القاهرة ـ شيماء مكاوي
أثارت قضية العنف والتحرش النفسي بالفتيات في المدارس جدلًا واسعًا في الآونة الأخيرة بين الحركات المناهضة للعنف والتحرش ضد المرأة، لاسيما بعد حادثة طفلة الصف الثاني الابتدائي، التي أوقفها المدرس في منتصف الفصل، وأمر الفتيات بضربها لعدم ارتدائها الحجاب.
وفتحت تلك الحادثة ملف "التحرش النفسي" ضد الفتيات في
المدارس، والجامعات، والشارع، والعمل، كظاهرة لا تقل خطورة عن ظاهرة "التحرش الجنسي"، بالإضافة إلى الكثير من الحوادث التي كشفت تكرارها وبلوغها شكل الظاهرة، ومنها حادثة الطالبة التي أجبرتها المعلمة على خلع الحذاء في الفصل، وحادثة قص شعر الطالبات لعدم ارتدائهن الحجاب، وقص أظافرهن عنوة، إلى جانب مجموعة أخرى من الشهادات التي توثق حالات سب الطالبات وشد شعورهن، وغيرها من الانتهاكات التي تم رصدها أخيرًا.
رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان، نهاد أبوقمصان، أكَّدت في تصريح لـ"مصر اليوم"، أن "المرأة تتعرض إلى نوعين من التحرش، هما؛ التحرش الجسدي، أو الجنسي، والنوع الثاني، هو التحرش النفسي"، معتبرة أن "التحرش النفسي أشد وأقوى من التحرش الجنسي، حيث تتعرض المرأة للكثير من الانتهاكات والضرر النفسي الشديد لكونها امرأة في الأساس".
وأضافت أن "المرأة عندما تبحث عن العمل تجد الكثير من الشروط، أهمها الشكل والمظهر الخاص بالمكان الذي يطلب موظفين، وأحيانًا تأخذ المرأة أجرًا أقل من الرجل، وهذا يعد شكلًا من أشكال التحرش النفسي".
وتابعت، أن "تهميش المرأة، وتمييز الرجل عنها، في المجالات المتعددة، يعد تحرشًا نفسيًّا، فضلًا عن تحملها الكثير من القضايا، مثل: العنوسة، حيث يتم تحميلها للفتاة، وتكون هي الضحية، وقضايا الاغتصاب والتحرش، يحملوها أيضًا للمرأة، ويتهمونها بأنها هي التي تجعل الرجل يغتصباها أو يتحرش بها، كل هذا يعد تحرشًا نفسيًّا بها".
وأضافت أستاذ علم الاجتماع، الدكتورة عزة كريم، أن "التحرش النفسي للمرأة بمفهومه الدارج من الممكن أن يجعل كل فتاة مريضة نفسيًّا، نظرًا إلى الضغوط الشديدة التي من الممكن أن تتعرض إليها من كل الجوانب، سواء الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية وغيرها".
وأوضحت كريم، أن "المرأة دائمًا مهمشة في المجتمع المصري، ومازالت حتى الآن تعاني من النظرة الذكورية، والحكم الخاطئ عليها، وكأنها تحمل العار دائمًا، ومهما تطور المجتمع المصري تظل تلك النظرة تلاحقها دائمًا، فنجد على سبيل المثال جميع قضايا الإتجار بالبشر تتمثل في استخدام النساء في الكثير من الأعمال المشبوهة والإتجار بأجسامهن من أجل الحصول على المال والتربح، وهذا يعد تحرشًا نفسيًّا يصيب الكثير من النساء بالاكتئاب".
وأشارت أستاذ الطب النفسي، الدكتورة هبة عيسوي، أن "المرأة في مجتمعنا العربي تتعرض للكثير من أنواع التحرش"، مشيرة إلى أن "التحرش النفسي، يكون أشد من التحرش الجنسي، فلا يقتصر على اللمس أو الانتهاك الجسدي، فهو يشمل التهميش أو التقليل أو الإيذاء، سواء النفسي أو الجسدي".
وترى عيسوي، أن "المجتمع يحاول إيصال رسالة واضحة للمرأة، وهي أن مكانها ليس بينه، وأن مكانها الطبيعي هو المنزل فقط، وتلك الرسالة منتشرة على الرغم من أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل في مجتمعنا العربي".