نقص المياه في الشرق الاوسط

تشير تحليلات جديدة إلى أن إمدادات المياه في منطقة الشرق الأوسط ستشهد تراجعًا حادًا على مدار 25 عامًا مقبلًا، وهو الأمر الذي يهدد الاقتصاد والأمن القومي ويضطر معه بعض الأشخاص إلى الانتقال نحو المدن المكتظة بالفعل بالسكان.

وبدأت المنطقة التي يتوطن بها ما يزيد عن 350 مليون شخص في التعافي من الموجات الحرارية القاتلة بعد الارتفاع القياسي في درجات الحرارة لأسابيع عدة.

ويزعم معهد الموارد العالمية "WRI" بأن النقص في المياه كان عاملًا أساسيًا في الحرب الأهلية التي نشبت في سورية عام 2011، حيث أدى إلى إجبار 1.5 مليون شخص معظمهم من المزارعين والرعاة إلى فقدان مصادر رزقهم وترك أراضيهم والانتقال إلى المناطق الحضرية، الأمر الذي نتج عنه مبالغة في زعزعة الاستقرار العام في سورية.

وجاء التصنيف الجديد الصادر عن معهد الموارد المائية ليضم 14 من البلاد الواقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا"، والتي ستشهد معاناة الشركات والمزارعين من النقص الشديد في إمدادات المياه، ومن بينها البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وفلسطين و"إسرائيل" والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وإيران ولبنان.

ورجح القائمون على الدراسة بأن الطلب العالمي على المياه سوف يتزايد خلال العقود القليلة المقبلة، وأن الارتفاع في كثافة السكان سيؤدي بالتبعية إلى زيادة الاستهلاك للمياه من قبل الأشخاص والشركات والمزارعين، الأمر الذي سوف ينتج معه نزوح الكثير من السكان نحو المدن الحضرية وهو ما سيؤثر على إنتاج الغذاء وتوليد الكهرباء، علي أنه ليس من الواضح من أين سوف تأتي المياه، حيث من المتوقع بأن يؤدي التغير المناخي إلى تزايد هطول الأمطار في بعض المناطق وإصابة بعض المناطق الأخرى بالجفاف.

وبحسب التقرير فإن المياه تمثل بعدًا كبيرًا في الصراع الدائر ما بين فلسطين و"إسرائيل"، كما أوضحت الحكومة في المملكة العربية السعودية أن سكانها سيعتمدون كليًا على واردات الحبوب بحلول عام 2016، وذلك بسبب الخوف من نضوب الموارد المائية.
ومن جهة أخرى، أورد مجلس الاستخبارات القومي الأميركي أن مشاكل المياه ستضع دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط في خطر أكبر من عدم الاستقرار وفشل الدولة بحسب ما أفاد التقرير.

وتعتمد منطقة الشرق الأوسط في إمدادات المياه على الآبار الجوفية التي تنضب بمعدلات مثيرة للقلق، وقدر المعهد الدولي للتنمية المستدامة أن نهر الأردن قد ينكمش بنسبة 80% بحلول عام 2100، وأن إمدادات المياه الجوفية ستشهد مزيدًا من التراجع مع تزايد الطلب.

وأظهرت الصور الواردة عبر الأقمار الصناعية حول تجربة المناخ واستعادة الجاذبية أن هناك انحسار في نهري "دجلة والفرات" أسرع من أي مكان في العالم باستثناء الهند التي فقدت نحو 117 مليون فدان / قدم من المياه العذبة المخزنة خلال الفترة من 2003 وحتى عام 2009.

وبيّنت أن التلوث في نهر "دجلة" الناجم عن تصريف مياه الصرف الصحي من المناطق الزراعية وتصريف المجاري بالقرب من بغداد هو العائق الرئيسي لتوافر المياه العذبة في العراق، وفقًا للتقرير الصادر مؤخرًا عن مؤسسة "بروكينغز".

وفيما يتعلق بمدينة صنعاء في اليمن فإن منسوب المياه الجوفية ينخفض لما يقرب من ستة أمتار في العام، وتناقش الحكومة نقل العاصمة، أما في مصـر فإن الطلب على المياه يزداد بسرعة كبيرة نتيجة الزيادة المطردة في أعداد السكان البلاد، بحيث أصبح لديها كميات أقل من المياه للفرد سنويًا، ووفقًا للإحصاءات الحكومية فإن الفرد بلغت حصته من المياه 660 مترًا مكعبًا في عام 2013 بعد أن كانت تبلغ 2.500 متر مكعب خلال عام 1947.

وحث المحللون في سبيل مواجهة مشكلة نقص إمدادات المياه على إنهاء دعم المياه للمزارع الشاسعة مع رفع اسعار الطاقة ما يؤدي إلى التقليل من الإفراط في ضخ المياه واستخدام تقنيات الري الذكية للحد من إهدار المياه في المزارع.