القاهرة – أحمد عبدالله
القمة المصرية الأميركية حصدت مساحات واسعة من اهتمام الصحف المصرية الصادرة اليوم الأحد، وسط أغلبية من الأخبار المتعلقة ببرامج الزيارة واللقاءات المتوقعة. وأبرزت صحيفتا "الأخبار والأهرام"، مقاطع صحفية مميزة متعلقة بالزيارة، في الأولى مقال لرئيس تحريرها ، والثانية تصريحات للمتحدث الرسمي بإسم الرئاسة.
الصحفي البارز رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" ياسر رزق خصص الصفحة السابعة في الجريدة لكتابة مقال يتعلق بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأميركية، بعنوان "تفاعلات الكيمياء وهندسة السياسة .. في قمة السيسي وترامب اليوم"، أنشغل فيه رزق بتوضيح مدى حرص "ترامب" على لقاء السيسي، وكشف كواليس الترتيب للزيارة.
رزق قال: "اليوم يلتقي الرجلان للمرة الثانية، بين اللقاءين ٢٨ أسبوعا، و٣ اتصالات هاتفية، ولدى الرجلين رغبة مشتركة في استثمار تفاعلات كيمياء شخصية جمعت بينهما، لإعادة هندسة العلاقات المصرية الأميركية، التي تعرضت أعمدتها إلى ضربات ضارية بمعاول إدارة أوباما، ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون.
اللقاء الأول، كان يوم ١٩ سبتمبر/أيلول الماضي. وقتها كان الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارته الثالثة إلى نيويورك للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان دونالد ترامب ما يزال مرشحا رئاسيا، تجزم استطلاعات الرأي بهزيمته أمام منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وتعامله وسائل الإعلام كخاسر من قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم !
طلب ترامب لقاء السيسي، التعرف على الرجل الذى يكنُّ له إعجابًا على البعد، عبر عنه صراحة أكثر من مرة أمام أنصاره فى المؤتمرات الانتخابية. وما أن علمت منافسته هيلاري بالطلب، سعت هي الأخرى إلى لقاء السيسي، وتم اللقاءان بالفعل في فندق "بالاس"، في ليل الاثنين ١٩ سبتمبر/ايلول، حيث كان الرئيس يقيم خلال زيارته إلى نيويورك. وكان السيسى أحد أربعة أو ثلاثة زعماء يلتقي بهم المرشحان من بين أكثر من ١٤٠ من قادة الدول كانوا موجودين فى نيويورك. لم يفصل بين لقاءي السيسي مع المرشحين سوى دقائق. خرجت كلينتون من حيث ما دخلت من كراج الفندق متخفية. بينما شاهدت ترامب بعدها يدلف بقامته المديدة أمامي من حديقة المدخل الرئيسي إلى بهو الفندق، يومئ برأسه في ثقة إلى الموجودين، متبادلا معهم التحية وكان في الموقفين إشارة إلى الفارق بين شخصية كل منهما".
رزق كتب: بعد مكالمة التهنئة بين السيسي وترامب الذي فاز لتوه بمنصب الرئيس، أدلى ترامب بحوار تليفزيونى للمذيع الشهير لودوبز في قناة "فوكس بيزنس نيوز"، وفي الحوار سأله المذيع عن الرئيس السيسي.. فقال ترامب: "إنه رجل رائع. يسيطر على زمام الأمور فى مصر وأخرج الإرهابيين منها، واتخذ نهجا صارما مختلفا عما انتهجته إدارة أوباما، وأزال خطرهم حقا إلى حد كبير ولم تعد لديه مشكلة الآن، بعدما كان يواجه مشاكل هائلة فى الماضي".
وأضاف ترامب: "لقد جمعني به لقاء مثمر جدا واستمر طويلا، وكانت هناك كيمياء وشعور جيد متبادل بيننا، ولقد استمتعت كثيرا بالاجتماع وتعلمت كثيرا."
وتابع: ٤ ملفات رئيسية يحملها معه الرئيس عبدالفتاح السيسى ومعاونوه فى تلك الزيارة المهمة، للتباحث فيها مع الرئيس ترامب وأركان إدارته، ومع قيادات الكونجرس بمجلسيه، ومع البنتاجون وقيادات المؤسسة العسكرية الأمريكية، ومع مجتمع الأعمال وصناع السياسات، فالقرار فى النهاية رغم شخصية الرئيس الأمريكى الجديد المعروف عنه تبنى أفكار مخالفة لتقاليد المؤسسة السياسية الأمريكية التى جاء من خارجها، ليس قرار الرئيس بمفرده، وإنما تكتنفه تشابكات التوازن بين السلطات والتركيبة داخل الكونجرس وتأثيرات جماعات الضغط.
