القاهرة- شيماء مكاوي
دعا الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي إلى إحياء ليلة القدر في العشرة الأواخر من رمضان اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل وشد المأزر، ويقول: "ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها".
وقال في الحلقة السادسة والعشرين من برنامجه الرمضاني "السيرة حياة"، إن البني "علمنا 6 معاني قلبية وعبادية في ليلة القدر, التي هي عبادتها خير من ألف شهر، المعنى الأول: حضور القلب: أن تشهد ليلة القدر بقلبك، وليس بجسدك، وأن يشهد قلبك على عظمة الله والإحساس بأسمائه الحسنى الرحيم الغفور الكريم".
وشرح خالد معنى لفظ الجلالة "الله"، قائلاً: "هو الاسم الجامع لكل أسماء الله الحسنى، مشتق من أَلَهَ، أي عُبد، والعبادة هي غاية الخضوع مع غاية الحب "وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون"، فهو المستحق للعبادة فأصل علاقتك بالله هي عبادتك، أو مشتق من وَلَه، من الوله بالشيء أي شدة الحب "والذين آمنوا أشد حبًا لله"، أو أَلِه، أي تحيرت العقول من ملكه وعظمته وقدرته وعلمه.
وأضاف: "معنى لا إله إلا الله، لا تعبد إلا الله ولا تحب أحدًا مثل الله، ليس كمثله شيء في قدرته وعظمته ولا ملجأ إلا الله"، متابعًا: "لا إله إلا الله لا تغلق فيها الشفاه، لو حذفت الهمزة الأولى يبقى لله: "لله ملك السماوات والأرض"، إذا حذفت الهمزة واللام الأولى يبقى له: "وله ما في السموات والأرض"، تحذف كل اللامات تبقى هو "وهو القاهر فوق عباده وهو العزيز الحكيم"، "قل هو الله أحد".
وأشار إلى أن "كل هذه المعاني ضغطت في لفظة واحدة تعني ملايين المعاني السابقة: هي لفظة الله.. هل تعلم له سميًا، هل هناك أحد في الكون تسمى بهذا الاسم أو ادعى هذا الاسم. أو معناه: هل هناك اسم في الكون يحمل هذه المعاني".
ووصف خالد، ليلة القدر بأنها "ليلة للماضي والحاضر والمستقبل، يتحرر فيها ماضيك من ثقل الذنوب والمعاصي بالمغفرة، ويستريح قلبك في الحاضر من ثقل الغل والكراهية بعفوك عن الناس، ويطمئنك في المستقبل من المخاوف ببركة شهود الليلة".
وذكر أن "ما يساعدك على الوصول لهذه المنزلة، أن تسمع النبي وهو يقف على المنبر في ليلة القدر يقول مثلما قال يومها: "أيها الناس أظلتكم ليلة هي خير من ألف شهر، ثم قرأ "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ".
وقال خالد إن شهود القلب لتلك الليلة المباركة مرتبط بفهم معنى خير من ألف شهر، أي خيرية؟.. ثواب أم فتح كبير أم سلام نفسي؟، معتبرًا إياها خيرية مطلقة عامة، خير من أعمار فوق عمرك في إصلاح فساد القلوب، وأمراض قلبك، لو بذلت أعمار فوق عمرك حتى تصلح قلبك، لن تستطيع أن تصلحه مثلما ستفعل في قلبك ليلة القدر.
ومضى شارحًا: "في فتح أبواب الجنة، لو بذلت أعمار فوق عمرك لتصل إلى منزلة عالية في الجنة لن تستطيع أن تصل إليها إلا بليلة القدر، في رضا الله عنك لو بذلت أعمار فوق عمرك حتى تحظى برضا الله لن تدرك ذلك مثل عبادتك في ليلة القدر".
واستطرد خالد قائلاً: "شهود قلبك لهذه الليلة يقودك إلى المعنى القلبي الثاني: حب الله.. املأ قلبك بحب الله، وهل بعث رسول الله في ليلة القدر إلا بسبب الحب.. أحبوا الله من كل قلوبكم هذه الليلة "والذين آمنوا أشد حبًا لله"، "يحبونهم ويحبونه"، تذكر نعمة عليك، النبي يعلمك كيفية الوصول للحب: "أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم".
وحث خالد على ضرورة أن يعيش الإنسان حياته كله، فإن لم يستطع فليعش ليلة القدر بهذه الآية: "قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ".
وأوضح أن "المعنى القلبي الثالث في ليلة القدر هو اسم الله القريب، وان تستحضر الماضي والحاضر والمستقبل: الماضي عفو، الحاضر حب مع الله، المستقبل شكر "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".
علاوة على المعاني القبلية الثلاث، أشار خالد إلى أن النبي فعل 3 عبادات في ليلة القدر: صلاة.. قرآن.. دعاء.
وقال: "سر رمضان القرآن، وسر ليلة القدر نزول القرآن"، مدللاً بقول النبي: "فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على سائر عباده"، حاثًا على استشعار جلال القرآن، وهو يخاطبك: "يا أيها الذين آمنوا".
وذكر أن "علماء القراءات يقولون إن قراءة القرآن لها 3 طرق: حدر (سرعة كبيرة)، توسط، ترتيل، والنبي كان يقرأ بالطرق الثلاث، أحيانًا يقرأ حدر، والدليل سنة الفجر، الصحابة يقولون: كنا نقول هل قرأ الفاتحة أم لا، وقول أحد القراء العشر، إنه قرأ على النبي حدرِ، لكن في الصلوات الجهرية توسط، في صلاة الفجر وفي ليلة القدر ترتيل، "ورتل القرآن ترتيلا"، والترتيل هدفه حضور وشهود القلب.
كما حث على أهمية الخشوع في الصلاة في ليلة القدر، وذلك بأن "تصلي صلاة مودع للدنيا.. اخشع.. أرسل روحك لله في الصلاة.. اسجد واقترب.. شرط السجود القرب.. إذا اقتربت فقد حققت معنى السجود كما أرداه الله، أنت الشاهد على نفسك، لو اقتربت ادع بسرعة، إنها فرصة العمر.
النبي كان إذا مر بآية رحمة دعا ربه، أو آية عذاب استعاذ ربه".
وقال إن ثالث عبادة في ليلة القدر هي الدعاء: هذه ليلة إجابة "تنزل الملائكة والروح فيها".
شروط إجابة الدعاء: اليقين في الإجابة، الخشوع والتذلل لله، عدم الاستعجال، أكل الحلال، أخرج صدقة في تلك الليلة لتطهر مالك.
كما دعا إلى إحياء ليلة لقدر كليلة عائلية، فقد كان النبي يوقظ أهله، وهي من العوامل التي تساعد على إحيائها، فإنك لن تستطيع أن تحييها بمفردك.