مدرسة "أم السلطان"

"حكايات بداية التعليم زمان في مصر  ؟".. حكايات كل سطر فيها يزيدنا فخرًا وحنينا إلى الماضي، فجميع القصص والذكريات تؤكد أن التعليم زمان كان هو الأساس الذي بنت عليه مصر تاريخها وإنجازاتها اللاحقة، وهو ما ساعد على أن يولد من رحم نظام التعليم المصري القديم الكثير من العظماء والوزراء والعلماء والمشاهير الذين تتشرف بهم مصر الآن.
وفي هذا التقرير، قررنا إلقاء الضوء على حكاية مدرسة ام السلطان شعبان التي تقع في شارع باب الوزير بالقاهرة، والتي أنشئت على يد السلطان الأشرف ناصر الدين شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون عام 770 هـ / 1368م.

وقد سماها السلطان الأشرف ناصر الدين شعبان باسْم اُمِه خوند بركة، التي كانت ذات حسن وجمال وعقل ورأي سديد، والتي انشات الى جانب المدرسة الربع المعروف بِرَبْع أم السلطان بالقرب من جامع الأقمر، حيث أعُدت هذه المدرسة لتكون مدرسة للشافعية والحنفية ، وكان بابها العام حافل بالزخارف، ونقش على جانبيه كتابات تاريخية.
وكٌتب على جانبي الباب العام وهو حافل بالزخارف ما نصه : "بسم الله الرحمن الرحيم الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة - الآية- أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة لوالدته مولانا السلطان الملك الأشرف شعبان بن المرحوم حسين سلطان الإسلام والمسلمين قاتل الكفرة والمشركين محيي العدل في العالمين مظهر الحق بالبراهين حامي حوزة الدين عز نصره.
ويطل مبنى المدرسة على الشارع، وهي مقسمة إلى جدران غائرة مستطيلة بارتفاع المبنى تنتهي من أعلى بصفوف من المقرنصات، ويتوج الواجهة شرف على هيئة أوراق نباتية ثلاثية البتلات، ويقع على يمين الواجهة ضمن جدار غائر يتوّجه عقد وتزينه تسعة صفوف من المقرنصات ، ويعتبر هذا المدخل بمقرنصاته المذهبة وزخارفه المورقة وكتاباته الكوفية من أجمل المداخل وأندرها تصميمًا.

ويقوم على يسار الباب سبيلٌ أُقيم على وجهِه حجابٌ من الخشب المجمَّع بأشكال هندسية، يُعدُّ النُّموذجَ الأوَّل من نوعه، والمدخل الرئيسي يؤدِّي إلى طُرْقة بصدرها صفَّة على يمينها باب يؤدِّي إلى الكُتَّاب، وعلى يسارها باب يوصِّل إلى طُرْقة مستطيلة بصدرها باب مغطَّى بمقرْنصات عليها كتابات، وعلى يمين الدَّاخل من الدهليز لوح رخام أزرق مقسَّم باللَّون الأخضر، منقوش فيه: "الحمد لله، أنشأ هذه المَدْرسةَ المباركة مولانا السُّلطان المَلِك أعزَّ أنصاره لوالدته، تقبل الله منهما".
ويقول المقريزي: "هذه المَدْرسة خارج باب زويلة بالقُرْب من قلعة الجبَل، يُعرف خَطُّها بالتبَّانة، وموضعها كان قديمًا مقبرة لأهل القاهرة أنشأتها السِّت الجليلة الكبرى أُم السلطان الملك الأشرف شعبان بن حُسين في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وعَمِلت بها دَرْسًا للشافعية ودرسًا للحنفيَّة، وعلى بابها حوض ماء للسَّبيل، وهي من المدارس الجليلة، وفيها دُفن ابْنُها الملك الأشرف بعد قتله".

وتتكون المدرسة من أربعة إيونات متعامدة مبنية من الحجر تحيط بصحن مكشوف ، وأكبر الإيوانات إيوان القبلة الجنوبي الشرقي الذي احتفظ بكسوة رخام المحراب، وقد زينت بعض أضلاع أعمدة المحراب المثمنة زخارف مورقة محفورة. ويقع على كل جانب من إيوان القبلة غرفة ضريح مربعة الشكل مبنية من الحجر.
ويقع الضريح الصغير (ضريح الرجال) على يمين الإيوان، وخصص لدفن السلطان شعبان وابنه الملك المنصور حاجي. ويقع الضريح الكبير (ضريح النساء) على يسار إيوان القبلة، وخصص لدفن أم السلطان شعبان، خوند بركة (توفيت عام 774 هـ / 1373 م)، وابنتها خوند زهرة، وكان يوجد بالإيوان الشرقي قبتان، خصصت القبلية منهما لدفن السلطان شعبان ودفن فيها أيضًا ابنه الملك المنصور حاجي، والقبة البحرية أعدت لدفن خوند بركة أم السلطان شعبان وقد دفنت معها ابنتها.

ويغطي كل ضريح قبة زوِّدت مناطقها الانتقالية من الداخل بحنيات ركنية ،  ويعتبر هذا العنصر غير شائع في قباب العصر المملوكي، إذ اقتصر على بعض قباب المباني المملوكية التي ترجع إلى النصف الثاني من القرن 8 هـ / 14 م ، ويعتبر استخدام الحنيات الركنية في مناطق الانتقال في القباب من مميزات القبة الفاطمية منذ نشأتها، حيث يُذكر أن القبتان مفصصتان من الخارج وتشبهان قبة المدرسة الركنية في دمشق التي تنتمي إلى العصر الأيوبي، ولكن القبتين في مدرسة أم السلطان شعبان أكثر تطورًا من قبة المدرسة الركنية.
ويدل ما تبقى من المدرسة على أنها كانت غنية بزخارفها، فقد كانت السقوف ملونة مذهبة والأرضيات مفروشة بالرخام، كما أن التذهيب كان مستخدمًا في الزخارف الحجرية والرخامية، وهناك كرسي نُقل من المسجد إلى دار الآثار العربيَّة من الخشب، ذو سِتَّة أضلاع مُحلاَّة بزخارف دقيقة من السنِّ والأبنوس، كما نُقلت إليها مِشْكاوات من زجاج بالمينا.

قد يهمك أيضًا:

شوقي ينشر فيديو جديدا بخصوص منصة edmodo وكيفية رفع الأبحاث عليها

«التعليم المصرية» تشدد على عدم ربط استلام الأبحاث بدفع المصروفات