الملفات -بحسب مقال رزق- العلاقات الثنائية والتعاون المصري الأميركي، وملف مكافحة الإرهاب، وملف القضية الفلسطينية، وملف أزمات المنطقة".
وأختتم رزق: على مدى ١٥٠ دقيقة تنعقد ظهر اليوم أول قمة مصرية أمريكية بين الرئيس السيسى وترامب فى البيت الأبيض، تبدأ بلقاء ثنائى، ثم جلسة مباحثات موسعة يحضرها أعضاء الوفدين، تمتد إلى مأدبة غداء يقيمها الرئيس الأمريكى تكريماً للرئيس السيسى فى زيارة العمل الأولى التى يقوم بها الى واشنطن.
الكيمياء التي تحدث عنها ترامب بعد لقائه الأول بالسيسي، تهيئ الأجواء لنجاح هذه القمة فى اعادة هندسة العلاقات المصرية الأميركية.. لكن يبقى السؤال.. هل تصدق نوايا الرئيس ترامب التى أفصح عنها للرئيس السيسى فى لقائهما الأول منذ ستة أشهر، حينما قال: "ستجدون أميركا في إدارتي ليست فقط حليفاً لمصر، وإنما صديق وفيّ يمكنكم الاعتماد عليه فى الأيام والسنوات المقبلة"؟
الإجابة متروكة لنتائج مباحثات اليوم وما بعدها!
أما على صعيد ابرز التصريحات الخاصة بالزيارة، جاءت المنشورة في صحيفة الأهرام، على لسان المتحدث بإسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، والتي قال فيها أن الرئيس سيعرض حقيقة الأوضاع في مصر على الإدارة الأميركية، وأنه سيكون هناك تقييم برامج المساعدات وتطويرها لتحقيق الفائدة المرجوة منها. وشدد يوسف،على أن زيارة الرئيس السيسي للولايات المتحدة تكتسب أهمية كبيرة لأنها تأتي في وقت تتزايد فيه التحديات فى منطقة الشرق الاوسط.
وهناك تحديات مشتركة تواجهها مصر مع الولايات المتحدة، وعلى رأسها تحدى الارهاب، حيث ستكون الزيارة فرصة لإطلاع الجانب الامريكى على مواقف الجانب المصرى ورؤية مصر لسبل حل هذه المشكلة التى أصبحت آفة يجب العمل على القضاء عليها من خلال جهد دولى واستراتيجية شاملة لا تقتصر فقط على الجوانب الأمنية والعسكرية، بل تمتد إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية.
وأكد على أهمية الجانب الاقتصادي من مباحثات الرئيس السيسي مع كبار المسئولين الامريكيين ليس فقط لإطلاعهم على خطوات الاصلاح الاقتصادى فى مصر وانما ايضا لتقييم برامج المساعدات التى قدمتها الولايات المتحدة لمصر على مدى عقود طويلة، والعمل على تطويرها وتحسينها لتحقيق الفائدة المرجوة منها. واشار إلى أن الادارة الاميركية الجديدة فى مرحلة بلورة تصورها لهذه المساعدات، ولافتا الى أن المباحثات بين الحكومتين المصرية والأميركية ستتواصل بعد الزيارة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من المساعدات.
وقال السفير علاء يوسف إن البيت الابيض أصدر بيانا يؤكد دعم الولايات المتحدة لمصر لتحقيق برنامج الاصلاح الاقتصادي وحرصها على دفع مسيرة التنمية الاقتصادية فى مصر، ومد يد العون لمصر لمساعدتها على التنفيذ الكامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. وأوضح أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن تأتي فى إطار زيارة عمل للولايات المتحدة فى أول لقاء مع الإدارة الاميركية الجديدة فى اطار روابط الشراكة الاستراتيجية المتميزة بين البلدين على مدى عقود طويلة .
وأشار إلى أن هذه العلاقات دائما ما كانت عنصرا رئيسيا فى إرساء دعائم السلام والاستقرار فى المنطقة الشرق الاوسط على مدى السنوات الماضية. كما أوضح ان الزيارة تهدف الى بدء التنسيق والتشاور مع الإدارة الأميركية الجديدة وإطلاعها على اهم التطورات السياسية والاقتصادية التى تشهدها مصر، فضلا عن تبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية وأهم تطورات النزاعات فى الشرق الأوسط.
