برنامج لتطوير الطفولة في وقت مبكر

عمدت كاري ستيوارت في حلقتها من برنامج "غلوبال ديفلوبمنت بودكاست" إلى زيارة هافانا العاصمة الكوبية، لتتحدث مع الأسر والأمهات والأطباء والمعلمين حول برنامج كوبا بشأن تنمية الطفولة المبكرة والذي حقق نجاحًا منقطع النظير، فوفقًا لوزارة التعليم الكوبية يوجد نحو 855 ألف طالب أو أكثر تحت سن السادسة الآنو 99.5 في المائة من هؤلاء الأطفال يرتادون برنامج تعليم الطفولة في سن مبكرة أو المؤسسة، واستطاعت الدولة أن تجني تحقق نتائج جيدة في هذا البرنامج التعليمي. 

وتعطي كوبا الأولوية للبرامج الخاصة بتنمية الطفولة المبكرة وذلك منذ أكثر من 60 عامًا، فالطفولة المبكرة هي الفترة الرئيسية التي ينمو فيها المخ ويتطور وأثناء سنوات الحياة الأولى وخاصة الألف يوم الأولى يتميز دماغ الطفل في هذه الفترة بالمرونة، وهذا يعني أن التجارب الإيجابية مثل التغذية الجيدة والبيئة الأسرية الآمنة والمستقرة تعود بالنفع على التنمية وتشكيل دماغ الطفل بينما التجارب السلبية مثل التعرض إلى الكحول قبل الولادة والعنف ونقص التغذية يتسبب في تنمية سلوكية غير طبيعية وهو ما يعوق إمكانات الطفل.

وتعليقاً على ذلك أوضح بيا ريبيلو بريتو مستشار ومدير عالمي لتنمية الطفولة المبكرة في منظمة اليونيسي، أنه يمكن للخلايا أن تجري اتصالات في هذه المرحلة العمرية بما يقرب من ألف اتصال في الثانية، وحتى أن هذه الوفرة موجودة في هذه المرحلة المبكرة فالسنوات الأولى لا تتكرر مرة أخرى بنفس الطريقة، مضيفا: "تقع علينا مسؤولية الاستفادة من ذلك لأن هذا هو الوقت الذي يكون فيه للطفل إمكانات قصوى للتعلم والاستيعاب من البيئة المحيطة".

وأوضحت لينا غارسيا وهي أم تبلغ من العمر 27 عامًا وابنها لويس الذي أكمل شهره العاشر، أنها أجرت فحصًا عندما كانت حاملًا في الأسبوع الـ 11، وتم عمل هذا الفحص حوالي 3 أو 4 مرات طوال فترة الحمل لمعرفة ما إذا كان الطفل ينمو بشكل جيد، أما الدكتور مانويل برافو   الطبيب المعالج للينا غارسيا يعمل في مستوصف ولادة في منطقة بلايا في هافانا ويدير برنامج الرضع والأطفال أشار إلى وجود 4 مجموعات فرعية من الأسر، المجموعة الأولى من المفترض أن تكون أفرادها أصحاء والثانية تكون معرضة إلى الخطر والمجموعة الثالثة من المرضى أما الرابعة فيكونوا معاقين.

وأضافت لينا غارسيا أنها في نهاية فترة الحمل يتم عمل فحص أسبوعي، وبعدها عندما يحين موعد الوضع يصبح الفحص أكثر تواترًا، ثم بعد ذلك تتم متابعة الطفل مرة واحدة في الشهر حتى يتم عامه الأول حيث يتم قياس وزن الطفل، ثم تعطى التعليمات بما يجب أن يأخذه الطفل وما لا يأخذه، وكذلك اللقاحات الخاصة به.

