السيدة مبارك مندوبة حماية الطفولة

تونس تعتبر البلد الاول والوحيد في المنطقة العربية التي شرعت وأجازت التبني، حيث نظر معهد رعاية الطفولة خلال سنة في أكثر من 800 ملف للتبني. فقد كشفت وزيرة المراة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي مؤخرًا، ان الوزارة تسعى للتسريع في اجراءات التبني، لان هناك 900 طفل ولدوا خارج اطار الزواج و هم ينتظرون من يتبناهم، مشيرة إلى ضرورة توفّر الشروط الأساسية للتبني و أولها ان لا يكون هناك فارق كبير في السن بين الطفل المتبنى والوالدين إضافة إلى توفّر السكن والعمل و الإطار الملائم ليعيش فيه الطفل

و أضافت العبيدي أنه يجب النأي بمسألة التبني عن كل التجاذبات الدينية، مضيفة أن العديد من المسائل تتغير بتغير المجتمع، و التبني ليس حرامًا بل فيه مراعاة للجانب الانساني و التفكير في أن يكون لكل طفل هوية و عائلة حتى ينشأ حياة سليمة و متوازنة.

فكيف يتم التبني في تونس ؟ ولماذا يسره القانون وعقدته الاجراءات؟

منذ صدور قانون التبنى بتاريخ 4 مارس/آذار 1958 أصبح بإمكان المحرومين من الانجاب ايجاد حل لضمان الاستقرار العائلي وباتت العديد من العائلات التونسية تتوجه الى التكفل بطفل أو تبنيه. وتلتزم العائلة برعاية الطفل وتربيته وحمايته غير أن هاتين الصيغتين تطرحان اختلافا وتباينا. واحتضان طفل سواء بصيغة التكفل أو التبني تخضع حسب القانون التونسى الى العديد من المقاييس والضوابط على غرار اعداد الاسر من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو المادية حتى لا تجد نفسها فى أزمة مع الطفل لا سيما بخصوص اعلامه بأمره.

فبخصوص الشروط الشكلية أو الاجرائية وضع الفصل 1 من القانون عدد 27 لعام 1958 المورخ فى 4 مارس/آذار 1958 المتعلق بالولاية العمومية والكفالة والتبني، شروطًا دقيقة بخصوص التبني وتغلب عليها الرقابة القضائية اذ اقتضى أنه يتم عند التبني بحكم يصدره حاكم الناحية في مكتبه بمحضر المتبني وزوجه أو عند الاقتضاء بمحضر والد المتبني أو من يمثل السلطة الادارية المتعهدة بالولاية العمومية على الطفل الكفيل.

ويصدر حاكم الناحية حكمه بالتبني بعد التحقق من توفر الشروط القانونية ومن مصادقة الحاضرين وحكمه هذا يكون نهائيًا. أما بخصوص الشروط الأصلية فان الفصل 9 من نفس القانون ينص على أنه ينبغي أن يكون المتبني شخصًا رشيدًا ذكرا أو أنثى متزوجًا ومتمتعًا بحقوقه المدنية ذا أخلاق حميدة سليم العقل والجسم، قادرًا على القيام بشؤون المتبني. ويمكن للحاكم اعفاء طالب التبني الذى فقد زوجه بالموت أو بالطلاق من شرط التزوج اذا اقتضت مصلحة الطفل ذلك. وأضاف الفصل 10 من نفس القانون أنه ينبغي أن يكون الفرق بين عمر المتبنى وعمر المتبني 15 سنة على الاقل الا في صورة ما اذا كان فيها المتبني ابن زوجة المتبني.

ويؤثر التبني على النسب باحداث نسب اعتباري وهو النسب بالتبني حيث اقتضى الفصل 14 من قانون 4 مارسآذار 1958 أن يحمل المتبنى لقب المتبني.  وينصُّ الفصل 15 من نفس القانون كذلك على أنه للمتبنى نفس الحقوق التي للابن الشرعي وعليه ما عليه من الواجبات وللمتبني ازاء المتبنى نفس الحقوق التى يقرّها القانون للأبوين الشرعيين، وعليه ما يفرضه من الواجبات عليهما.

