قاضيات مغربيات حققن في خدمة العدالة نجاحات باهرة

في كل عام، وتحديدا في الثامن من مارس/آذار ، يجري الاحتفال بيوم المرأة العالمي ، حيث يتم تقييم لمجهوداتها وانجازاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية . ولأن المرأة  القاضية أثبتت وجودها بقوة لدى كافة الشعب ، كان لا بد من تسليط الضوء على البعض منهن، والتعرف على إنجازاتهن، والصعوبات التي واجهتهن في مسيرتهن المهنية.
فقد شرعت النساء في فض المنازعات مند خمسين سنة وشكل الحدث محطة مهمة في تاريخ القضاء المغربي، وتمكنت أن تحصل المرأة على مكانة متميزة، بفضل  جهودها وتضحياتها ومواقفها الرائدة في تحقيق النجاح وصعود سلم المسؤوليات القضائية، والارتقاء في سلك القضاء بعد أن فتحت في وجهها أبواب الوظائف العامة سواء منها الإدارية أو القضائية وفق معايير الكفاءة والاستحقاق.
تمكنت المرأة المغربية من الانخراط في وقت مبكر في سلك القضاء ،فكانت  سنة 1961 منعطفا جديدا في حياتها، خاصة بعدما انتزعت صفة "قاضية"التي كانت حكرا عند المجتمع الذكوري، كانت هذه السنة منعطفا تاريخيا في حياة المرأة التي عشقت القضاء ، وطمحت في منافسة الرجل فيه، فكانت أمينة عبد الرازق، أول امرأة قاضية في المغرب،لتتبعها نساء برهن عن كفاءتهن في هذه المهنة الصعبة.  
فنمد هذا العهد اعتلت المرأة المغربية منصة القضاء لتفصل بين الخصوم والبث في جميع القضايا دون تفرقة بينهن وبين زملائهن الرجال القضاة. كما تمكنت في خضم خمسين سنة أن تتدرج في مراتب المسؤولية، و أن تشغل جميع المجالات في سلك القضاء إذ أصبحت تزاول عملها القضائي على مختلف الأصعدة بمديرية الشؤون المدنية ومديرية الشؤون الجنائية والعفو والمندوبية العامة لإدارة السجون كما أنها تمكنت من ولوج مهمة التدريس بالمعهد العالي للقضاء منذ سنة 1982 وساهمت  بتجربتها العملية في تكوين وإعداد القضاة الجدد الذين يلتحقون بالمحاكم.
وبعدما كانوا محسوبات على رؤوس الأصابع ، اليوم أصبحن يناهزن 644 قاضية أي 20 % من مجموع القضاة ، وهذا العدد يؤكد مدى نجاح تجربة دخول المرأة في سلك القضاء.
 المحطة الثانية التي سجلتها المرأة القاضية كانت سنة 1983، وهي محطة تاريخية بارزة، اعتلت فيها المرأة كرئيسة لغرفة بالمجلس الأعلى للقضاء. ومند هذا الوقت تمكنت من أن تسيطر قصص نجاح عديدة في كرسي القضاء الذي تعاقبت عليه ، حيث تدرجت في جميع الوظائف والمسؤوليات القضائية من عضوة للنيابة العامة ورئيسة للمحاكم الابتدائية ، ورئيسة محاكم الاستئناف ورئيسة غرف بالمجلس الأعلى للقضاء وهو أعلى هيئة قضائية بالبلاد، إضافة إلى القاضيات اللواتي يتولين مهمة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ويساهمن في تكوين وإعداد القضاة الجدد.