وأوضحت كاري ستيوارت أنه في بعض الأحيان يمكن البدء في مرحلة تنظيم الأسرة وتستمر الرعاية على نفس المستوى بمجرد ولادة الطفل، لكن خدمات تنمية الطفولة المبكرة في كوبا ليست إلزامية لكن تمول بالكامل من قبل الدولة وتصل إلى نظم التعليم والصحة الوطنية، وتعمل الدكتورة غيزيلا ألفاريز مع الدكتور برافو فلاتوس في المستشفى، ويكونون فريق يضم 3 أفراد للعناية بالأم والطفل كما توجد ممرضة ضمن الفريق.

وكشفت الدكتوره غيزيلا ألفاريز أنه عندما يكون هناك طفل عمره أقل من عام ويعاني من زيادة في الوزن على غير المعتاد فإنه ينتقل من المجموعة الفرعية الأولى إلى المجموعة الثانية، فهو طفل معرض للخطر كما أن الإجراءات الصحية التي تنفذ من قبل الطبيب والممرضة تهدف إلى تعديل هذا الخطر، كما أنهم يخبرون الأسرة حول كيفية إطعام الطفل وذلك حتى لا ينتقل الطفل إلى المجموعة الثالثة الخاصة بالأطفال المرضى.

وأضافت ألفاريز: "لا يمكن للقطاع الصحي أن يحقق كل هذا بمفرده ويتم هذا بالتنسيق مع وكالات أخرى معنية بصحة السكان، لدينا هنا نظام رعاية صحية وحيد يتم تطبيقه على الصعيد الوطني في المناطق الجبلية والمدن والعاصمة حيث نحن موجودون الآن، كما أنه لدينا منظمات جماهيرية مثل اتحاد المرأة الكوبية والذي يجمع النساء بعد سن 14 عامًا، لأن هذه المنظمات تقوم في المجتمع لذا يمكنهم بسهولة معرفة أين توجد المرأة الحامل وما إذا كانت أم عزباء أو أنها لا ترضع الطفل طبيعيًا".

وأكدت كاري ستيوارت أن الدمج يعد واحدًا من نقاط القوة في النموذج الكوبي، حيث يتم تنسيق عمل جميع المؤسسات وربطها بجميع المستويات الخاصة بالتنظيم الإداري السياسي للدولة، كذلك يهتم المستوصف بنحو 1,072 مريض والتركيز الدائم للمستوصف هو على الوقاية، بالإضافة إلى ذلك يتم الاهتمام بالأمهات السجينات، وعلقت ألفاريز على ذلك قائلة: "عندما تكون هناك امرأة أو أم سجينة،  خلال فترة الحمل فإنها تكون تحت نظام وصاية حيث يبقى الطفل معها في السجن خلال عامه الأول فقط".

وأشارت مارغريتا هيرنانديز رودريغيز والتي تسهل البرنامج حتى عمر 10 أشهر أو للعائلات في جون لينون بارك، وهو مخصص للأطفال من سن عام وحتى 6 أعوام والذين لا يذهبون إلى مراكز الرعاية النهارية أو الفصول الدراسية لمرحلة ما قبل المدرسة، أن هذا المكان تجتمع فيه العائلات معًا، وهو برنامج مجتمعي وبرنامج تعليمي، لأن المجتمع يشارك فيه وكذلك العائلات أيضًا.

وأضافت رودريغيز: "إنها حديقة ذات أشجار مورقة تتميز بأنها تعطي مساحة من الظل، وهناك جزء من التعليم على الأعشاب حتى نعلمهم كيفية الاعتناء بالبيئة وعدم إلقاء القمامة والسير على الحشائش كما أنهم يقومون بأنشطة في الحديقة في المناطق الخرسانية الواسعة، حيث تقيس الحديقة معدل الأنشطة وأداء أنشطة تحفيزية".

ومن جانبها علقت إيرينا بيريز فالديز: "أنا جدة وهذا لويس كورتو مالاندا ونحن أجداد لويس أليخاندرو مالاندا كورتو وجميعنا أسرة عاملة، والأم والولد ليس لديهم مصدر رزق كما أن والده يعمل لحسابه الخاص وكذلك جده، ولقد تركت العمل للاعتناء بالطفل وعندما نأتي إلى هنا يقوم جميع أفراد الأسرة بممارسة الأنشطة.

