القاهرة - مصطفي الخويلدي
وجوه رسمها الحزن فجلعها تبدو وكأنها قد استنسخت من رحم هم واحد، وخيوط الصمت تزحف على حوائط قاعات الجلسات، والكراسي الخشبية الطولية المتهالكة تنتشر فى صفين على اليمين واليسار، النوافذ الزجاجية المتسخة تلقي بضوئها الباهت على ارضية القاعة الخشنة اشياء تجمعت معا لرسم مشهد الحزن العميق داخل جدران محكمة الاسرة في الزنانيري .
ووسط هذا الجو المعبأ بنسائم الحسرة والندامة جلست "نبوية .م " 42 عاما ، العاملة بمكتبة الخلفية اما سنترال القلعة بالقاهرة -على أحد المقاعد الأمامية تنتظر دورها .
بعباءة سوداء فضفاضة مطرزة من الامام بخيط فضية وتزين رأسها المثقل بمشاهد تعدي حماها عليها والتحرش بها داخل منزل الزوجية – حسب روايتها- ورفض اهل زوجها لإغلاقها باب غرفتها اثناء نومها ويقولون لها "انتي مش في بيتك" بهذه كلمات بدأت نبوية حديثها لـ "مصر اليوم" وهي تمسك بيدها حافظة مستندات باهتة اللون تحوي اوراق دعوى الطلاق والنفقة التي اقامتها ضد زوجها في محكمة الاسرة في الزنانيري .
بعيون طغي عليها الدمع وكلمات تلعثمت في اخراجها من شدة الحزن ، قالت : تزوجت من عشر سنوات من "محمد. م" صاحب محل موبيليا بالدرب الاحمر وكان عمرها في ذلك الوقت 32 عام الا انها طلقت بعد السنة الأولى من الزواج، بعد ان اقنعها الزوج بالاقامة بمنزل العائلة في منطقة الدرب الاحمر .
وبعد مرور الاسابيع الأولى للزواج وخرج محمد لمحل بيع الموبيليا فوجئت بوالد زوجها "حماها" يتحرش بها ، الا أنها لم تستطع إيقافه فذهبت واخبرت زوجها فكذبها ولم يبالي لحديثها .
وتابعت نبوية : كنت ادخل لغرفتي وأغلق بابي علي نفسي لانام الا أن اهل زوجي يرفضون اغلاقي للباب وقالوا لي " انتي مش في بيتك هنا "،بيت لا يعرف معنى الحياء ، وكأنهم يقدمونني الى والد زوجي ".
واستطردت : بعد ذلك لم أجد طريقة للخروج من ذلك إلا بالطلاق أو أن أسلم نفسي لحمايا الذي استمر في بالتحرش بي مع علم زوجي ووالدته وسكوتهم و رضائهم عما يفعله الرجل معي، فقررت الطلاق بعد ان علمت ان زوجي يقدمني لأبيه وﻻ يبالي لما يفعله والده معي.
وبعد مرور عام علي هذا الحال خرجت نبوية من منزل العائلة المحترمة وهي حامل من ابنهم وبعد أيام وضعت طفلها وما إن استطاعت الخروج به حتى ذهبت الى المحكمة تطلب الطلاق ، وبعد ان حصلت عليه وحكم لها قاضي الاسرة بالطلاق من الزوج حددت لها المحكمة وقتها نفقه 200 جنيه .
إﻻ أنها عادت مرة أخرى إلى المحكمة تتظلم من نفقتها قائلة " 200 جنيه يكفوا " أكل الولد .. ولا التعليم.. ولا العلاج.. ولا هيعملوا إيه في الأيام الصعبه دي ، أنا ست وحيدة وشغالة شغلانة بسيطة" .
وتابعت فبعد ان طلقت من زوجي قررت ان اعتمد على نفسي وتعلمت حتى حصلت علي الابتدائية من فصول محو الامية، وعملت بشهادتي في مكتبة الخليفة في القاهرة ،لأصرف على نفسي وولدي قبل ان تحكم لنا المحكمة بالنفقة التي ﻻ تكفينا اسبوعا . ولهذا جئت اتظلم منها واطالب بالعدل.