قناة روسيا اليوم

تواجه القناة الإخبارية "روسيا اليوم"، التي يقع مقرها في "الكرملين"، ست تحقيقات من طرف الهيئة المسؤولة عن تنظيم وسائل الإعلام في بريطانيا "أوفكوم"، بعدما دخلت معركة الاستحواذ على قلوب وعقول المشاهد العالمي للأخبار التلفزيونية، عبر إطلاق نسختها المخصصة للمملكة المتحدة.

وتعدّ هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها شبكة إخبارية خارجية خدمة تستهدف على وجه التحديد المشاهدين البريطانيين، ويتبع هذا الإطلاق، الذي كان الأربعاء الماضي، إزاحة الستار عن استوديوهات جديدة لشبكة "الجزيرة"، التي تمولها دولة قطر، في شارد، وسط لندن.

وأحدثت معركة الاستحواذ، التي من أبرز لاعبيها شبكات "روسيا اليوم"، و"الجزيرة"، وقنوات الدوائر التلفزيونية المغلقة التي تمولها الدولة الصينية، وشبكة الإذاعة البريطانية العالمية وشقيقتها "بي بي سي" للأخبار العالمية الممولة اقتصاديًا، وابلاً من هجوم القوة الناعمة.

ويعمل فرع شبكة "RT"، التي تلقت تمويلاً من فلاديمير بوتين، لتصل قيمتها إلى 250 مليون جنيه إسترليني سنويًا، ولقيت انتقادات لكونها بمثابة بوق دعاية للحكومة الروسية، تحت تدقيق شديد.

وتواجه النسخة الدولية من "RT"، وهي اختصار لروسيا اليوم، ستة تحقيقات مستقلة من طرف "أوفكوم"، بما في ذلك تغطيتها لإسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية من طراز "MH17".

وفي سياق متصل، رأى المدير السابق لـ"بي بي سي" للأخبار العالمية، ومدير مركز الصحافة في جامعة كارديف، ريتشارد سامبروك أنه "من المنظور التحريري فإن موقفها واضح، وهو أنها تسير وفق أجندة الكرملين".

وأضاف "إنها خطوة مثيرة للدهشة لتركيز الموارد على المملكة المتحدة،  هي ليست اقتراحًا تجاريًا، ومن ثم فإن الهدف الرئيسي هو لكسب النفوذ وهذه هي القوة الناعمة للكرملين".

وكانت "RT"، في استعدادها لإطلاق نسختها في المملكة المتحدة، وخدمة قناة "الجزيرة بالإنجليزية"، التي تمولها الحكومة القطرية، عامل التوظيف في المملكة المتحدة، في الأشهر الـ12 الماضية.

ويأتي هذا على النقيض من شبكة "بي بي سي"، التي شهدت تخفيضات في الميزانية، وتواجه المزيد من عدم اليقين بعد أن تحول تمويلها من تمويل حكومي إلى فرض رسوم على مشاهدة القناة في نيسان/أبريل الماضي.

وأوضح مدير "بي بي سي" المنتهية ولايته بيتر هوروكس أنَّ "الخدمة العالمية بمثابة الصد الحاجز للتطرف والإثارة التي تعرض بكثرة في شبكة روسيا اليوم، فهناك دور أقوى لهيئة الاذاعة البريطانية لتلعبه".

وأشار إلى أنَّ "بي بي سي لا تقدم الأخبار من وجهة نظر أو منظر بريطاني، ولكن نقدمها مباشرة، وهذا من المفارقات التي تعزز سمعة الإذاعة البريطانية على الصعيد العالمي".

واستهدف المدير العام لـ"بي بي سي" توني هول، أن يصل الانتشار العالمي للشركة إلى 500 مليون شخص مع حلول عام 2022، وهو في الوقت الراهن 256 مليون، بما في ذلك 192 مليون عبر الخدمة العالمية في أشكالها المختلفة، وسوف تواصل الشبكة عرض الإعلانات، جراء الذعر من بعض منتقديها، وذلك بهدف المساعدة في الحفاظ على تمويلها في المستقبل.

وأبرز هوروكس "أصبحت الجزيرة أكثر بكثير من كونها لاعبًا، التي أطلقت نسختها في ولايات المتحدة الأميركية العام الماضي، بعد عملية شراء بقيمة 500 مليون دولار (312 جنيه استرليني) لشراء قناة آل غور TV".

وتنافس قناة "الجزيرة"، التي رفضت اتهامات بالتحيز، "بي بي سي" و"سكاي نيوز" للفوز بجائز القناة الإخبارية، التي تقدمها الجمعية الملكية لجوائز الصحافة التلفزيونية منذ عامين.

واعتبر مدير الأخبار باللغة الإنجليزية في قناة "الجزيرة" صلاح نجم أنَّ "قناة الجزيرة تعطي صوتًا لمن لا صوت لهم، والأخبار غير المكشوف عنها في العالم، فهي تضع الخبر الإنساني في قلب تقاريرها، فلدينا الهدف نفسه الذي تنتهجه بي بي سي، حتى نتسم بالمصداقية والمحايدة".

ومن جانبه، أكّد مدير شبكة "فرانس 24"، المملوكة للحكومة الفرنسية، مارك صيقلي، والتي تبث إذاعتها أيضًا في المملكة المتحدة، أنه "اكتفى بالمشاهدة مع الحسد في الموارد التي تنشرها روسيا اليوم".

وتابع "أنا غيور من ما تقوم به RT في المملكة المتحدة، لأنه يعني أنَّ لديها الكثير من المال، فنحن لدينا فقط 52 مليون يورو (أي نحو41 مليون جنيه إسترليني) لثلاث قنوات".

وأبرز أنه "لا يوجد تأثير للحكومة على فرانس 24، فإذا حدث خطأ ما في القناة سنتحدث عنه، فكل ما نريده هو أن نتسم بالوضوح والشفافية".

وستقدم قناة "RT" في المملكة المتحدة برامجًا لمدة خمس ساعات يوميًا، التي تبث من الاستوديو الجديد في ميلبانك، وبقية جدول سيكون محتواه من القناة الدولية.

ومن المرجح أن يخضع بثها للرصد عن كثب من طرف النقاد، لاسيما في تغطيتها للأحداث الأوكرانية، التي كانت موالية بلا خجل لروسيا.

وناشد رئيس التحرير التنفيذي لمدونة "المحافظين" مارك والاس متابعي "ستمنستر" بـ"ألا يظهروا على قناة روسيا اليوم في المملكة المتحدة، معتبرًا في تغرية له أنّه "لا يوجد جانب إيجابي في مساعدة الكرملين على نشر دعايته".

يذكر أنَّ "أوفكوم" أغلقت مقر بث قناة "بريس تي في"، وهي القناة الإيرانية الممولة من الحكومة باللغة الإنجليزية في المملكة المتحدة، منذ عامين، بعد أن تمّ إلغاء ترخيصها على خلفية انتهاكها المستمر للوائح البث.