مراكش - وسيم الجندي
سلطت قمة المناخ التي عقدت في مراكش الأسبوع الماضي، الضوء على خطط المغرب للطاقة النظيفة، وهو الأمر الذي أثار ثناء الجميع على هذه الخطوة من جميع أنحاء العالم فمن بين طموحات الملك محمد السادس هي مزرعة الرياح في المنطقة الجنوبية الغربية من البلاد وتعد هذه المزرعة هي الأكبر في أفريقيا وذلك بسبب التوسعات التي تمت خلال فصل الصيف، وقد بنيت هذه المزرعة خلال عامين فقط وبدأ العمل فيها عام 2015 وتمتد مزرعة رياح "طرفاية" على أكثر من 100 كلم مربع عبر صحراء صحران وتتألف من 131 توربينة رياح تولد ما يكفي من الكهرباء لتشغيل مدينة بحجم مراكش كل يوم لكن مشروع الطاقة المتجددة أثار الجدل أيضًا مع بعض الصحراويين وهم الذين عاشوا في غرب الصحراء الكبرى حيث أنهم يشكون من أن هذه المزرعة ستعمق ما يطلقون عليه بأنه احتلال لأرضهم، وهذا يتبع نزاع الصحراء الغربية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1975 عندما أشرف المغرب على "المسيرة الخضراء" في طرفاية في جميع أنحاء المنطقة حيث بدأت إسبانيا في تصفية الاستعمار العشوائي وبدأ الفرار الجماعي للاجئين الصحراويين والتي تبعها عقود من النزاع المسلح ما أدى إلى إعلان الأمم المتحدة بأن هذه المنطقة "منطقة لا تتمتع بالحكم الذاتي"، وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الوضع بأنه احتلال مبكر من هذا العام وقد طرد العشرات من موظفي الأمم المتحدة من البلاد.
وتعد "طرفاية" قرية هادئة وتحيط بها القليل من نقاط التفتيش العسكرية كما أن بها جمال وطيور النحام المرقطة كما أن بها 12 توربينة على شكل موجات وترتفع عن الكثبان الرملية الصحراوية لتبدو مثل سيرك الصحراء، كما أن أداءهم مرتفع وتوفر القرية نحو 900 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ونحو 200 مليون دولار من واردات النفط كما أنها جلبت خطوط نقل جديدة والتي يقول عنها المسؤولون إنها ضمان لإمدادات الطاقة في المجتمعات الصحراوية حتى ولو الكثيرون يشكون من أنهم مستبعدون من صناعة التكنولوجيا الخضراء وتقول حفصة طرفاوي وهي مهندسة مدنية تبلغ من العمر 25 عامًا في المصنع وهي صحراوية "ليس الأمر أن الصحراويين لا يجدون وظائف في صناعة مزرعة الرياح فعندما نريد ان نعين شخص تكون الأولوية للناس من هذه المنطقة لكن المشكلة هي أنه يوجد نقص في الجامعات وأماكن الدراسة هنا وإذا لم تكن لديك دبلوم فكيف لهم أن يقدموا لك وظيفة؟" وقد حصلت حفصة على أول وظيفة لها في المصنع بعد سنوات من الدراسة لكنها تقول "لو كنت صحراوية بدون خبرة لما كنت في هذا المكان" في مكان يتألف من 60 من العمال هناك موظفان صحراويان و15 حارس أمن.
وتقع "طرفاية" على الجانب المغربي من الحدود في الصحراء الغربية توجد 4 مزارع للرياح أو ستكون موجودة قريبًا على الجانب الآخر، وهذا المكان يمكن للرياح وموارد الطاقة الشمسية في الصحراء الغربية أن توفر أكثر من ربع إنتاج المغرب من الطاقة النظيفة والتي تقدر بنحو 42% من الكهرباء في المغرب وذلك بحلول عام 2020، وتعطي محطة "طرفاية" 400 ألف درهم (32 ألف جنيه إسترليني) للمدينة المحلية كل عام، كما أنها ترعى المشروعات المحلية وإجازات الشباب بالإضافة إلى تمويل برنامج إنارة الشوارع في "طرفاية".
