مُعلمة مصرية

العمل الإنساني الخيري هو الركن الحي الذي يُنعش الحياة ويُضفي عليها لونًا مختلفًا وسط زحامها وضغوطها، وفي إحدى قرى محافظة القليوبية المصرية، قدمت سيدة نموذجًا إنسانيًا فريدًا من نوعه، من خلال تقديم خدمات مختلفة لمكان عملت فيه لأكثر من 30 عامًا. تقف داخل أحد الفصول، تعلم الطلاب بطريقتها التي أحبها المئات من أبناء المدرسة على مدار 3 عقود متتالية، وعندما تحولت من مُعلمة إلى مديرة المدرسة، قررت أن تُكمل مسيرتها بشيء مختلف، دون النظر لأية معوقات، هي دولت علوان، زوجة وأم ومعلمة ومديرة مدرسة الإصلاح الابتدائية المشتركة سابقًا.

بعد أن أصبحت مديرة للمدرسة عام 2015، قررت دولت أن تُغير الكثير من الأخطاء التي شاهدتها وهي معلمة بها، وكان على رأسها العجز في أعداد المدرسين بالمدرسة، عن طريق الخدمة العامة والعمل التطوعي، وتخصيص مقابل مادي للمتطوعين من دخلها الخاص، فحققت هدفين الأول توفير معلمين للطلاب، والثاني تشغيل أبناء القرية.تقول دولت : "من سنة 1990 وأنا أعمل في هذه المدرسة، فكانت بيتي الثاني بل الأول، هي جزء مني، طلابها هم أبنائي ومعلميها أسرتي الكبيرة، وكنت أعاني كثيرًا من عيوب المكان، ومنذ أن حصلت على الأمر التنفيذي بإدارة المدرسة في شهر أكتوبر من 5 سنوات، فكرت في تحسين أحوالها".

وأضافت: "كان عندي عجز صارخ في المدرسة، كنت أتعاون مع الخريجين من كليات مختلفة لسد هذا العجز وتدريس المواد بكفاءة جيدة للتلاميذ، وكنت أدفع لهم من جيبي الشخصي مقابل مادي رمزي على عملهم"، ولم تكن مشكلة عجز المدرسين هي الوحيدة في المدرسة، بل يوجد مشكلات تتعلق بصحة الطلاب، نتيجة لعدم نقاء المياه التي يشربها الأطفال داخل أسوار مدرستهم.

 وتحكي ابنة قرية ميت حلفا بقليوب، قائلة: "كان الطلاب يشربون مياه ملوثة تقريبًا والمواسير غير صالحة للاستخدام الآدمي بالمرة، فقمت بتصليح خط المياه وتركيب آخر وعمل صيانات دورية لها خلال فترة إدارتي لللمدرسة، وبلغت تكلفة الأعمال ما يصل إلى 59 الف جنيه وكله من مالي الخاص".
وأصلحت دولت، مراحيض المدرسة وسلبيات أخرى متعلقة بالبنية التحتية لها، وبناء ملحق إضافي للمدرسة لتقليل الكثافة الطلابية داخلها وزيادة عدد الفصول، وأغلقت أية مشاريع تجارية كانت تُقام داخل أسوار المدرسة بهدف الربح طالما أنها كانت تؤثر على العملية التعليمية، ومنعت الدروس الخصوصية.

وأوضحت أن موقفها نابع من حبها الشديد للمكان الذي قضت فيه كثير من أيام حياتها، قائلة: "الجامع ناس كثيرة تتبرع له وتساهم في تطويره أما المدارس لا يهتم بها أحد بالقدر نفسه ولا يُنظر لها في أعمال الخير"، لم تكن جهودها لتُكلل بالنجاح، لولا وقوف زوجها إلى جوارها ودعمها في هذه المشاريع، وعدم اعتراضه على ما تقوم به من أعمال خيرٍ، على حد قولها.
ومن جانبه قال الزوج مصطفى إبراهيم، مدير تسويق وصاحب مصنع: "كل ما قمنا به هو توفيق من الله بالتأكيد، ولكن الناس يجب أن ينظروا إلى المدارس، وهي أولى من المساجد حاليًا، من المفترض أن يتوجه الأثرياء إلى مساندة ودعم هذه الأماكن التعليمية، لأنها هي سبب تقدم الدول، التعليم هو الأساس والوسيلة التي ساعدت كثيرين للتقدم في حياتهم".
وأضاف: "عندما تولت زوجتي إدارة المدرسة كانت شبه منهارة، ولكن قررنا أن نتعاون سويًا لتحسين أحوالها، ودعمت زوجتي في تصرفاتها ولم أعترض على أية مبالغ تم صرفها في هذه الأعمال الخيرية، ونقوم حاليًا بإعداد معهد ديني خيري أيضًا في قريتنا، ونعتبر ما نفعله تجارة مع الله".

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

9 منصات إلكترونية للدراسة من 3 إعدادى إلى الثانوية العامة

معلمة تركية تُطلق مبادرة "من باب إلى باب" لتدريس تلاميذها بشكل مباشر