وتعتبر تونس هي البلد الاول والوحيد في المنطقة العربية التي شرعت واجازت التبني رغم انها تتعارض واحكام الشريعة الاسلامية.وقد اوجد المشرِّع هذا الخيار لحماية مصلحة الطفل..

وتشير الاحصائيات المتوفرة الى أن عدد ملفات التبني التي تعرض على المعهد الوطني لرعاية الطفولة التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، يتضاعف سنويًا وقد وصل خلال السنة الماضية الى اكثر من 800 ملف تبنٍّ ..وقد لا يحصل اصحاب عدد من الملفات على الموافقة اذا لم يكن مستجيبًا للشروط التي وضعها المشرع..

 مصلحة الطفل الفضلى هي سبب طول الاجراءات

وحول هذا الموضوع أفادتنا مندوب حماية الطفولة  سيدة مبارك ان هناك نوعين من التبني.. فإما ان يكون  بصفة مباشرة عن طريق حاكم الناحية..اي بعد التعرف على الوالدة الحقيقية للمتبني يتم الاتفاق معها على تبني ابنها، فيتم التوجه الى حاكم الناحية الذي يطلب وثائق معينة ويجري ابحاثه في شان العائلة الراغبة في التبني، وينظر في مدى استجابتها للشروط ثم يقرر القبول بمطلب التبني ان كان لا ضرر منه على الطفل او يرفض. وقالت محدثتنا ان هذا النوع من التبني المباشر لا يستغرق الكثير من الوقت ولا يتجاوز في اقصى الحالات بين 6 او 8 اشهر...اما الصنف الثاني من التبني فيكون عن طريق معهد رعاية الطفولة الذي يوضع فيه الاطفال المولودين خارج اطار الزواج..

ويستقبل المعهد العديد من مطالب التبني او الايداع المؤقت لدى عائلات بمقابل مادي باعتبار ان الطفل المودع يكون عادة من ذوي الاحتياجات الخصوصية الذي تكون حظوظه في التبني قليلة..الى جانب ملفات الكفالة وغيرها من المطالب. وقالت سيدة مبارك ان المعهد كوَّن لجنة للنظر في الملفات الخاصة بالتبني باعتبار انه ليس من السهل التفريط في طفل لدى عائلة اخرى..ولهذا تستغرق مطالب التبني من معهد رعاية الطفولة وقتا طويلا جدا بالنظر الى عدد الملفات والمطالب وبالنظر الى الشروط الموضوعة ومدى استجابة الراغبين في التبني لها وخاصة تلك المتعلقة بالسن القصوى والتي تفرض ان لا يتجاوز الاب الراغب في التبني 50 سنة والام الراغبة في التبني 45 سنة ..كما تفرض حسن المعاملة وان تكون الوضعية الاجتماعية والاخلاقية جيدة للابوين ..واكدت محدثتنا ان الاجراءات المتعلقة بالتبني تطول لانه احيانا تجد ان الطفل لم تسو وضعيته نهائيا أي لم يصدر في شانه قرار بات بالتبني كان تكون والدته الحقيقية رافضة التخلي عنه نهائيا وتتعهد بزيارته في احدى دور رعاية الطفولة او غيرها من الامور الاخرى التي تجعل وضعيته غير واضحة..كما يحدث ان تكون الملفات المودعة في المعهد فيها طلب غير متوفرعلى غرار طلبات متعلقة بتحديد جنس الطفل ..وقالت سيدة مبارك ان اغلب الملفات المودعة تطلب تبني اناث..كل هذه المسائل تجعل اجراءات التبني عن طريق المعهد تطول، وكله من اجل مصلحة الطفل الفضلى..