محطات من مسيرة المرأة القاضية
واعتباراً من شهر فبراير/شباط 1961، تاريخ تعيين أول قاضية في المغرب، بلغت المرأة خلال سنة 2014 أعلى المراتب والمسؤوليات في سلك القضاء على مستوى التسيير و التدريس. ومن أبرز هذه المحطات تعيين أول قاضية مكلفة بالأحداث بالدار البيضاء، سنة 1979، وأول مستشارة بالمجلس الأعلى، سنة 1987. وصول أول قاضية إلى الدرجة الاستثنائية سنة 1995. و في سنة 1998ٍ تم تعيين أول رئيسة غرفة ممارسة بالغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى، وأول رئيسة محكمة تجارية بالرباط، وأول رئيسة أولى لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس، وأول رئيسة للمحكمة الابتدائية بالرباط، قبل أن تصبح القاضية المغربية عضوة بالمجلس الدستوري، سنة 1999 ،إذ عينت ثاني امرأة قاضية بالمجلس الأعلى للقضاء  سنة 2003 .دون أن ننسى تعيين رئيسة للحكمة الإدارية بالبيضاء سنة 2000. ورئيسة للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عين السبع، ثم وكيلة الملك لدى المحكمة التجارية بمكناس سنة2001، ولدى المحكمة التجارية بالرباط، سنة 2002، ورئيسة للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء- ابن مسيك، ورئيسة الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى السنة نفسها، فمحامية عامة أولى بالمجلس الأعلى سنة 2003. كما أن القاضية المغربية أصبحت تمارس مهمة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ، منذ سنة 1982، لتساهم، بتجربتها العملية، في تكوين وإعداد القضاة الجدد.  
القاضية مليكة زهير  أيقونة  القاضيات المغربيات
إذا كانت أمينة عبد الرازق، أول قاضية بصمت تاريخ القضاء المغربي، فالأستاذة مليكة زهير تعتبر أول امرأة في القضاء المغربي، باجتهاداتها وأبحاثها، وتكريس ثمرة حيتها من أجل العطاء لمهنة القضاء. أحبها كل زملائها الذين اتخذوها مرجعية لهم ،و أطلقوا عليها لقب أيقونة القاضيات المغربيات.
بدأت مهنة القضاء خلال الثمانينات حيث عملت في محام الدار البيضاء ، فكانت قيدومة في مادة الشغل ، بلغت أعلى المراتب والمسؤوليات في سلك القضاء وتخطت محطات ومراحل مهمة. و أثبتت نزاهتها  وموضوعيتها وفعاليتها في تصريف القضايا الشائكة والملفات المهمة خاصة في مادة الشغل .
لم تكن بدايتها في مهنة القضاء سهلة، بل واجهت  في بداية مزاولتها للمهنة مجتمعا  منغلقا  ينظر إلى المرأة نظرة دونية ويتهمها بالتأثر بالعاطفة، لكن إصرارها على إظهار العكس استطاعت أن تتخطى كل العقبات، لتؤكد للمجتمع الذكوري ، أن المرأة في مستوى إصدار الأحكام القضائية.
أمام اجتهاداتها، تم ترقيتها ، فعينت بمحكمة النقض، لتصبح اليوم إحدى رؤساء غرفه، كما برهنت على كفاءتها كأستاذة بمعهد القضاء. ونظرا لمكانتها المرموقة داخل الجسم القضائي كانت من من حصلن على وسام ملكي، كتشجيع لها.    
القاضية عائشة الناصري  رئيسة الجمعية المغربية للمرأة القاضية
لقبت بالمرأة الحديدية ،لأنها بالفعل امرأة حديدية  تمكنت أن تقف أمام المجتمع الذكوري لتؤكد له أن المرأة تمكنت أن  تخترق تلك المجلات التي كانت بالأمس حكرا له، برهنت من خلال عملها كقاضية أن المرأة تفوق الرجل من حيث الاجتهاد والبحث ، و إخراج القانون المغربي من كل الثغرات التي كانت تقيد الدستور المغربي.
تمكنت هي وباقي زميلاتها في هذه المهنة المشرفة ، أن تعزز مكانتها في مجال القضاء ، كما برهنت على أنها قادرة على المسؤولية التي خولت لها كوكيلة للملك  لدى المحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء، كما تمكنت في ظل المقتضيات الدستورية، وفي إطار الفصل 111 من الدستور أن تأسس جمعيتها، وهي الأولى من نوعها في المغرب والعالم العربي، باعتبار أنها خاصة بالقاضيات فقط.