وأضاف المتحدث الرسمى أنه الى جانب لقاءات الرئيس السيسى مع الإدارة الامريكية ستكون هناك لقاءات على مستوى الكونجرس الأمريكي وأعضاء ورؤساء اللجان المختلفة فى مجلسى الشيوخ والنواب، وكذلك لقاءات مع مجتمع الاعمال الأمريكى ومع أعضاء غرفة التجارة ورؤساء أهم الشركات التى تعمل فى مصر أو ترغب فى الدخول الى السوق المصرية. وأشار الى ان الرئيس السيسى سيعقد أيضا لقاءات مع مسئولى البنك الدولى وصندوق النقد الدوليين لمتابعة ما تم تحقيقه خلال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته الحكومة المصرية فى شهر نوفمبر/تشرين الأول الماضي.
وأكد ان القضية الفلسطينية ستظل القضية الرئيسية لمصر وتحتل مرتبة متقدمة فى السياسة الخارجية المصرية، وان مصر لم تألُ جهدا على مدى سنوات طويلة من اجل العمل على التوصل الى تسوية شاملة وعادلة تقوم على قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، مشيرا الي ان الاجتماع الثلاثى التنسيقى الذى عقده الرئيس السيسى على هامش القمة العربية فى الاردن مع الملك عبد الله الثانى والرئيس محمود عباس كان فرصة للتشاور بشأن سبل دفع عملية السلام.
وبالنسبة لقضية الحريات وحقوق الانسان، أكد أن الرئيس السيسي سيتناول خلال الزيارة جميع التطورات السياسية فى مصر، وأنها ستكون فرصة لاطلاع الإدارة الأميركية مباشرة على حقيقة الوضع فى مصر والاستماع الى ملاحظاتهم والرد عليها. وحول ما يثار بشأن نقل السفارة الاميركية إلى القدس، قال السفير علاء يوسف ان الرئيس السيسي سيطلع الجانب الأميركي على موقف مصر ورؤيتها لجميع جوانب القضية من وجهة نظرها على أساس اطلاعها على تطورات الاوضاع فى المنطقة.
واضاف ان القضايا الاقليمية تمثل عنصرا رئيسيا فى مباحثات الرئيس السيسى فى الولايات المتحدة لاطلاع المسئولين الأمريكيين على موقف مصر الداعم للتوصل الى تسوية سياسية للأزمات فى المنطقة باعتبارها السبيل الوحيد لانهاء العنف ووقف اراقة الدماء.
وأشار إلى أن الزيارة ستؤكد موقف مصر بضرورة اعتبار كل التنظيمات المتطرفة فى المنطقة على وجه واحد بمسميات مختلفة، وهى الرؤية التى ربما لا يطلع عليها الجانب الأمريكى بشكل كامل.
وحول مسألة اعتبار الجانب الأمريكى جماعة الاخوان المسلمين منظمة ارهابية، قال السفير علاء يوسف إن الادارة الأمريكية تدرس الموضوع من جميع جوانبه،وقال دعونا لا نستبق الاحداث فى هذا الأمر.
واشار الى أن الرئيس السيسى سيلتقى خلال الزيارة عددا من الشخصيات المؤثرة وذات النفوذ فى المجتمع الأمريكي، ومنها جماعات الضغط ذات النفوذ فى المجتمع الأمريكي، فضلا عن العديد من الشركات الامريكية الراغبة فى الاستثمار فى مصر
وأوضح المتحدث الرسمى ان من أهم أهداف الزيارة العمل على زيادة التبادل التجارى ونشاط الشركات الامريكية فى مصر والمساهمة فى المشروعات القومية الكبرى فى مصر، مشيرا الى ان الاستثمارات الامريكية فى مصر وحدها تمثل 33% من اجمالى الاستثمارات الامريكية فى القارة الافريقية، وقال ان الرئيس اصطحب معه وفدا من أعضاء المجموعة الاقتصادية لشرح الاجراءات التى تتخذها مصر لتذليل العقبات أمام المستثمرين وإتاحة مناخ أفضل للاستثمار.
وشدد على ان مصر منفتحة على الجميع وأنها تهدف إلى البناء والتعاون والتنمية، كما لها مواقف ثابتة بعدم التدخل فى شئون الآخرين أو السعى لأن تلعب دورا بمفردها، كما انها تسعى لاقامة علاقات طيبة مع جميع الدول تقوم على أساس الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة.
وأوضح أن الملف الليبى سيكون من الموضوعات المهمة التى سيتناولها الرئيس خلال الزيارة.
وقال ان موضوع دعم اللاجئين والدول المستقبلة لهم سيفرض نفسه على أجندة المباحثات مع الجانب الامريكي.