نيل المنيا

مصرف محيط اطسا في محافظة المنيا، يُعد المثال الحي الأكبر لحال مصر؛ من حيث الاستهانة بصحة المواطنين والضرب باستغاثاتهم عرض الحائط مدار سنوات طويلة لإنقاذهم من هذا المصرف الذي وصفوه بالوباء الذي يجري في نهر النيل، حيث يصب أكثر من 9 آلاف لتر مكعب من مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي مباشرة داخل مجرى نهر النيل، الأمر الذي يؤدي إلى إصابة أهالي القرى المحيطة به بالأمراض والأوبئة، إضافة إلى القضاء على الثروة السمكية والتأثير على محاصيل الأراضي الزراعية التي ترتوي من هذا المصرف.


ويتساءل مدير مدرسة اطسا الابتدائية خلف محمد، "كيف تنفق الحكومة المليارات على معالجة أمراض الكبد والكلى في الوقت الذي تترك فيه مسببات المرض ؟"، معربًا عن دهشته للسياسة التي تقوم بها الحكومة المصرية، من إنفاق المليارات على توعية ومعالجة الأمراض المزمن مثل التهاب الكبد الوبائي "فيروس سي" في حين أنَّها تغلق أعينها أمام كارثة مصرف المحيط لما يعد كارثة حقيقية تهدد حياة المواطنين.


ومن جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مركز شباب اطسا عبد المقصود علي، أنَّ هذا المصرف تم إنشاؤه عام 1994 ويبدأ من مركز ديرمواس جنوب المحافظة ويمر بمراكز ملوى وابوقرقاص والمنيا، ليصب في نهر النيل في قرية اطسا، بمياه مختلطة من صرف صحي وري زراعي وصناعي لأكثر من 9 آلاف لتر يوميًا، موضحًا أنَّ المصب يكون على بعد أمتار من محطة مياه الشرب التي تضخ المياه من نهر النيل لتوزعها على أنابيب المياه التي تغذي جميع القرى المحيطة، ما يؤدي إلى قيام المحطة بسحب مياه الصرف وخلطها بمياه نهر النيل وضخها في أنابيب المياه، الأمر الذي أدى إلى إصابة عدد كبير من أهالي قرى اطسا والفلاحين والبيهو بأمراض التهاب الكبد الوبائي وأمراض الكلى.


ويضيف أحد الصيادين في القرية، بكر عبد الموجود، أنَّه يصيد منذ ثلاثين عامًا، كميات كبيرة من الأسماك في نهر النيل بجوار القرية، إلا أنَّه بعد عمل المصرف؛ لاحظ الصيادون في القرية والقرى المجاورة انخفاض كبير في كميات الأسماك بسبب ارتفاع نسبة الملوحة فضلًا عن كون الأسماك التي يتم صيدها إن وُجدت تحمل ميكروبات وأمراض قد تنقل للإنسان، وأصبحت مياه نهر النيل مليئة بالحيوانات النافقة التي تجري في مياه مصرف المحيط.


أما رمضان جمال السيد 59 سنة موظف في إدارة تموين سمالوط يقول: إنَّه بالرغم من إرسال آلاف الاستغاثات لوزارات الزراعة والري والبيئة إلا أنَّ المسؤولون يتنصلون من هذه الكارثة بحجة أن تكلفة ردم المصرف باهظة لا تستطيع أن تتحملها وزارة واحدة، وتابع: إنَّ بعض المختصين اقترحوا بدائل لحل المشكلة ومنها تحويل مصب المصرف من النيل شرقاً إلى الظهير الصحراوي غربًا وإنشاء مزرعة غابات شجرية تُروى بمياه المصرف ولكنَّ هذه المقترحات باتت حبيسة الأدراج، مضيفًا أنَّ الأمراض والحشرات والذباب والناموس تحاصر الأهالي باستمرار وتكاد تفتك بهم بسبب هذا المصرف حتى أنَّ سائقي سيارات النقل والحافلات أصبحوا يتعرفون على القرية بشم الروائح الكريهة التي تنبعث بقوة من المصرف.


واستطرد السيد: كارثة مصرف المحيط يشعر بخطورتها القاصي والداني من أهالي محافظة المنيا وليس اطسا فحسب والدليل على ذلك تقدم  موظف بشركة كهرباء مصر الوسطى في المنيا يُدعى "مينا سمير" بتحرير محضر رقم 1282 إداري مركز سمالوط،  ضد محافظ المنيا اللواء صلاح زيادة و مدير شؤون البيئة ورئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي في المنيا ووجّه لهم الاتهام بتدمير موارد الدولة و تهديد صحة المواطنين بسبب صب مصرف مركز سمالوط في مياه نهر النيل.