القاهرة - مصر اليوم
لا تزال قصص المجوهرات والمزادات الخاصة بكنوز العائلة الملكية فى مصر تبوح بالكثير من الأسرار، ومن بينها قصة الماسة الملعونة "نجمة الشرق" التى اشتراها قبل زوال ملكة إثر قيام ثورة يوليو.
تنفرد بنشر مذكرة نادرة صدرت من مكتب المحامى محمد فريد زغلول، الذي وكلته شركة "هاري ونستون"، فى قضية "ماسة نجمة الشرق، والماسة الملونة"، واسترداد أموالهما بعد شراء الملك فاروق الأول لهما دون أن يرد باقي الثمن للشركة؛ بسبب قيام ثورة 23 يوليو 1952م
المذكرة النادرة تستعرض شخصيات عدة، كما تستعرض عشق الملك فاروق الأول لجمع المجوهرات والتحف، وتكشف أن فاروق كان يصمم على شراء الزمرد والياقوت من خلال عملاء له فى أنحاء العالم، وأنه قام برد الكثير من الزمرد والياقوت لشركة هاري ونستون حين تمت الإطاحة به من خلال السفارة الأمريكية حسب اعتراف هاري ونستون مالك ماسة "نجمة الشرق".
وتعد ماسة "نجمة الشرق" أغلى ماسة فى العالم، ويعود موطنها إلى الهند، وهى على شكل كمثري، وقد انتقلت إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني قبل أن تنتقل لصائغ فرنسي، ثم انتقلت لـ إيفالين والش ماكلين التى اشترت "نجمة الشرق" و"ماسة الأمل" التى كانت ترتبط بلعنة لكل من يشتريها، حيث تضم مواقع الانترنت صورة لها، ثم اشتراها الصائغ الأمريكي هاري وينستون، التى باعها للملك فاروق، حيث لم يتلق أي مدفوعات حسب ادعاءاته، وقد ساعدته حكومة الثورة فى مصر فى استردادها بعد تقديمه لمستندات يُثبت أنه من لم يتلق مبلغ الشراء كاملا، وقد عُرضت تلك الماسة فى متحف الفن الحديث بنيويورك، إلا أن مكانها الحالي غير معروف.
المستند يكشف أن شركة "هاري ونستون" المملوكة للصائغ الأمريكي الشهير، ومقر شركته نيويورك، قام برفع دعوى ضد الملك السابق فاروق أحمد فؤاد وتمثله إدارة تصفية الأموال بوزارة المالية والاقتصاد بالقاهرة فى الدعوى رقم "2242" لسنة 1953- 1954م ، وأن المحامى محمد فريد زغلول قدم للجنة الأموال حافظة المستندات للدعوى التى رفعتها شركة "هارى ونستون"، ويشير ملخص الدعوى أنه فى شهر أغسطس من عام 1951م، تقابل هاري ونستون الصائغ الأمريكي الشهير، مع الملك السابق فاروق فى أوروبا، وطلب فاروق إحضار ماستين هما :"نجمة الشرق، والماسة الملونة"، وأن يكون إرسالهما عن طريق سفير مصر فى باريس، وكان وقتها أحمد ثروت بك، حيث اتصل هاري ونستون من مقر شركته بأمريكا، وطلب إرسال الماسة على دفعتين إلى أحمد ثروت بك سفير مصر فى باريس؛ لتوصيلهما إلى الملك السابق فاروق الأول، نفذت الشركة التعليمات الصادرة لها، وأرسلت فى 20 أغسطس عام 1951م الماسة الملونة، والتي يبلغ وزنها 70.10 قيراطا لسفير مصر فى باريس، كما أُرسلت فى 25 أغسطس 1951م الماسة الأخيرة "نجمة الشرق"، وتم الاتفاق على ثمن الماستين وهو 322.500 ألف دولار ثمنا لـ"الماسة الملونة"، ومبلغ 967.500 ألف دولار لماسة "نجمة الشرق"، وقد دفع الملك فاروق من ثمن الماسة الأولى مبلغ 151 ألف دولار، بشيك صادر من أحمد نجيب باشا الجواهرجى لهاري ونستون.
يذكر أن نجيب بك الجواهراجى، هو جواهرجي العائلة المالكة فى مصر، وتقول الروايات أنه كان سببا فى الزواج الملكي الشهير للملك فاروق من زوجته الثانية الملكة ناريمان، أما الإيطالي أنطون بوللى فقد كان مديرًا خصوصيُا للملك فاروق، وقد ذهب لبلاده عندما نشبت الثورة، وتؤكد مذكرة المحامى أن نجيب الجواهرجى، وأنطون بوللى، كانا وسيطان فى هذه الصفقة التى تمت بين فاروق الأول والشركة، وطالب هارى ونستون بباقي الأموال وقدره 823و401 جنيه مصري، وقدم هاري ونستون كافة الأدلة على استلام فاروق للماستين فى عام 1951م، وأهمها إيصالات بريد من نيويورك وباريس تُفيد تسليم الماستين لسفير مصر فى باريس، فيما أنكر أحمد ثروت بك فى أقواله بتاريخ 1-11-1952م أنه استلم الطردين؛ مما اضطر شركة هاري ونستون إلى استخراج شهادة من الحكومة الأمريكية، وحكومة فرنسا تسجل فى صراحة ووضوح أن الطردين قد تم تسليمهما تسليما قانونيا للسفارة المصرية فى باريس، والمستندات كانت تحمل أرقام(23و33و34و35و37) وموجودة فى حافظة مستندات "هاري ونستون"، ومقدمة إلى اللجنة الدائمة للأموال المصادرة.
