ترامب وأنغيلا ميركل في المكتب البيضاوي لحظة حرجة".
بينما بينت صحيفة Hamburger Morgenpost، " الاجتماع يندرج تحت مرحلة حرجة من العلاقات الأميركية الألمانية"، وذكرت قرائها بأن ترامب هاجم ميركل في حملته الانتخابية وبعد الانتخابات التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني، بسبب سياستها تجاه اللاجئين، وأشارت الصحف إلى فشل ميركل في التصرف بشأن ادعاء ترامب المثير زاعمًا "ربما يكون لدينا شئ مشترك" فيما يتعلق بالتنصت، وسُئل ترامب عن ادعاءه بأن أوباما تجسس عليه، فيما أشار السكرتير الصحافي لاحقًا إلى أنه ربما استخدم المخابرات البريطانية للقيام بذلك، فيما استنكرت الحكومة البريطانية تلك المزاعم واصفة إياها بـ"الهراء".
وكانت ميركل عرضة للمراقبة خلال فترة أوباما، وفقًا للوثائق التي سربها المتعاقد سابقًا مع وكالة الأمن القومي، إدوارد سنودن عام 2013، ووصفت فرانكفورتر ألجماينه محاولة ترامب في المزح قائلة: " مكاسب هجومية ساحرة غير تقليدية، المستشارة لم تضحك ولكن بدى وجهها منزعجًا"، وأثنى الصحافيون الأميركيون على زملائهم الألمانيين لاتخاذ موقف صارم مع الرئيس، فيما أشار ترامب بسخرية إلى مراسلة وكالة الأنباء الألمانية، كريستينا دونز، باعتبارها مراسلة ودودة عندما حدثته عن سياساته الانعزالية الخطيرة.
وغردت مراسلة "بولتيكو تارا بالميرا"، "الصحافة الألمانية أخجلتنا"، فيما أعرب عشرات الصحافيين الأميركيين عن إعجابهم بنظرائهم الألمان، بينما دافع ترامب عن قمته الباردة مع ميركل على تويتر، السبت، مصرًا على أنها كانت قمة عظيمة، زاعمًا أنها ستجعل ألمانيا تدفع مبالغ طائلة للناتو على حد زعمه، وموضحًا أن التقارير التي تنتقد اللقاء أخبار كاذبة.
وعلق ترامب، صباح السبت، على "تويتر"، قائلًا: " على الرغم مما سمعتوه من أخبار وهمية حصلت على لقاء عظيم بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ومع ذلك تدين ألمانيا بمبالغ طائلة لحلف الناتو، ويجب على الولايات المتحدة أن تدفع المزيد من أجل الدفاع القوي والمكلف الذي تقدمه لألمانيا"