ومن خلال هذه الجمعية تمكنت بمعية زميلاتها  من تسطير مجموعة من الأهداف من بينها تقوية أواصر التضامن والتعاون بين القاضيات المغربيات، وتحقيق تمثيلية وازنة للمرأة القاضية في مراكز القرار، ونشر ثقافة المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص في المجال المهني، فضلا عن خلق فضاء للتضامن ومساندة المرأة القاضية، والتنسيق مع باقي الجمعيات المماثلة من أجل الدفاع عن حقوق وكرامة القضاة نساء ورجالا، وخلق أنشطة ثقافية واجتماعية خاصة بالنساء القاضيات، وانفتاح المرأة القاضية على المجتمع المدني للمساهمة في التنمية والانخراط في مشروع الإصلاح.
القاضية الزوهرة أصولدي زهرة القضاء
يسمونها بزهرة القضاء، ليس لأن اسمها زهرة، ولكن هي شبيهة بالزهرة التي تشتاق لرؤيتها كل صباح.  لأخلاقها و أدبياتها المهنية، معروفة بين زملائها ، بكونها عادلة صارمة في أحكامها ، رحيمة مع من يقف أمامها من المتقاضين، ابتسامتها لا تفارق محياها. من الرائدات اللواتي حملن مشعل إصلاح القضاء
امرأة نجحت في مشوارها المهني ، ولكونها أكثر انضباطاً والتزاماً من الرجل، عكست روحاً من النزاهة والحيادية وأعطت لوظيفتها في القضاء حقها من الجهد والمثابرة. كما أعطت صورة ايجابية لمهنتها
فهي من بين القاضيات اللواتي وضعن بصمتهن في صمت من دون البحث عن الشهرة، فأثبتن عن جدارة كونهن نساء رائدات، متألقات في مجال العدالة.
اختيرت لتكون وجها في الحدث، فرغم صغر سنها ، تمكنت أن تبصم ، مكانة مرموقة داخل الجسم القضائي ، كما تمكنت من تكوين جيل من القضاة  شعارهم ، الحكم بما يرضي الله ، والقانون الوضعي.
بدأت مشوارها المهني سنة 1993 بمدينة سيدي سليمان في شعبة المسؤولية التقصيرية والحالة المدنية ،بعد ذلك انتقلت إلى مدينة الدار البيضاء حيث عملت بغرف الشغل فكانت نزيهة في أحكامها ، عادلة في قراراتها.
كانت للقاضية أصولدي نصيب من التدريس حيث عينت كأستاذة بمعهد القضاء ، و عضوة بالودادية الحسنية للقضاء، وعضوة بالجمعية المغربية للمرأة القاضية، لا تبخل في مساهمتها في إنجاح ورش إصلاح العدالة.
القاضية رشيدة أحفوظ   المرأة التي جذبها سحر الإعلام السمعي البصري
رشيدة أحفوظ، القاضية المدافعة عن مهنة القضاء ، والمشرفة في كل المجالات . ولجت عالم القضاء وهي صغيرة السن فأصبحت نموذجا للمرأة المغربية.
مسارها المهني ناجح ومتميز، حيث انخرطت في سلك القضاء مع بداية الثمانينات فكانت واحدة من فوج النساء الأول اللائي ولجن سلك القضاء، بعد ذلك عينت أستاذة بالمعهد العالي للقضاء وأستاذة بكلية الحقوق بالمحمدية، وأستاذة سابقة بمدرسة الآثار.
لم تقف الأستاذة رشيدة احفوظ عند حدود مجال القانون، بل جذبها سحر التلفزيون والإعلام السمعي البصري، ولما لا، وهي صاحبة فكرة ومعدة برنامج "مداولة" التلفزيوني الذي تقدم حلقاته على شاشة القناة الأولى،كل أحد، وهو البرنامج الحاصل على عدة جوائز والذي حقق اكبر نسبة مشاهدة على صعيد القنوات التلفزية المغربية، فمن خلال برنامجها نجحت احفوظ في إدخال المحاكم إلى بيوت المغاربة عبر شاشة التلفاز من خلال برنامج "مداولة".