لكن هذا لم يمنع المعارضة لمشروع مزرعة الرياح بينما الإعلان الموقع مع الاتحاد الأوروبي في مراكش يقضي بأن هذا يجب أن يقود إلى اتفاق لتصدير الكهرباء النظيفة من البلاد إلى أوروبا بحلول العام المقبل وقد كتب 51 عضوًا من البرلمان الأوروبي إلى المفوضية الأوروبية وإلى بان كي مون يحتجون على أي شيء قادم من الصحراء الغربية، ويقول سليم تامك وهو نائب رئيس كوديسا وهي جماعة خاصة بحقوق الإنسان الصحراوي في بريد إلكتروني "من المذهل أن نمتلك طاقة خضراء فمن مسؤوليتنا كبشر حماية العالم الذي نعيش فيه لكن إذا احتليت ساحة جارك لإنتاج الطاقة الخضراء وبيعها لهم في النهاية، صدقني فإن جيرانك لن يكونوا سعداء بهذا" وفي مقابلة شخصية مع تامك كان من المستحيل أن يتم أثناء محادثات المناخ الخاصة بالأمم المتحدة والتي استمرت لمدة أسبوعين وبعد الحملة الأمنية التي شهدت اعتقال نشطاء وصحفي جزائري واحد على الأقل هو حمزة حموتشيني والذي تم ترحيله إلى مدينة أغادير.
وتُصنف المغرب في المرتبة 131 من بين 180 دولة من حيث حرية الصحافة، وقد حذّر تامك من الاضطرابات في حال قمع أصوات الصحراويين بسبب عملية الطاقة النظيفة حيث كتب "تقسم الشركات متعددة الجنسيات الموارد الطبيعية في بلادنا دون استشارة أو أي نفع يعود على الصحراويين كما شهدنا مؤخرًا الاحتجاجات الضخمة في مخيم اللاجئين ضد سيمنز وإينيل" وأضاف "وهناك وعي متزايد في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية حول هذا الموضوع وفهم العواقب على المدى الطويل".
ويدعو التقرير الذي يدعمه تامك بالنسبة لشركة سيمنز وإينيل للانسحاب من المشاريع الصحراوية للمساعدة في دفع عملية السلام المحتضرة في المنطقة، ومثل هذه المطالب تثير الشكوك والريب بين النخبة السياسية المغربية وردت وزيرة البيئة في البلاد حكيمة الحيطي قائلة "ماذا يفضلون: أن تكون لديهم طاقة أم أن يكونوا معزولين؟ أن تكون لديهم طاقة أم أن يكونوا قريبين من منشأة الفحم؟" وأضافت "لقد تم حل القضية السياسية، ولا أعرف أي صحراء غربية، ولا توجد في بلدي سوى الصحراء وجنوب المغرب" وأصرت حكيمة أن 90% من السكان المحليين سعداء بهذا المشروع وأن "فقط 0.0001% من السكان" هم من ينتقدون المشروع وقالت "ربما الناس الذين يتحدثون ليسوا من مواطني المغرب؟" وبالمثل فقد تضاءل بعض الدعم الشعبي خاصة بعد تسريح مئات العمال الصحراويين بعد الانتهاء من بناء المحطة وتعترف المهندسة حفصة "كان الأمر وحشيًا بعض الشئ".
وتبدو بعض الاقتراحات مريبة بعض الشئ فقد ذكرعبد اللطيف الغالي مدير طرفاية إن الصناعات المحددة لا يمكنها أن تعمل بالطاقة المولدة من التوربينات "نحن ننقل فقط الكهرباء إلى الشبكة الوطنية" وأضاف "عميلنا الحصري هو شركة أوني وهي شركة كهرباء وطنية وهكذا نولد الكهرباء لها" وقد أكد أحد مهندسي الموقع هذا الكلام، أما الآن فإن التهديد الأكبر لمحطة الطاقة المتجددة البعيدة تأتي من 3 أنواع من الثعابين السامة للغاية ونوعين من العقارب بعضها يمكن ان يقتل شخص في غضون 30 دقيقة وتشير علامات إرشاد العمال إلى ركل أبواب محطة الطاقة قبل الدخول ثم الوقوف مرة أخرى في هذه الحالة بينما يقول مهندس الصيانة نبيل فضيلي والبالغ من العمر 28 عامًا في طرفاية "يمكن التحدي الأكبر الذي نواجهه في الحفاظ على استمرار المحطة في العمل على مدار العام فنحن نهدف إلى توافر التشغيل بنسبة 95% وهذا أمر صعب جدًا" .