السيد القصير وزير الزراعة

أدت التغيرات المناخية خلال الفترات الماضية إلى الكثير من الأضرار غير المتوقعة بعيدا عن تأثيرها المباشر على المواطنين لتشمل جميع مناحي الحياة. ويعد القطاع الزراعي من أكثر القطاعات تضررا من الموجات الحارة الشديدة، والتي جاءت نتيجة تغيرات غير مسبوقة تشير إلى ظواهر جوية أكثر تطرفا في فصول السنة أصبحت تعانيها مصر وباقي دول العالم، ما انعكس على أسعار المحاصيل وقلة إنتاجها.

السطور السابقة، تكشف عن التحدي الخطير الذي يتطلب خطة عاجلة ومواجهة حاسمة من الحكومة للتعامل مع الواقع الجديد الذي فرضته التغيرات المناخية، خاصة في ظل توقعات خبراء الأرصاد حول شتاء قادم قارس البرودة.

وفي هذا السياق، قال السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إنه تم تسجيل 15 صنفا جديدا من سلالات تقاوى الخضر المميزة، التى تقاوم التغييرات المناخية، وترفع إنتاجية الفدان، الى جانب الحفاظ على جودة التربة الزراعية وخصوبتها.

وأشار في تصريحات صحفية، إلى أن خبراء المعامل البحثية بوزارة الزراعة نجحوا فى استنباط 15 نوعا جديدا من سلالات الخضر كالطماطم والباذنجان واللوبيا والبطيخ والكنتالوب والكوسة والخيار وغيرها، قادرة على مقاومة التغييرات المناخية، وتعطى أعلى إنتاجية كما تحافظ على جودة التربة وخصوبتها، لافتا الى أن بذور التقاوى الجديدة متأقلمة مع الأجواء المصرية، ويتم إنتاجها بأقل تكلفة من الأستيراد وهى ترفع معدلات الإنتاجية وتستهلك كميات قليلة من المياه.

بدوره، قال شاكر أبو المعاطي، أستاذ المناخ ورئيس قسم الأرصاد الجوية بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى، أن التغيرات المناخية أصبحت حديث الساعة خلال الفترة الأخيرة، وامتدت تأثيراتها لكافة مناحي الحياة، خصوصا قطاع الزراعة الذي يعد أكثر هشاشة وتأثرا بفعل تلك الموجات.

وأضاف  أن مصر تشهد انحرافا في العوامل المناخية عن المعدلات الطبيعية، الأمر الذي بدوره يؤثر على المنظومة الزراعية كاملة بداية من الزراعة وما بعد الحصاد مرورا بمكونات الثمار التى خرجت قد نلاحظه على سبيل المثال في نسبة السكريات داخل الفاكهة.

وأشار أبو المعاطي، إلى أن كثيرا من الفواكه والخضروات تأثرت بدرجات الحرارة المرتفعة لعل أبرزها ثمار المانجو وكذلك الزيتون، والذرة التى شهدت عدم اكتمال الحبوب، بالإضافة إلى أن دورات الحشرات والأمراض تكون أكثر من معدلاتها.

وتابع: أن ارتفاع الحرارة أدى لارتفاع عملية البخر، ومن ثم استهلاك كميات أكثر من المياه، وهو ما بدوره تسبب في تغير الخريطة الزراعية ومواعيدها وأصنافها.

وأوضح أستاذ المناخ، أن مركز البحوث الزراعية بدأ في العمل على خريطة زراعية جديدة تسمح بمواجهة التغيرات الطارئة، كما انتهينا لتوصيات بأصناف لبعض هُجن تسمح بالبقاء لفترات قصيرة في التربة، ومن ثم تحمل الإجهاد الحراري، والبيئي والملحي، بما يسمح بتحقيق الاكتفاء المحلي للمواطن المصري، مشيرا إلى أن هناك خطة من الرئيس لإنتاج تقاوي من الخضار تتحمل الظروف البيئة وتكون أكثر مقاومة وأقل انتاجية بدلا من استيرادها بتكلفة عالية.

بدوره قال الدكتور صابر عثمان، خبير مناخ، إن هناك مفهموما خاطئا لدى البعض حول أن التغير المناخي يتسبب في رفع درجات الحرارة.

وأضاف عثمان في تصريح لـ"النبأ" أن التغير المناخي يزود الطاقة في الغلاف الجوي، والذي من شأنه يؤدي إلى خلل في مظاهر الطقس خلال المواسم الأربعة مما يؤدي إلى الارتفاع الشديد في الحرارة أو الانخفاض الكبير في البرودة وكذلك في زيادة كمية الأمطار.

وأضاف خبير المناخ، أن ماسبق يشير إلى التطرف في مظاهر الطقس وهو ما يعنى ارتفاع متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية بما يعنى أنه ستكون هناك موجات حارة أو موجات سقيع شديدة وعواصف في فصول الربيع.

وعن التوقعات حول الطقس خلال الفترات المقبلة، قال، نحن أمام أكثر من سيناريو، جميعها مرتبط بقادة دول العالم، وموقفهم، متابعا "إذا تمكنوا من أخذ قرارات من شأنها المساهمة في الحد من الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ، فإن التغيرات ستكون أقل وإذا لم ينجحوا فإن التأثير سيكون كبيرا، وأكثر تطرفًا.

