القاهرة– هاجر إمام
أطلق المجلس القومي للسكان حملة "كفاية ختان بنات" التلفزيونية للتوعية بأضرار الختان، عبر شهادات واقعية للأسر التي تعرضت فتياتها للعملية.
يعد ختان الإنسان جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس، وتعتبر مصر الأولى أفريقيًا قبل السودان وموريتنا في تسجيل أعلى نسبة ممارسة ختان الإناث؛
إذ لجأت بين السيدات المتزوجات من سن 15-49 قد وصلت إلى 91%، في آخر مسح صحي سكاني أجري العام 2008، وهو آخر مسح تم إجراؤه للظاهرة في مصر.
ورصدت "مصر اليوم" دور الحملة وأهميتها والأهداف التي تسعي إلى تحقيقها ومدى فاعليتها على أرض الواقع.
وذكر مقرر المجلس القومي للسكان، الدكتور عاطف الشيتاني، أنَّ هذه التنويهات أنتجت بالتعاون بين المجلس ويونيسف وصندوق الأمم المتحدة
للسكان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتعد الأولى من نوعها والنابعة من تجارب حقيقية لآباء وأمهات قرروا أنَّ يحموا بناتهم من عادة ختان
الإناث، وأنَّ يواجهوا ضغوط المجتمع لاسيما في الريف، بشجاعة مدعومة بالمعلومات الموثقة عن هذه الممارسة الضارة.
وأوضح الشيتاني أنَّ الحملة التليفزيونية تذاع على10 قنوات أرضية وفضائية عبر سلسلة تنويهات متكررة للتوعية بأضرار "ختان الإناث"؛ إذ تظهر معاناة نساء ورجال أيضًا من آثار هذه الممارسة المجرمة بالقانون، على كل أفراد الأسرة، من خلال شهادات لأسر حقيقية امتنعت عن ختان بناتها في مختلف محافظات مصر، وأخري درامية قصيرة، تناقش قلق ومناقشات الأسرة المصرية حول ختان بنتها، ومشكلة الأطباء الذين يخالفون القانون ويرتكبون هذا الجرم، ثم انتصار إرادة الأب والأم وحماية ابنتهما من الختان في اللحظة الأخيرة، مدعومًا بالرأي الديني.
وأكد أنَّ هذه التنويهات جاءت استجابة لطلب الكثير من المشاهدين وأصحاب القنوات الفضائية لاستئناف الحملات الإعلامية للقضايا السكانية، مشيرًا
إلى أنَّ المجلس ملتزم بدعم الأسرة المصرية لحماية أفرادها من أشكال العنف كافة، تنفيذًا للمادتين 11 و80 من الدستور، اللتين تلزمان الدولة
بحماية المرأة والطفل من جميع أشكال العنف والإساءة، بما فيها ختان الإناث، الذي لا يعد انتهاكًا لحق الفتاة في حياة سليمة فقط، بل انتهاك لحق الزوج في حياة زوجية مكتملة مع زوجته.
ومن جانبها، ذكرت منسق البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث في المجلس، منى أمين، أنَّ التنويهات الجديدة تتميز بالتلقائية
وبتجارب فتيات استطعن أنَّ يقنعن أهلهن بحماية إخواتهن، بعد معاناتهن من هذه الممارسة، وبأزواج يتحدثون بصراحة عن معاناتهم من هذه الجريمة مع زوجاتهم، ويعلنون بصراحة أنهم سيحمون بناتهم منها، لاقتناعهم أنَّ العفة تأتي من التربية والمعرفة الصحيحة بالدين وليس بقطع أجزاء من جسد الفتاة.
وأوضحت أمين أنَّ "الحملة كفاية ختان بنات"هي أحد وسائل البرنامج لنشر الوعي بضرورة التخلي عن جريمة ختان الإناث، وتشجيع المسؤولين على تتبع الممارسين لهذه الجريمة في الخفاء وتقديمهم للعدالة، معربة أنَّ المجلس القومي للسكان قد أطلق قبل شهور خطة خمسية لخفض معدلات ممارسة ختان الإناث، بنسبة 15 %، بين الفتيات في السن من 10-18 عامًا، بالتعاون مع الهيئات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية.
