الجامعات

"خريجو الجامعات عاطلون عن العمل"، تلك الحقيقة القاسية التي يتجرع مرارتها جل الشباب في الدول النامية حول العالم، لكن في قطاع غزة ثمة حقيقة مختلفة تماما، فأربع شهادات جامعية لأربعة شبان أشقاء، لم تسعفهم في إيجاد فرصة عمل مناسبة لإعالة أنفسهم ووالديهم وعائلتهم، بسبب تردي العيش في القطاع المحاصر.

فقد لجأ المواطن الفلسطيني، أحمد طومان (64 عاماً)، من سكان قطاع غزة، إلى العمل في عربة شارع صغيرة، لإعداد المشروبات والوجبات السريعة على شاطئ مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، برفقة أبنائه الجامعيين الأربعة، وهم (شادي)، و(موسى)، و(زكريا)، و(مؤمن).
فبعد سنوات مريرة عجاف، لم يجد أبوشادي طومان حلاً شافياً للفقر الذي يستوطن منزله - والبطالة التي طالته هو وعائلته المكونة من 27 فرداً، من بينهم أولاده الأربعة، الذين تخرجوا في الجامعات، من دون أن يحصلوا على فرصة عمل مناسبة - سوى أن يفتتح عربة «طومانكو»، وهي اختصار لاسم عائلة الأب أحمد طومان، لبيع المشروبات الساخنة والباردة والوجبات السريعة للمصطافين على شاطئ البحر، والمارين على قارعة الطريق.
على ساحل مدينة دير البلح، حيث مكان وجود عربة «طومانكو»، التي تطل على تلة مرتفعة قبالة الشاطئ مباشرة، حيث توافد السكان على البحر وقت غروب الشمس، للجلوس بجانب عربة عائلة طومان، للترفيه عن النفس، وتناول الوجبات السريعة والمشروبات الباردة والساخنة.
الشاب (موسى)، الحاصل على شهادة الهندسة الإلكترونية، وشقيقه (مؤمن) خريج كلية تكنولوجيا المعلومات، يُعدان المشروبات الباردة والساخنة للزبائن، الذين يتوافدون من مدينة دير البلح والبلدات المجاورة لها في محافظة وسط قطاع غزة، بينما يساعد (زكريا)، الذي مازال يواصل دراسته الجامعية في تخصص الخدمة الاجتماعية، والده في طهي وإعداد الوجبات السريعة، أما (شادي)، الابن الأكبر، فيقدم المأكولات التي يعدها والده للزبائن.
ويقول الأب أحمد طومان في حديث له: «إن عائلتي مكونة من 27 فرداً، زوجتي وثمانية أبناء، وزوجات أربعة من أبنائي، إلى جانب أحفادي، وجميعنا نفتقر إلى مصدر رزق لتوفير لقمة عيش واحتياجات أسرتي وعائلات أولادي».
ويضيف: «إن أربعة من أبنائي حاصلون على شهادات جامعية في مجالات وتخصصات متنوعة، تخرج ثلاثة منهم، والرابع مازال يدرس في الجامعة، وجميعهم لا يمتلكون فرصة عمل لإعالة أنفسهم وأسرهم».
ويشير (أبوشادي) إلى أنه حُرم عمله في الداخل الفلسطيني المحتل، في مجال الطهي، منذ فرض الحصار على قطاع غزة صيف عام 2006، بينما فقد عمله في مجال البناء منذ عام مضى، بسبب تداعيات جائحة فيروس «كورونا».
ويمضي الأب طومان قائلاً: «إنه بفعل تردي أوضاعنا المعيشية، وحاجتنا الماسة إلى مصدر رزق دائم لتوفير احتياجات عائلاتنا، بحثت عن فرصة عمل، فلم أجد سوى إقامة عربة ثابتة على قارعة الطريق، قبالة ساحل شاطئ مدينة دير البلح».
ويعد الرجل الستيني، برفقة أبنائه الأربعة، مشروبات باردة، منها الخروب والأناناس، والمانجو والبرتقال، إلى جانب المشروبات الساخنة بشتى أنواعها، بالإضافة إلى الطهي وإعداد الوجبات السريعة، ومنها، الهامبورغر والكبدة وصدور الدجاج، والأجبان بأصنافها المتعددة، ويبيعها بأسعار مناسبة لجميع الزبائن.
ويلفت أبو شادي طومان إلى أنه بفعل أسعار الوجبات والمشروبات ذات الأسعار الزهيدة، إلى جانب الجلسات الهادئة التي يوفرها للزبائن، يشهد إقبالاً كثيفاً من المواطنين، خصوصاً في أوقات غروب الشمس وحتى منتصف الليل.
يشير الابن، مؤمن طومان، البالغ من العمر 27 عاماً، إلى أنه حصل على شهادته الجامعية من كلية تكنولوجيا المعلومات عام 2014، ولم يجد فرصة عمل مناسبة في مجال دراسته الجامعية حتى اللحظة.
وتسري حال الشاب (مؤمن) على أشقائه الأربعة، الذين أنهوا دراستهم الجامعية في مجالات وتخصصات متعددة، لكنهم لم يحظوا بمصدر رزق يناسبهم، بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في القطاع المحاصر.
ويقول الابن (مؤمن): «لم أقبل وأشقائي أن نكون بلا عمل، من دون أن نقهر حالة اليأس التي سيطرت على عائلتنا، فبحثنا عن فكرة الكفاح والمثابرة، التي تجسدت بافتتاح مشروعنا البسيط والمتواضع، حيث نعمل جميعنا إلى جانب والدي، لنوفر مصدر رزق دائم، يؤمّن لنا حياة كريمة».

  قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

"وزير التعليم العالي المصري" يؤكد أن الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية تستوعب الجميع

"التعليم العالي المصري" يؤكد أن تنسيق خريجي الثانوية العامة في الجامعات الخاصة وفقًا للمجموع فقط