واشنطن ـ مصر اليوم
اهتزت الشبكة الإلكترونيّة عميقًا بضربة "وانا كراي" الذي أبرز انكشافًا مؤلمًا في مؤسّستين يفترض أنهما حصينتان حيال هجمات الاختراق. إذ صُنِع الفيروس من مكوّن "سُرِق" من "وكالة الأمن القومي" الأميركيّة مؤسّسة استخباراتيّة ضخمة متمرسة في التقنية الرقميّة، بل تستعملها في التجسّس على العالم بأسره. كما كان المكوّن الثاني لـ "وانا كراي" الآخر "مسروقًا من العملاق الأضخم في المعلوماتيّة: شركة "مايكروسوفت" التي ينتشر نظامها "ويندوز" على معظم حواسيب العالم!
وهناك مفارقة تمثّلت في أنّ استعمال عملة "بيتكوين" في طلب الفدية لقاء تحرير الحواسيب التي ضربها "وانا كراي"، بدا كأنه دفع بتلك العملة إلى مقدمة المشهد المعلوماتي والمالي والاقتصادي عالميًّا. صحيح أنّها كانت العملة المشفّرة رقميًّا الأولى، لكنها لم تحلّق إلى 16- 18 ألف دولار، إلا بعد تلك الضربة، وإذا كانت الخشية سائدة من كونها فقاعة قابلة للانفجار في أي لحظة، فإن ظاهرة العملات المشفرة رقميًّا مرجحة للصعود. إذ اختبرت مجموعة من البنوك المركزية عملات مشفّرة، لكنها لم تحسم الأمر مع "بيتكوين" فبقيت علاقتها مع العملات السياديّة معلّقة.
شهد 2017 سقوطًا مدوّيًا لرهانات إعلاميّة كبرى على الـ "سوشال ميديا"، بمعنى فشلها في أن تكون وسيطًا للإعلام العام، في مقابل عودة قويّة للوسائط التقليديّة كالتلفزيون وصحافة الورق. وبدت "سوشال ميديا" مكشوفة أمام التضليل المنظّم والأخبار الكاذبة، وفق ما تبيّن في تجربة ما يشار إليه بـ "التدخّل الروسي" في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. وعلى امتداد 2017، تكشّف أنّ "سوشال ميديا" كانت الأداة الفضلى لذلك التدخل. وتبيّنت مجريات مشابهة في غير انتخابات في أوروبا، إضافة إلى مساحات كالحرب في سورية والعراق وكردستان واليمن وغيرها. وصارت سهولة التلاعب بآراء الجمهور الرقمي، معطىً واضحًا في تلك العوالم، كما انضاف إلى استعمال "سوشال ميديا" أداة في عمليات الإرهاب الإسلاموي. واستطرادًا، وضعت الإنترنت وراء ظهرها مفاهيم راجت طويلًا على غرار "صحافة المواطن" و "إعلام الجمهور" و "الأفراد صُنّاع الإعلام" وغيرها.
وفي المقابل، لاحت بارقة أمل قويّة في اختتام 2017 مع إنجاز أول مكالمة مرئيّة- مسموعة عبر الإنترنت، محميّة بالتشفير الكمومي. وتحقّق ذلك بجهد مشترك بين الصين والنمسا، ما يضيف بعدًا آخر إلى الصعود الصيني المستمر في عوالم المعلوماتيّة، الذي رصده الإعلام بتوسّع.
وأطلق العلم وعدًا بحصاد ماء من هواء الصحراء، عبر سحب رطوبتها وتكثيفها، ثم تحويلها ماءً باستعمال طاقة الشمس النظيفة. وضجّت التقنيات البيولوجيّة بحراك ضخم. وظهرت أكياس بيولوجيّة تستطيع احتضان أجنّة غير مكتملة كي تُتِم نموّها فيها، مع آفاق لإنقاذ الولادات غير المكتملة للبشر. وفي صحن مختبر، تقوقعت مجموعة من الخلايا المستولدة بتقنيّات "البيولوجيا التركيبيّة" Synthetic Biology، فصارت أشبه بجنين، ما أثار قلقًا وفزعًا، وجدد نقاشات واسعة عن حدود العلم وأخلاقياته وقيمه وضوابطه.