ومن جانبه، ذكر المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، رضا الدنبوقي، أنَّ حملة "كفاية ختان بنات" التي تذاع على 10
قنوات فضائية وأرضية تمثل مكسبًا للقضايا النسوية، من خلال عرضها الواقعي للمشكلات التي تعاني منها النساء والرجال جراء تشويه الأعضاء التناسلية للفتيات فيما يعرف "ختان الأناث" ، معربًا أنَّ يأخذ على المجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للسكان تركيز حملاته التوعوية من خلال "طرق الأبواب" على العاصمة والمدن الرئيسية، مشيرًا أنه دعا المجلس للنزول في محافظات الدقهلية وكفر الشيخ، والصعيد والأرياف والقرى والنجوع لأنها الأكثر احتياجًا للمعرفة والتنوير.
وأضاف أنَّ كلا المجلسين يكتفيان بعقد ندوات ومؤتمرات مركزية وحملات توعية قريبة من العاصمة يستضيف فيها من لا يعانون من مشكلة مع ختان
الإناث أصلاً بل يتفقوا على أنه ضار للفتيات، لذا ينبغي أنَّ ينزل المجلس بحملاته إلى الأماكن والجماهير المستهدفة والتي مازالت تقوم بعمليات
الختان لبناتها سواء لأسباب دينية او تحت غطاء العادات والتقاليد.
وأثنى الدنبوقي على خطوة عقد المجلس القومي للإسكان دورات تدريبية لوكلاء النيابة لتنمية وعيهم بخطورة الختان وأهمية محاسبة الجناة وإثبات الجريمة ضدهم، مشيرًا أنه يطالب المجلس بعقد دورات تدريبية للدعاة وأئمة المساجد بالتعاون مع الأزهر ووزارة الأوقاف، لأن مازال هناك بعض الشيوخ يتبنوا بعض الأحاديث النبوية لا تمانع من إجراء ختان الإناث، معربًا عن أهمية توقيع المجلس القومي للطفولة والأمومة بروتوكول تعاون مع وزارة الأوقاف من أجل تخصيص خطبة شهرية تجرم العادات الضارة والتي تمثل عنفًا وانتهاكًا لحقوق المرأة.
وأبدى الدنبوقي حزنه لعدم استجابة المجلس القومي للطفولة لدعوته لتنظيم حملات توعية وطرق أبواب في قرى مصر وأقاليمها، لاسيما بعد التضييق
والتشويه الذي يتعرض له المجتمع المدني ونظرة الخيانة التي أصبحت تلاحق كل من يدعوا للتنمية به وإنهاء العنف، مشيرًا أنَّ دعم المجلس للجمعيات
الأهلية لمكافحة ختان الإناث بجانب استمرار الحملات الإعلامية على الفضائيات والراديو سيلعب دورًا كبيرًا في مواجهة الظاهرة ومحاولة السيطرة عليها وتقليل ضحاياها.
وترى مسؤول التدريب في البرنامج القومي لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث، الدكتورة فيفيان فؤاد، أنَّ الخطة تهدف إلى خفض نسب ممارسة ختان الإناث وسط الأجيال الجديدة على المستوي الوطني، من خلال دعم مناخ سياسي واجتماعي وثقافي لتمكين الأسرة المصرية، لاتخاذ قرار بعدم ختان بناتها.
وتعتمد الخطة التي تنفذ على مدى السنوات الخمس المقبلة، على وجود مؤشرات علمية واجتماعية على انخفاض ممارسة ختان البنات وسط الأجيال الجديدة، وعلى إنفاذ قانون تجريم ختان الإناث، وتفعيل القرارات الوزارية التي تمنع ممارسة هذه الجريمة، والدعم الثقافي والاجتماعي لحقوق الطفل والمرأة والأسرة، بالتعاون مع الوزارات المعنية، وهيئات الأمم المتحدة المعنية بالمرأة والطفل والسكان والتنمية، والإتحاد الأوروبي ووكالة التعاون
الألمانية والمجتمع المدني.