وطالب فريد زغلول محامى الشركة باستجواب سفير مصر فى فرنسا، وتم توجيه أسئلة له، ومن بينها هل كان سيادته فى باريس وقت وصول طردي الماس؟، وما هو رده على الإيصالين الصادرين من بريد باريس بأنهما تم تسليمهما للسفارة ؟، وهل يصح أن يقع التسليم لغيره من الموظفين؟، وهل يُثبت ذلك فى دفاتر السفارة؟، وقد تم الرد من السفير للجنة الأموال المصادرة بأنه كان متغيبا فى إجازة رسمية من الفترة 22 لـ27 أغسطس عام 195م، مؤكدا أنه يجري العمل بكل سفارة على تكليف أحد موظفيها باستلام بريد السفارة، كما أكد أنه حال وجوده بالسفارة لم يكن يباشر شخصا تسليم وإرسال ما يرد باسم الملك، كما أنه لا يتذكر اسم الشخص الذي كان مكلفا باستلام الطرود، وأنه أصدر قرارا بعدم إرسال أي طلبات للملك، إلا بعد فحصها وعمل قائمة بما تحويه، وإرسال صورة من تلك القائمة لرئيس الديوان الملكي
محامى الشركة أكد أن إجابات ثروت السفير لم يطعن على إيصالات البريد، ولم يحاول التقليل من قيمتها، مؤكدا أن من مضي على الطردين موظف بالنيابة عن السفير، إلا أن المحامى طلب الاستفسار على سؤال متى أصدر السفير قراراته بفحص الطرود، هل بعد وصول الماستين أم بعدها؟، مطالبا بالسجل الذي تدون فيه القائمة التى تسلم للديوان الملكي، مستفسرا هل يسمح لهم بفتح طرود مبرشمة لتوصيلها للملك فاروق ذاته، حيث أرسلت الشركة الطرد المبرشم كاتبة عليه "يُرسل هذا الطرد المبرشم لسيادة الملك فاروق ذاته"، وقال المحامى إن العُرف السائد أن يكون الإرسال إما عن طريق البريد الجوى، أو بطرد بواخر وبنفس الطريقة أرسلت الشركة من قبل الماسة "جونكار" المشهورة إلى عبد العزيز بدر بك سليم سفير مصر فى روما لتوصيلها للملك فاروق فوصلت، وتم بيعها كما تم دفع ثمنها كاملا، مؤكدا أن الملك فاروق كان يأمر الموردين بإرسال طلباته إلى السفارة المصرية بباريس، حيث لا تخضع لجمارك؛ لأنها معفاة بحكم العرف الدبلوماسي؛ لهذا كان يلجأ فاروق لهذه الطريقة المأمونة، كما أن إدخال الماس للدول مُرحب به لأنه يزيد من ثروتها القومية.
وورد فى حافظة مستندات الشركة أن الملك فاروق قد أقر بالماستين قبل مصادرة أمواله، وقبل صدور القرار رقم "598" لسنة 1953م المُنظم لمصادرة الأموال، بل طلب سداد ديونه، وهذا ينفى شبهة التحايل من الملك فاروق نفسه، أما الشاهد الثاني وهو أنطون بوللى، فقد أقر باستلام فاروق للماستين وشرائه لهما؛ مما جعل قيادة الثورة ترسل مندوبا له للاستفسار عنهما، وقد أقر بشراء فاروق لهما ومديونيته، كما أقر إلياس اندراوس المستشار الاقتصادي للملك فاروق باستلام الملك للماستين، ومديونيته لشركة "هاري ونستون"، حيث اعترف بالخطاب الصادر فى يوم 23 يوليو عام 1951م، واشتري فاروق الأول منه "ماسة جونكار" بمبلغ 800 ألف دولار أمريكي، دفعه الملك السابق بشيكات، ولو أنه غير شريف لطالب بأموال الماسة دون أن يعرف أحدا أنه استلم أموالها.
ومما يدفع الشبهات عن الملك السابق أنه طالب هارى ونستون بزمردة "قيراند ديوك بوريس"، وقد أرسلها للملك فاروق فى 11 يوليو سنة 1952م عن طرق قنصل مصر فى نيويورك كالعادة المتبعة، إلا أن فاروق أعاد الزمردة حال خروجه من مصر، وسلمها إلى المستر كافري سفير أمريكا فى مصر فاستلهما "هاري ونستون"، كذلك طلب هارى ونستون أن يبقى المبلغ المطلوب فى هذه الدعوى فى حالة الحكم به فى مصر ليُستغل فيها ولتزول كل شبهة قد تطرأ فى بعض الأذهان عنه بالسرقة والتحايل؛ لذلك طالب هاري ونستون "البنك الأهلي المصري" باتخاذ جميع الإجراءات فى هذا السبيل حين الحكم بالمبلغ المتبقي من الماسة، حيث إن قوانين النقد المصرية لاتسمح بإخراج هذا المبلغ من مصر لتنتهي مذكرة المحامى التى عرضت لنا صورة عما كان يحدث فى مصر فى عصر الملك فاروق
قد يهمك أيضا
بلاغ للنائب العام للتحقيق في عرض غرفة نوم الملك فاروق المسروقة للبيع