وأضافت عمارة كوينتيرو غويكوتشيا: "أعمل في وزارة التعليم وأنا المنسق الاستراتيجي للبرنامج الوطني وأهتم ببرنامج "علم طفلك"، وهذا البرنامج هو نتاج مشروع بحثي استمر لـ 10 أعوام وبالعودة إلى النتائج في عام 1992، والتي أظهرت أن الأطفال لم يحققوا مستوى تعليمي جيد في الصف الدراسي الأول، لذا قام فريق من الباحثين بتدريب كل من الآباء والأمهات لتحفيز تطور أبنائهم، ومع مرور الوقت يدخلون المدرسة عندما يكونون على استعداد لها، وكانت النتائج إيجابية جدًا وتم تطبيق البرنامج ببطء في مناطق أخرى، وبعد مرور 10 سنوات تقرر البدء في تقديم البرنامج ببطء على المستوى الوطني ونحن الآن في عامنا الـ 25 وقد ثبت أن برنامج "علم طفلك" له نتائج إيجابية بين الأسر الكوبية".

وأشارت ماريا تيريزا كابريغا وهي تعمل في وزارة التعليم في بلازا دي لا ريفولوسيون، إلى أن هذا البرنامج انتشر على المستوى الوطني وعلى مستوى جميع مجالس البلدية وهذا أمر مهم جدًا، وهو ليس مجرد أم تحضر أطفالها إلى هنا بل يمكن للأجداد والأعمام والخالات والآباء القيام بذلك، وهو ما يستغرق مزيد من العمل لجعلهم يشاركون في هذه الأنشطة لكنهم الآن أكثر اندماجًا في البرنامج.
وأوضحت مارتا كوباديا أنها أتت إلى هذا المكان منذ أن كان ابنها في الثانية من عمره، قائلة: " أولادنا يتطورون كثيرًا منذ أن أتوا إلى هنا، فهو يتعلم كيف يتعامل مع الأطفال الآخرين ويقومون بكثير من الأنشطة والتغير الذي يلاحظ على الأطفال أمر لا يصدق، نحن نعمل لذا دائمًا ما يأتي مع جده أو خالته فالجميع يأتون إلى هنا".

وأكدت الدكتورة مونيكا، وجود نشاط كل شهر، كما يمكن للآباء رؤية كيف يتقدم أطفالهم؟ وما هي الصعوبات التي يواجهونها؟، مضيفة: "يحب الأطفال هذا المكان وهذا أمر مهم جدًا ويمكنك قول هذا خاصة، الاثنين، حتى أنهم عندما  يقضون معك عطلة نهاية الأسبوع ويخرجون معك يكونون سعداء فهم لا يزالون يتطلعون إلى الذهاب إلى وسط المدينة".

مكاري ستيوارت: ماريا كارمن بورخيس
وعلقت ماريا كارمن بورخيس وهي رئيس مركز الرعاية النهارية على مدار 17 عامًا، قائلة: "حافزي في الحياة هو أن أرى الاتساق في عملية والنتائج هذا ولدي شعور جيد لأن هذا جزء من حياتي فالشمولية أمر هام فالمرأة لا يجب أن يكون مكانها هو المنزل وأنشطة المنزل ومجرد الغسل والكي والتنظيف والطهي بل أن تقدم المزيد".

واختتم الدكتور مانويل برافو حديثه، موضحًا: "هذا جزء من الثقافة الكوبية وهو المشاركة في هذه البرامج بكثافة، فإذا لم يكن لدينا سكان ومنظمات جماهيرية وكلاهما يعمل معًا على برامج الأسرة لما كنا نجحنا في هذا ولكان من الصعب علينا أن نصل إلى المناطق المعزولة جدًا".