لندن - كاتيا حداد
كشفت دراسة جديدة أنّ شاربي الشاي يحتارون في تحديد الوقت الذي يتم فيه صنع هذا المشروب، ومع ذلك عما قريب سيتعرّضون إلى مجموعة من نكهات جديدة مذهلة، بفضل بحث حديث أجراه العلماء عن الجينوم الموجود في نبات الشاي الحساس، والذي يأملون في استخدامه لتطوير أصناف بنكهات جديدة تمامًا، من خلال تعزيز بعض المركبات وأنواع التكاثر والتي هي خالية تمامًا من الكافيين.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أنّ عشاق الشاي لن يكونوا بحاجة إلى استخدام الشاي منزوع الكافيين والمعالج كيميائيًا أو شاي "رويبوس"، والذي يتم إعداده في أحد مصانع جنوب أفريقيا والذي لا يندرج تحت أنواع شجرة الشاي.
وأوضح عالم الوراثة النباتية في معهد كونمينغ لعلم النبات في الصين، والذي قاد البحث لفك شفرة جينوم شجرة الشاي، البروفيسور ليتشي جاو، أن عملهم أتاح لهم تحديد الأساس الجيني للنكهات الموجودة في الشاي، كما أنه سمح لهم تحديد الجينات التي تجعل نبات شاي معيّن مناسبًا إلى أنواع مختلفة من المعالجات التي يتم من خلالها إنتاج الشاي الأسود والأخضر والأصفر والأبيض وشاي الأولونغ.
وأضاف جاو أنّ "هذا يمكن أن يستخدمه المربّون لزراعة أصناف جديدة تماما من شجرة الشاي والتي تمزج بنكهات مختلفة أو حتى نكهات فريدة من نوعها، وأن معرفة كيفية تشكيل نكهات الشاي وراثيًا وإجراء معالجة كيميائية للشاي سيساعد على تطوير مختلف أصناف شجرة الشاي مع مجموعة أكثر تنوعا من نكهات الشاي، ويحدونا الأمل من أن المزيد من أصناف شجرة الشاي الجديدة سوف ترضي أخيرا المزيد من شاربي الشاي في جميع أنحاء العالم وتجذبهم "، ويتم إنتاج معظم الشاي من أوراق الشجيرة دائمة الخضرة كاميليا سينينسيس، وهي شجيرة أصلها من آسيا، وهناك 100 نوع آخر من النباتات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بشجرة الشاي في عائلة كاميليا، ولكن لا شيء منها مناسب لصنع الشاي.
وقارن الباحثون الجينات والمركبات التي تنتجها شجرة الشاي مع 25 نباتًا آخر في عائلة الكاميليا، حيث وجدوا أنه في حين أن جميع النباتات في تلك العائلة تبدو أنها تنتج العديد من المركبات نفسها، فأن أشجار الشاي يبدو أنها تمتلك جينات معينة متعلقة بنكهة تكرر نفسها عدة مرات، وهذا يعني أن شجرة الشاي تنتج مستويات عالية من البروتينات والإنزيمات المشاركة في خلق المركبات اللاذعة المعروفة باسم الفلافونويدات والكافيين التي تجعل الشاي صالح للشرب، الأنواع الأخرى لم تنتج مثل هذه المستويات العالية من هذه المركبات.
وأشار البروفيسور جاو إلى أنّ "المستويات المختلفة من درجة النشاط فى هذه الجينات كانت مسئولة عن تغيير الطريقة التي يمكن أن تذوق بها الشاي عندما يزرع في تربة ومرتفعات وبيئات مختلفة"، مبيّنًا أنّه "تظهر نتائجنا أن التعبير التفاضلي من الجينات ذات الصلة بالفلافونويد والكافيين يحدد تراكم المركبات الأيضية الثانوية، والذي يحدد كذلك نكهات الشاي، مستويات وأنماط التعبير الجيني تعتمد على العوامل البيئية مثل الارتفاع ومعادن التربة".
واستغرق الأمر ما يقرب من 5 سنوات من الباحثين لتجميع جينوم شجرة الشاي كله. ويبلغ طوله 3.02 بليون حرف، وهو أكبر بمعدل أربعة أضعاف من حجم جينوم نبات البن، هذا التعقيد قد يفتح الطريق أمام تفسير الخليط المعقد من النكهات التي يمكن الحصول عليها من نوع واحد من النباتات.
وقدّر البروفيسور جاو وزملائه والذين نشرت دراستهم في دورية "Molecular Plant" العلمية أن 67% من جينوم شجرة الشاي مصنوع من "جينات القافزة" التي نسخت نفسها عدة مرات في نقاط مختلفة من الحمض النووي، وقد أدى هذا إلى توسع جينوم النبات توسعا سريعا، مما يساعد على التكيف مع المناخات والبيئات المختلفة في جميع أنحاء العالم، منوّهًا إلى أنّ فهم الكيفية التي يمكن من خلالها لتلك الشجرة التعامل مع الضغط والمرض يمكن أن يساعد أيضًا فى تقليل الحاجة إلى استخدام المبيدات فى محاصيل الشاي عن طريق تربية أصناف مقاومة للمرض، موضحًا أنّ "نحن مهتمون جدا بإجراء التجارب التي تمكن من التغلب على جينات التخليق الحيوي للكافيين من شجرة الشاي للمساعدة في تربية أصناف شجرة الشاي منخفضة أو منزوعة الكافيين، والتي لا تزال صحية جدًا بالنسبة لك ولكن يمكن أن تساعدك على النوم بشكل جيد أيضا".