القاهرة ـ شيماء أبوقمر/محمد فتحي
استضافت أمس الخميس، الإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية، في وزارة الشباب، أستاذ الموارد المائية والتربة في كلية الزراعة، جامعة القاهرة، الدكتور نادر نورالدين محمد، في ندوة بعنوان "آفاق التعاون والتكامل بين دول حوض النيل"، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الثاني لشباب دول حوض النيل.
واستهل الدكتور نادر، حديثه في تلك الندوة، بقوله
، "نأمل أن يكون نهر النيل مجالًا للخير والتعاون والمساهمة في نهضة دول حوض النيل"، مضيفًا أن "نهر النيل هو النهر الأطول، ولكنه ليس الأكثر مياهًا"، ومتمنيًّا أن "يكون هناك مخطط مشترك لجميع دول المنابع لتطوير واستغلال تلك المياه".
وأوضح أن "85% من نهر النيل يأتي من الحوض الشرقي الموجود في دول؛ مصر، وأثيوبيا، والسودان، وحوض الاستوائيات الكبرى، يضم 6 دول أخرى، ويأتي منها 15%".
وأكَّد على، أن "86% من زراعات العالم قائمة على الزراعات المطرية، وكل ما نستورده من قمح وذرة ناتج عنها، ولكننا نحتاج لتطويرها واستغلالها"، مطالبًا بـ"الاستغلال الزراعي وتحويله إلى استثمار زراعي كامل، وضرب مثلًا بدولة الصين، حيث إنه وحتى العام 2003، لم يكن لها أي تواجد في القارة الأفريقية، كاستثمار زراعي، وفي العام 2008 تجاوزت الاستثمارات 6 مليارات دولار، بينما تجاوزت 165 مليار دولار، في العام 2011، ودائمًا الميزان التجاري للصين رابح مع كل الدول، وصادراتها أكثر من واردتها".
أشار إلى أن "الإنتاج العالمي من القمح والأرز في تناقص مستمر؛ لأنه أصبح يستبدل الآن بإنتاج الوقود الحيوي، وهذا معناه أن80% من غذاء العالم، سيواجه بانتكاسات في الأسواق العالمية، وفى المقابل يزيد إنتاج الذرة".
وفَجَّر نورالدين مفاجأة، قائلًا أن "140 مليون طن من الغذاء يكفي العالم، يحرق في إنتاج الوقود الحيوي"، مضيفًا أن "لدينا القدرة العالية على الإنتاج الزراعي، ولهذا تهرول إلينا الدول العالمية للاستثمار، وسعر المنتج العضو من 3 إلى 5 أضعاف السعر التقليدي، ونستطيع تنمية الزراعة العضوية، وتأسيس البنية التحتية".
وأكد، أن "مصر من ثاني أكبر الدول المستوردة للذرة، و7 أكبر دولة مستوردة للزيوت في العالم، والفجوة الغذائية في الدول الأفريقية تصل إلى 60%، ويمكن أن نتعاون لإنتاج الحاصلات التي نستوردها، ويجب أن نتكامل مع تنزانيا، وأوغندا، وروندا، وبروندي، وباقي دول حوض النيل".
وأوضح، أننا "لدينا الفرصة للانطلاق بالتعاون فيما بيننا، والاستيراد من بعضنا البعض، وضرب مثلًا، بدولة البرازيل، والتي كادت أن تعلن إفلاسها، ولكنها تحولت لتكون ثامن أكبر كيان اقتصادي، ومن الخطأ أن نربط تأخرنا في الزراعة بنقص المياه، فنصيب الفرد من المياه في دولة الكونغو 23500 متر في السنة، في حين أن نصيبه في مصر 700 متر، وإذا كان التقدم في نسبة المياه لكانت دولة الكونغو أكبر دولة أو كندا التي تملك 1/5 مياه العالم".
وتطرَّق نورالدين، بعد ذلك للحديث عن فاقد المياه، وكيف أن هذا يعد إهدارًا كبيرًا، وتحدَّث عن الفاقد في بحيرة "كايوجا" في أوغندا والذي تبلغ نسبته 30 مليار متر مكعب من المياه، وجنوب السودان تفقد من مياه نهر النيل 40 مليار متر مكعب، وبحيرة ألبرت تفقد 20 مليار".
وفي إطار إقامة السدود، أكَّد نورالدين، على أن "مصر لا تمانع على الإطلاق إقامة أية سدود، ولكن بتحفظ، وهو ألا تقل نسبة المياه الخاصة بمصر"، مضيفًا "أننا نريد أن تحصل أثيوبيا على الكهرباء اللازمة لها، ولكن بشرط ألا يؤثر هذا على نسبة المياه الخاصة بمصر".
وأوضح، أن "مصر دولة صحراوية تعيش على 5% من مساحة مصر، وأثيوبيا لديها حتى الآن 13 سدًّا، والنيل الأزرق يصنف عالميًّا على أنه آخر نهر يسمح بإقامة سدود لأنه يحمل 245 مليون طن طمي، وتلك الكمية على مساحة السد ستردم السد كاملًا في أقل من 50 عامًا، وستقل كفاءة الكهرباء بنسبة 25% كل 10 سنوات"، مشيرًا إلى أن "تلك النسب من واقع التقرير والخريطة التي أعدتها وزارة الموارد المائية في أثيوبيا، وتخوفاتنا من إقامة هذا السد تكمن في أنه سيتم على إثره إقامة 3 سدود أخرى بنسبة 200 مليار متر مكعب".
وطالب الشباب الحضور، بـ"ضرورة إنشاء مركز لمنابع حوض النيل ويكون له فروعه في 11 دولة مشتركة في حوض النيل"، بينما أثنى نورالدين على الفكرة، مؤكدًا عرضها وتبنيها والسعي إلى تحقيقها.
وكشف أنه "سيكون هناك وزير خاص بالموارد المائية لحوض النيل في الوزارة المقبلة"، مطالبًا رئيس وفد دولة إريتريا، بـ"ألا نكون أداة لضرب بعضنا البعض، وأن نساعد بعضنا ولاسيما في مجال التصدير".
وتابع نورالدين، "حاولنا مع أثيوبيا ليكون التصدير عن طريق إريتريا، إلا أنها رفضت وأصرت أن يكون التصدير من خلال جيبوتي"، موضحًا "أننا لابد وأن نتكاتف كدول حوض النيل لتطوير الموانئ والكهرباء، وأنّ نزيل أية خلافات بيننا".
وتحدث محاضر من الوفد الكيني، مؤكدًا على "ضرورة أنّ يحدث تعاون، وخصوصًا في المجالات التجارية"، مشدّدًا على "دعم دولته لدول حوض النيل"، وعقَّب نورالدين، "على أننا دائمًا ندعم دول حوض النيل، وأقمنا مصنع للمواسير في أديس أبابا منذ العام 1995، بالإضافة إلى "أننا رفعنا الاستثمارات في أثيوبيا".
وأكدّ أنه "أثناء عمله كمستشار لوزير التموين أول قرار اتخذه هو استيراد الشاي الكيني وبعدها تم استيراد البن والكاكاو وذلك منذ 2005 وحتى الآن"، موضحًا أن "من لا يملك غذاءه لا يملك قراره".
واختتمت فعاليات الندوة، بالتأكيد على "ضرورة التعاون والتكامل بين دول حوض النيل كافة من أجل استعادة أفريقيا لدورها الريادي في المنطقة".