عمان– صدام الملكاوي
خمس سيدات سوريات، تركن أعمالهن في دول أوروبا وأمريكا الشمالية والخليج العربي، وتوجهن الى العاصمة الأردنية عمان وأسسن مركزا أطلقن عليه اسم (سوريات عبر الحدود) لتقديم المساعدة الطبية واغاثة اللاجئين السوريين في محاولة لإشعال "شمعة أمل" تعيد قدر الإمكان البسمة الى وجوه المصابين رغم فقدانهم لأعز أقاربهم.
وتقول سامرة زيتون التي كانت تعيش في بريطانيا، إن فكرة انشاء المركز جاءت بعد زيارة مخيم الزعتري للاجئين السوريين (شمالي شرق الاردن) ورؤية الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون في المخيم.
وأوضحت سامرة، خلال زيارة قامت بها "العرب اليوم" لمقر المركز في العاصمة، أنها طرحت الفكرة أمام سيدات سوريات في دول الخليج وكندا وبريطانيا، واتفقن على تأسيس المشروع بتمويل خاص منهن قبل عامين.
ويقدم المركز خدمات طبية وجلسات علاج طبيعية لمصابي الثورة السورية، وخصوصا حالات الشلل النصفي والاصابات الحركية التي لحقت بالسوريين بسبب قذائف ورصاص القوات الحكومية في بلادهم، وفقا لمدير المركز عامر الحافظ.
وقال الحافظ إن المركز يضم 20 سريرا للرجال و10 للنساء والأطفال، حيث يتم استقبال المصابين وفق معايير خاصة، على رأسها استقرار الحالة الصحية للمصاب بعد علاجه في المستشفيات، وانتقاله للمركز لمباشرة بدء العلاج الطبيعية والعناية بالجروح.
كما يتعاون المركز مع أطباء نفسيين ومتطوعين لمنح المصاب كافة أنواع الراحة واعادة تأهيلة قدر المستطاع لإعادة دمجه في المجتمع.
ويخشى مؤسسو المركز من عدم قدرتهم على مواصلة العمل الإغاثي للاجئين بسبب طول الأزمة، وعدم القدرة المادية الكافية لتقديم الخدمة للمصابين.
المصابون تحدثوا للعرب اليوم خلال تلقيهم لجلسات العلاج الفيزيائي، وأظهروا روحا ملؤها التفاؤل وقلب يفيض منه الإصرار على الشفاء والعودة لبلادهم بعد انتهاء الأزمة.
"إبراهيم .. الذي لم يتجاوز ربيعه العاشر، لحقت به إصابة كبيرة بالقدم، ولم يبق له معيلا سوى والده بعد أن أخذت الأزمة التي دخلت عامها الرابع والدته وإخوته إلى غير رجعه".
والى جانب إبراهيم، يجلس الطفلان عبدالرحمن وشقيقته سلام، اللذان هتكت بأطرافهم شظايا برميل متفجر ألقته طائرات النظام على درعا، مما أدى لإصابات خطيرة بعائلتهم أجبرت والدتهما على البقاء في العناية المركزة لمدة طويلة، فيما سافرا برفقة عمهما للعلاج في الأردن.
وعالج المركز ما يزيد على 200 مصابا من مختلف المناطق في سورية٬ منهم من وقف على قدميه من جديد٬ ومنهم ما يزال يخضع للتأهيل.
ويشكل هؤلاء السوريون الجرحى٬ الذين غادروا منطقة النزاع إلى دول الجوار كلاجئين٬ رغم حاجتهم الماسة إلى الرعاية الصحية الفائقة٬ جزءا بسيطا من آلاف الضحايا الذين تقطعت بهم السبل ولا يجدون من ينتشلهم من واقعهم المؤلم٬ فيما يستمر شلال الدم في حصد المزيد من الأرواح.
ولا يقتصر المركز على تقديم المساعدة الطبية للمصابين، بل يقدم فرص عمل في المطبخ ومشغل الحرف اليدوية فيه للاجئات فقدن معيلهن.
ويخصص المركز قاعة لطلاب الثانوية العامة من المصابين يحصلون خلالها على دروس للتقوية تؤهلهم للنجاح ودخول الجامعة بعد أن يصبحوا قادرين على الانخراط في المجتمع.
ومنذ آذار/مارس 2011 لجأ الى الأردن مئات آلاف السوريين جراء الحرب المشتعلة في بلادهم٬ تم تخصيص العديد من المخيمات لهم٬ إلا أن قسما كبيرا منهم يعيش في المدن والقرى في مختلف مناطق المملكة.