وتابع: إذا استمر الوضع بهذه الوتيرة فلن يكون الشتاء القادم به مشاكل فقط ولكن سيكون في الربيع أيضا والخريف مضيفا "تطرف في مظاهر الطقس، وظهور موجات غير معلومة التوقيت، ومن ثم تكون قدرة الدولة على مواجهتها ضعيفة لعدم استعدادها، خاصة أن التنبؤ بالطقس لا يكون لأكثر من 7 أيام قادمة.

من جانبه، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن مصر من الدول التى تأثرت بشدة بوتيرة التغيرات المناخية، وهو ما انعكس على المزروعات بشكل سلبي، وهو ما تسبب في تقليل الإنتاجية بشكل عام، والقضاء على المحاصيل في بعض الأحيان، بالإضافة إلى انتشار الأمراض.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبأ" أن التأثير السلبي للمناخ ظهر بشكل واضح على الزراعة هذا الموسم بشكل كبير، خاصة أن التغيرات المناخية ظهرت وقت "تزهير" بعض أشجار الفاكهة متابعا "موجة الحرارة التى شهدناها في مارس الماضي تسببت في سقوط الأزهار وسقوط عقد الثمار في كثير من أنواع الفاكهة وكان أشهرها المانجا، إلى جانب انتشار الآفات والحشرات مثل "المَن والقشرية" والتى بدورها تقوم بعمل مادة لزجة تسببت في حدوث ما يعرف بالعفن الإبابي، وأمراض أخرى في الخضروات.

وأشار إلى أنه تلاحظ ذلك في قلة الإنتاجية وقلة المعروض وهو ما تسبب في موجة ارتفاع جماعي في الأسعار، وصلت ل30% وفي بعض الفواكه والخضروات ل50% مقارنة بهذا الوقت من كل عام، متابعا "البطاطس والطماطم والمانجا لم تكن بهذا السعر في هذا الوقت رغم أن الدولة تتدخل بشكل كبير لاستيراد والحد من ارتفاع الأسعار".

وأضاف نقيب الفلاحين: أن تأثير المناخ لم يتوقف فقط على الإنتاجية ولكن تمتد آثاره للتربة التى تصاب بالتصحر في بعض الأحيان خاصة في المناطق الصحراوية والجافة كمطروح، والوادي الجديد"، أو ارتفاع للمياه الجوية ومن ثم تطبيل الأرض وموتها، أو عدم خصوبتها في بعض الأحيان الأخرى، مضيفا"تأثير المناخ خطير".

وتابع: إن هناك كثيرا من الخضروات والفواكه التى تأثرت بالتغيرات المناخية بخلاف المانجا، منها الطماطم، وهو ماظهر في ارتفاع سعرها في الوقت الحالي ونتوقع ارتفاعها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، بسبب تأثر العروة الصيفية بشكل كبير مما تسبب في قلة الإنتاجية، الخيار نظرا إلى أن زراعته في الأرض المكشوفة وانتشار الآفات، والعنب والرمان، والمشمش، والخوخ، وكذلك الفلفل، والبطاطس، واخرهم كان شديد هو الزيتون، متابعا "معظم الخضروات تأثرت بشكل كبير وأصبحت هناك قلة في انتاجها وهو ما انعكس على السعر.

ولفت إلى أنه تلقى كثيرا من الشكاوى من قبل الفلاحين منهم بمحافظات الصعيد والتي تبدأ حاليا في زراعة الطماطم، وشكاوى من موت الشتلات بسبب الحرارة وبالتالي فإن الفلاح الذي كان يستخدم 5 آلاف شتلة في الفدان الواحد أصبح يستهلك 10آلاف في محاولة لتعويض المفقود وهو ما يتسبب في تكبده الكثير من الأموال، بالإضافة إلى مزارعي المانجا، ومزارعي الزيتون.

وتابع: أن مصر وحدها لن تكون قادرة على التغلب على التغيرات المناخية لأبد من تكاتف العالم للحد من التأثير السلبي لانبعاث ثاني أكسيد الكربون، وغاز الميثان الذي يؤثر على التوازن البيئي.

وأضاف أبوصدام: من الممكن أن نحد من تأثير التغيرات المناخية الشديدة بتغيير الطرق فعلى سبيل المثال اتباع الزراعة داخل الصوب، تبكير المحاصيل أو تأخيرها، الاهتمام بالري المعتدل والقضاء على الحشرات والآفات ولكن في كل الأحوال فإنه يجب أن تكون هناك توعية كبيرة للفلاحين عبر عمل نشرة مناخية زراعية يومية للتعريف بمدى وحدة التغييرات المناخية المرتقبة.

وأشار إلى أن هناك تخوفات كثيرة من جانب فلاحين مصر بشأن التغيرات المناخية خاصة أننا تحت خط الفقر المائي وهو ما يعنى أن تغيرا مناخيا سيؤثر على مستوى المياه الجوفية ومن ثم زيادة التكلفة، بالإضافة إلى أن المزروعات المكشوفة تتأثر بشكل كبير بالتغيرات المناخية، مضيا: ونتمنى أن تتدخل الدولة لدعم الفلاحين وعمل صندق تكافل.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزارة البيئة المصرية تخصص خط ساخن للإبلاغ عن الحيوانات النافقة

تفاصيل خطة وزارة البيئة المصرية لتشجير المناطق الأكثر تلوثا