القاهرة-مصر اليوم
عبر تجارب عملية ودون تأويلات نظرية، تمكن بعض الطلاب المصريين من إثبات نجاعة الحكمة الشعبية الراسخة في أوساطهم التي ترى أنّ «العلم مكانه في الرأس وليس الكُراس»، فهؤلاء الذين ربما لا يعرفون عن الفيزياء سوى اسمها، ولم يهتموا كثيراً بدروسها، طبقوا أحد أشهر قوانينها، المتعلق بـ«حفظ الطاقة»، الذي يؤكد أنه «في أي نظام معزول فإن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم».
لكن بدلاً من أن تكون المعامل هي بيئة تطبيق القانون العلمي، كانت لجان الامتحانات ساحة استعراض القدرات، وبذل الطاقات لإبداع وديمومة حيل «الغش»، إلى الحد الذي أبدى مسؤولون بارزون في قطاع التعليم اندهاشهم وتعجبهم منها، بل والتعليق بسخرية أن الوزارة «ستفتح معرضاً بالأشياء التي يلجأ لها الأولاد (للغش)»، على ما علق رئيس امتحانات الثانوية العامة، الدكتور رضا حجازي، في تصريحات تلفزيونية، أول من أمس، متعهداً بتطبيق العقوبات المقررة حيالهم.
وإذا كانت حيل الهاتف ذات طابع قديم نسبياً، وترتبط بآلية الامتحانات الورقية التي ستنتهي العام المقبل للصف الثالث الثانوي، فإن الطلبة في مرحلة أخرى (الصف الثاني الثانوي) الذي يعتمد نظام الاختبارات الإلكترونية عبر أجهزة التابلت، كانوا أكثر احترافية، إلى الحد الذي أشار معه وزير التربية والتعليم طارق شوقي، في فبراير (شباط الماضي)، إلى أن طريقتهم للغش رغم رصدها خلال الاختبارات التجريبية كشفت عن أنهم «على مستوى جيد من الذكاء». وقال إنّ «60 ألف طالب في الصف الثاني الثانوي حاولوا الغش خلال الامتحانات الإلكترونية، ونحن نعرفهم بالاسم والعنوان، وفق نظام متابعة أجهزة الاختبارات، ويمكننا إخبار أولياء أمورهم، لكننا سننصحهم بعدم تكرار ذلك»، موضحاً أن «هؤلاء الطلبة حاولوا الدخول بأكواد أخرى غير المخصصة لهم للولوج إلى منصة الاختبارات».
وتتراوح عقوبات الغش في الامتحانات بين الحرمان من امتحان المادة، وإعادة الاختبار في الدور الثاني، أو تزيد، لتتضمن الحرمان من اختبار جميع المواد لمدة عام، وخلال امتحانات الثانوية العامة لعام 2019 تمكنت «التعليم» من ضبط قرابة ألفي حالة غش، وتم حرمان 177 مخالفاً من الامتحانات لمدة عام.
ومع الذكاء اللافت لهؤلاء الطلبة المعجونين بماء الحيل والألاعيب، فإن الأمر لم يخل من حماقات وسذاجة في مجال الغش أيضاً، وهو ما دفع وزير التعليم إلى التندر، في أبريل (نيسان) الماضي، بواقعة كان بطلاها طالبين، دخلا في حوار عبر التعليقات على الصفحة الرسمية لوزارة التربية والتعليم، بشأن ما إذا كان أحدهما سيتولى مساعدة الآخر على الغش، قبل أن ينتبها إلى أنهما يتحدثان على صفحة الوزارة في تعليقات يراها مئات الآلاف من متابعي الصفحة، فقررا أن يستكملا حوارهما برسائل خاصة، غير أن المسؤولين تمكنها من التقاط محادثتهما.