برلين ـ وكالات
تشير دراسة ألمانية حديثة إلى أن الشخص الذي يعيش حالة حب جديدة يقل إحساسه بمذاق الأطعمة عمن يعيش حالة حب قديمة أو من لا يعيش حالة حب إطلاقا. ولا يختلف الأمر سواء أكان المذاق حلوا أم مرا. والسبب هو هرمونات الجسم.عندما يقع المرء في الحب يصبح جسده في حالة طوارئ. والمثل الألماني القائل بأن "الطاهي الذي ينتابه الشعور بالحب يزيد الملح في الحساء" ينطبق تماما على هذه الحالة، لأن الشعور بالحب يؤثر فعلا في الإحساس بطعم الأشياء سواء أكانت مالحة أو حلوة أو حامضة أو مرة. والمسؤول عن كل هذا هو الهرمونات التي تشارك في كل وظائف الجسم تقريبا. فهي تشارك مثلا في تسيير عملية التمثيل الغذائي، وعمل الجهاز المناعي والتعرض للإجهاد. وتشارك أيضا في عملية بالحب.يقول كارستن هارمز من فريق البحث بمركز نقل التكنولوجيا (TTZ) بمدينة بريمرهافن في شمال ألمانيا: "الهرمونات تلعب دورا محوريا في الجسم، وكل ما نشعر به يتوقف عليها" ويضيف "عندما نقع في حالة طوارئ مثل الحب، يكون هناك ارتفاع في مستويات هرمونات عديدة، وهذا الارتفاع يمكن أن يلعب دورا أساسيا في مسألة التذوق."مسألة تغير التذوق عند الوقوع في الحب، قام العلماء باختبارها على مجموعة من 46 شخصا. وتضم هذه المجموعة شبابا وشابات حديثي الشعور بالحب، وكذلك أفرادا وأشخاصا لديهم علاقات حب منذ فترة طويلة. وقبل إجراء التجربة اجتاز المشاركون فيها إمتحانا نفسيا يسمى "اختبار مقياس الحب العاطفي "، هذا الامتحان موجود منذ عام 1986 حيث وضع أسسه الأمريكيتان إلين هاتفيلد وسوزان سبينسر. وفي ورقة أسئلة هذا الإمتحان أجاب المشاركون على أسئلة مثل: كم مرة تفكر في محبوبك أو تفتقده عندما يغيب عنك. وبعد اجتياز الاختبار يلتحق المشاركون حسب ما يناسبهم بمجموعة المتحابين حديثا أو مجموعات المراقبة. وأثناء الاختبار كان يتحتم على جميع المشاركين تذوق وشم أشياء وإعطاء عينة من لعابهم. وأخذ الباحثون هرمون الأوكسيتوسين وهرمون التستوستيرون كـ "مؤشر حيوي" أو مقياس لتحديد التغييرات الملحوظة في الجسم.نتائج الاختبار تشير إلى أن مستوى هرمون الأوكسيتوسين أثر في الواقع على مسألة التذوق لدى العشاق. نتيجة مثيرة للاهتمام حقا ، كما يقول هارمز، ولهذا يحتاج العشاق الجدد إلى كمية أكبر من الملح أو الحلو، أو الحامض أو المر في الغذاء للتفرقة بين المذاقات المختلفة. أما الأشخاص الذين يشعرون بالحب منذ مدة طويلة فاستطاعوا التفرقة بين المذاقات المختلفة بسهولة. هرمون الأوكسيتوسين يعرف أيضا باسم "هرمون الدلال" لأنه يرتبط بمشاعر الحب. ويتزايد إفراز هذا الهرمون لدى النساء مثلا بعد الولادة أو عند إرضاعها للمولود. لكن العلاقة بشريك الحياة تؤثر أيضا على الهرمون، كما يتضح من نتائج الدراسة. لأن كمية هرمون الأوكسيتوسين في لعاب الرجال والنساء ذوي العلاقات الممتدة لزمن بعيد، كانت أكبر منها لدى المجموعات التي ليس لها علاقات عاطفية.زيادة نسبة هرمون الدلال في الجسم ترتبط بحالة الحب التي يعيشها العشاقأيضا هرمون تستوستيرون، الذي يختلف نسبة تركيزه وتأثيره عادة بين الرجال والنساء، تساوت نسبته عند العشاق. كما أن الرجال الذين هم في علاقات حب منذ فترة طويلة انخفض مستوى التستوستيرون عندهم بشكل كبير عن العشاق الجدد. ويعتقد العلماء أن هذا دليل على وجود حالة حياة أكثر سلاما وتوازنا.ويوضح الدكتور هارمز أن تأثير التقلبات الهرمونية لا يتوقف على التذوق لدى العشاق فقط. فحالات استثنائية أخرى مثل إفراز الأدرينالين لدى ممارسي الرياضات الشاقة، أو الأشخاص الواقعين تحت ضغوط، قد تكون ذات صلة بنتائج التجربة التي شارك في إجرائها. فانخفاض الاحساس بطعم الملح، مثلا، يمكن أن يكون مؤشرا على حاجة الجسم إليه. ويشير هارمز إلى ضرورة استخدام "مؤشرات حيوية" عديدة، "لأن الوضع الهرموني في تلك الحالات القصوى لا يتعلق بهرمون الأوكسيتوسين وهرمون التستوستيرون فقط، وإنما بمزيج يعلن عن نفسه" ويقول هارمز: "لذلك فإن هذه الدراسة ليست سوى البداية. فاستخدام عدة هرمونات ومذاقات يمكن أن يساعد أيضاً على معرفة حاجة الجسم في الظروف الاستثنائية، مثل الحب، إلى عنصر غذائي آخر، أم لا." ويضيف هارمز أن مثل هذه النتيجة ربما تكون أيضا مثيرة لاهتمام شركات الصناعات الغذائية لتلبي في المستقبل هذه الأذواق الخاصة.