القاهرة- جولستان حميد
تولَّت الدكتورة مها الرباط، حقيبة الصِّحة في مصر، على مدار 222 يومًا، في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وفي تلك الفترة أتبعت أستاذة الصحة العامة في القصر العيني جامعة القاهرة, سياسة التكتيم الإعلامي، سواء في معرفة أعداد مصابي الإنفلونزا الموسمية، أو في تغطية أخبار الوزارة بشكل عام, فلم توفر معلومة للصحافيين، أو تصدر بيانًا صحافيًّا من داخل أروقة الوزارة إلا إذا أمرت
هي بذلك ووافقت عليه، مما تسبب في فجوة كبيرة بينها وبين جميع الإعلاميين، ومقاطعة جميع أخبار الوزارة والجولات.
وانسحبتْ من إحدى الجولات في محافظة الغربية؛ لعدم وجود تنظيم لها، وهو ما كان يتكرر أثناء زيارتها إلى المستشفيات, وسرعان ما حاولت الرباط إصلاح تلك الفجوة، وتداركت الأمر، ولكنها قامت بزيادة "الطين بلة", باختيارها أحد المراسلين في القنوات التليفزيونية بالاسم، لبعثة الحج العام الماضي, وهو ما آثار حفيظة العاملين في إدارة الإعلام لوجود من هم أحق في البعثة منه، بالإضافة إلى وجود نية لإلغاء إدارة الإعلام في الوزارة من الأساس, وبعد تحديد ميعاد لاجتماع الوزيرة مع الإدارة تم إلغاؤه دون معرفة الأسباب أو حتى الاعتذار لهم، ولم يجدوا طريقة للاحتجاج سوى التظاهر بعد انتهاء عملهم أمام مكتبها، فما كان ردها سوى تحويل الجميع للشؤون القانونية.
ومع ذلك لا نستطيع أن ننكر إنسانيتها وضعفها، أمام أي مريض؛ ففي إحدى الجولات وجدت امرأة مُسنَّة تبكي من الألم في الاستقبال، منتظرة طبيبًا للكشف عليها؛ فقامت بتجفيف دموعها، وإعطائها منديلًا، واستمعت لشكوتها مطالبة على الفور بعلاجها.
ورغم إقرار قانون تنظيم العاملين بالشؤون الصحية، أو ما يُعرف إعلاميًّا بـ"الحوافز" بدلًا من كادر الأطباء، الذي نادى به الأطباء منذ 15 عامًا للنهوض بالمنظومة الصحية في مصر في عهدها, إلا أنه كان فتيل الأزمة الذي تم انتزاعه بينها وبين زملائها الأطباء, بعد تحويل أحد الأطباء والمسؤول عن تنظيم الإضراب في مستشفى المنيرة إلى النيابة العامة، بحجة عدم التزامه بشروط نقل العدوى داخل غرفة العمليات.
فما كان من رد فعل لنقابة الأطباء سوى أنها أمرت باستدعاء رسمي بصفتها طبيبة، وليست وزيرة؛ للتحقيق معها، بناءً على قرار جمعية عمومية طارئة, وتحويلها إلى لجنة آداب المهنة لمخالفتها القانون.
ورغم الأزمات التي تمر بالبلاد، ولم تكن جديدة ومتكررة، ومنها الأنفلونزا الموسمية، وإضراب الأطباء، إلا أن الرباط فشلت حتى في احتواء الأزمة، بإصرارها على سكب المزيد من البنزين، وتأكيدها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم نشر العدوى إلا أن التأجيل كان سيد الموقف.
ولا يمكن أن ننسى تصريح لها، بعد أن تناولت مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لطبيب داخل مستشفى وأمامه قطة، وهو ما زاد التهكم عليها بسبب تصريحها الذي أكدت فيه أن الطبيب سلبي لعدم طرده القطة من المستشفى, وهو ما جعل البعض يرى أنه تصريح لا يليق بمسؤول حكومي، ولا يعكس مدى إدراكها للأزمة.
وتواجه وزارة الصحة ملفات عديدة مصيرها مجهولًا بعد رحيل الرباط، ويأتي على رأسها ملف تطبيق وتمويل المرحلة الأولى من مشروع "قانون تنظيم المهن الطبية"، وكذلك ملف الأدوية وأزماته سواء المهربة، أو المغشوشة، وكذلك التسجيل والتسعير، فما زال المواطن يعانى في الحصول على دواء, بالإضافة إلى إنشاء "الهيئة العليا للدواء", وتوفير الدم الآمن، ولاسيما وأنه السبب الرئيس لانتشار فيروس "سي" بشكل مخيف في مصر, والعيادات والمراكز الطبية غير المرخصة، ومراكز العلاج الطبيعي, وتسريب المخلفات الطبية الخطرة وإعادة تدويرها, ونقص أعداد التمريض على مستوى الجمهورية، وتدني مستوى الأداء للبعض, وخدمات الإسعاف, والحضانات للأطفال المبتسرين, ونقص ألبان الأطفال.