القرود

كشفت دراسة جديدة أن القرود تبدي عاطفة كبيرة تشبه إلى حد بعيد تلك الموجودة لدى البشر، مشيرة إلى أنها تفضل العيش في جماعات والتعاون بينها في التماسك الاجتماعي وصحة الأفراد.

وأكد الباحثون أن قرود الماكاك تضع الرعاية الاجتماعية لأصدقائها في الحسبان عندما تختار ما بين عقاب أو مكافأة أقرانهم، علمًا أن دراسات سابقة اكتشفت أن قرود الماكاك تسعى إلى تخفيف آلام أقرانها.

ويحاول العلماء في مركز الإدراك الحركي في بورن وجامعة ليون في فرنسا، العمل على اكتشاف سلوكيات التعاطف والإيثار التي تبديها القردة، حيث تم وضع 14 زوجًا من القردة مقابل بعضهم البعض للاختيار ما بين اثنين من الإشارات البصرية الموجودة على شاشة باللمس ما بين عاطفتي المكافأة والعقاب.

واختارت القردة تحولًا في قراراتها التي يمكن أن تنعكس على الرعاية الاجتماعية لأقرانهم بمكافأتهم بمنحهم رشفة من العصير أو عقابهم في شكل نفث الهواء على العين، ويطلق عليها في الدراسة "نفث الهواء".

وبوسائل تتبع حركة العين المستخدمة لتسجيل نظرات القردة وومضات العين لبحث إشارات المشاركة الاجتماعية والآثار السلبية، اكتشف الباحثان سيبستين بالستا وجين ريني دوهامل، أن هذه المخلوقات تبدي تعاطفًا مع أقرانها، وكانت معظم القردة تميل إلى الابتعاد عن إرسال النفثة وتفضل منح شركائها مكافأة العصير.

وفوق كل هذا، لاحظ الباحثان أن ثماني حالات للسلوك الإيجابي أو "الاجتماعي الايجابي" عندما كان الأمر يتعلق بمكافأة أقرانهم بالعصير، فكان أربعة منهم غير مبالين واثنان لديهم سلوك اجتماعي عدواني، وكان قرد واحد فقط لديه سلوكيات عدائية لاختيارات أصدقائه، بينما بقية الحيوانات أظهرت نموذجًا من الإيجابية الاجتماعية أو لامبالاة وكان ذلك على أساس هوية الشريك والتكافؤ.

وبشكل مشوق امتنع القرد رقم 5 عن الإشارة لنفث الهواء حتى يستميل شريكته الأنثى ويؤثرها على نفسه، وأوضح الباحثون أن ملاحظة عدم راحة الآخر يمكن أن تثير النفور لدى الفرد أكثر من التعرض لذلك بنفسه، واكتشفوا أن احتمالية اختيار الخيارات الطيبة والخيّرة تكون مرتبطة بكمية النظرات بين الشركاء، وعلى وجه الخصوص يطيلون من وقت النظرات على بعضهم البعض إذا كان التعامل يتعلق بمكافأة.    

وفي مكان آخر، لاحظ الخبراء أن التعاطف بومضات العين عندما يتعرض الشريك لشيء غير مريح أو غير سعيد، وكتبوا: "النتيجة توضح أنه بعد اتخاذ القرارات الاجتماعية الايجابية يفكر الحيوانان في التواصل بشكل أكبر من خلال نظرات العين".

وأضاف الباحثون: "كانت الومضات استجابة مباشرة وتلقائية على نفث الهواء التي كانت تستهدف نظرات العين وعدم المفاجأة، وكان القرد المتهم بأقدر أقرانه ينظر كثيرًا ويصور ما حدث لأقرانهم بعدما نفثوا في وجوههم، وبشكل أكثر تشويقًا، لاحظوا أن النظرات التي تصل إلى الشريك كانت مرتبطة بتغير معدل النظرات وكانت تتضح قوة هذه الاستجابة لتميز الميول نحو الايجابية الاجتماعية". 

وأبدت القردة استجابة بالنظرات أكثر في رد الفعل تجاه نفثة الهواء التي يبديها أقرانها، واختتم الباحثون قائلين: "تؤكد نتائجنا أن قردة المكاك لديها فكرة عن الحالة المزاجية لأقرانها، والمعايير السلوكية مثل التعاطف بنظرة العين والنظرات المشتركة تبين أن درجات التعاطف والحنان لرغبهم في التواصل مع الأقران تختلف بين الأفراد".

وتابع الباحثون: "تمحورت الاختلافات بشكل أساسي في ما قبل الوجود، والروابط الاجتماعية التي توجد بين الجماعات في منازل القرود،  ومن ثم فإن نتائجنا توضح حقيقة أن استقلالية سلوكيات قرود المكاك تتشكل بشكل مبدئي وفقًا للقرارات الاجتماعية".