لندن ـ كاتيا حداد
كشفت دراسة حديثة أن الفئران بدأت في استعمار المنازل والمستوطنات البشرية في الشرق الأوسط منذ 15 ألف عام.
ووفقًا لما أوردته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، كان يُعتقد أن الثدييات الصغيرة مثل الفئران والجرذان عاشت مع البشر في الوقت الذي شاعت فيه الزراعة، وهذا يعزو إلى أن المجتمعات البشرية الزراعية كانت أكثر استقرارًا من المجتمعات المتجولة التي تعتمد على الصيد.
وقالت الدراسة إن الفئران تستعمر المجتمعات المستقرة بغض النظر عن نشاط تلك المجتمعات، لذا فعندما تتوقف مجتمعات الصيد عن التجوال، ولو لفترة قصيرة من الزمن، تنتقل الفئران للعيش معهم، وذلك لأن البشر يوفرون بيئة مثالية للفئران التي تبحث عن مأوى وغذاء.
وأضافت الدراسة أن الفئران تعلمت الاستفادة من هذا الأمر وبدأت استعمار المستوطنات البشرية المستقرة لتشييد مستوطناتها الخاصة، مشيرة إلى أن الفئران المنزلية تطورت خلال تلك الفترة لأنواعٍ أخرى لتتفوق في نهائية المطاف على الفئران البرية.
وأوضحت الدراسة أن جذور "تمدن" الفئران ترجع إلى آلاف السنين بالتزامن مع اكتشاف البشر للزراعة، لافتة إلى الفئران كانت تعيش في المنازل قبل اكتشاف الزارعة بثلاثة آلاف عام ولكن في قرى الصيادين وبعض مناطق شرق البحر المتوسط.
وضم الفريق القائم على الدراسة علماء من الولايات المتحدة وفرنسا وجامعة أبردين في المملكة المتحدة، ركزوا جمعيهم على استكشاف موقع قديم للصيادين الناطفيين في وادي الأردن، وتعتبر الثقافة النطوفية أول ثقافة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط اعتمدت على القرى كمستوطنات عكس الصيادين الذين كانوا يعيشون في مناطق مختلفة وحسب الظروف الموسمية.
وفي وادي الأردن، أظهرت الحفريات نسبة كبيرة من الفئران المنزلية والبرية كانت تعيش في حقب تاريخية مختلفة، حيث درس فريق العلماء الاختلافات في الأشكال المولارية لأسنان الفئران المتحجرة، والتي كانت تعيش منذ 200 ألف سنة.
ففي الوقت الذي استقر فيه الأفراد في مستوطنات لفترات طويلة، شاعت الفئران المنزلية بشكل أكبر من فئران الحقول قصيرة الذيل، حيث طردت الفئران المنزلية أغلب منافسيها من المستوطنات البشرية وتحكمت في الغذاء والماء والمأوى.
وفي فترات الجفاف أو نقص الغذاء وحينما اضطر الصيادون إلى الانتقال والتجوال كثيرًا، كان هناك توازن في أعداد الفئران المنزلية وفئران الحقل.
وقالت، فيونا مارشال، عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة واشنطن في سانت لويس، وإحدى أعضاء الفريق القائم على الدراسة، إن "هذه الدراسة تُعد الدليل الأول على أن البشر كانوا يعيشون في مكان واحد منذ 15 ألف عام وهو ما أثر على مجتمعات الحيوانات المحلية، الأمر الذي أدى إلى استعمار الفئران للمنازل".