محاكمة متهمي مجزرة بورسعيد

قررت محكمة جنايات بورسعيد في جلستها المنعقدة اليوم السبت برئاسة المستشار محمد إسماعيل، تأجيل إعادة محاكمة المتهمين في قضية مجزرة ستاد بورسعيد الرياضي، إلى جلسة 21 سبتمبر المقبل، والتي راح ضحيتها 72 قتيلا وإصابة 254 آخرين في خضم أحداث العنف التي شهدتها إحدى مباريات كرة القدم بين الناديين الأهلي والمصري البورسعيدي مطلع شهر فبراير 2012 .
وتأتي إعادة محاكمة المتهمين في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في شهر فبراير الماضي، بنقض "إلغاء" حكم محكمة جنايات بورسعيد، في ضوء الطعون المقدمة من المتهمين المحبوسين الذين قضي بإدانتهم، بعقوبات تراوحت ما بين الإعدام شنقا والحبس مع الشغل لمدة عام واحد.. وأيضا في ضوء الطعون التي قدمتها النيابة العامة على ما تضمنه حكم الجنايات من براءة 28 متهما آخرين من بينهم 7 متهمين من القيادات الشرطية سابقا بمحافظة بورسعيد.
وجاء قرار المحكمة بالتأجيل لبدء الاستماع إلى أقوال الشهود.. مع تكليف النيابة العامة بضم نسخة من التحقيقات وتحريات وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني حول وقائع القضية، للوقوف على كيفية الإعداد للمباراة وتأمينها، وما إذا كان مدير الأمن ببورسعيد في تلك الأثناء هو وحده المسئول أم لا، وبيان ورود معلومات عن محاذير بإقامة المباراة لمدير الأمن أو أحد معاونيه، وتحديد المسئوليات بالنسبة لعدد من القيادات الأمنية.
كما تضمن القرار بيان دور كل من المدير التنفيذي للنادي المصري ومشرف أمن النادي وصلاتهما بروابط المشجعين، وضم صورة رسمية من تحقيقات قطاع التفتيش والرقابة التابع لوزارة الداخلية، مع ندب لجنة فنية محايدة من اتحاد الإذاعة والتلفزيون لمراجعة الإسطوانات المدمجة المستخرجة من غرفة تحكم الاستاد ببورسعيد والحضور في جلسة 22 سبتمبر لأداء اليمين القانوني أمام المحكمة.
وقد استهلت المحكمة جلستها بإثبات حضور المتهمين، وتلا ممثل النيابة العامة أمر الإحالة، وما تضمنه من اتهامات بحق المتهمين، ودور كل منهم في ارتكاب الجرائم التي يتضمنها قرار الاتهام.. وطالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا ضد المتهمين.
وقامت هيئة المحكمة بمواجهة المتهمين بالاتهامات التي أسندتها إليهم النيابة العامة، فأنكروا ارتكبهم لها.
وطالبت هيئة الدفاع عن المتهمين بإخلاء سبيلهم على ذمة القضية، استنادا إلى تجاوزهم لفترة الحبس الاحتياطي التي قررها القانون.
كما طالب الدفاع إلى المحكمة أن تنتقل لمكان الواقعة (ستاد بورسعيد) والمنطقة المحيطة لإجراء المعاينة اللازمة.. واستدعاء المستشار سامي عديله المحامي العام لنيابات بورسعيد الكلية وقت وقوع الأحداث، وتفريغ محتويات جهاز التحكم المركزي الذي يتضمن المقاطع المصورة لأحداث المباراة في حضور المحكمة.. مبررا ذلك الطلب بأن "هناك مقاطع مسجلة على هذا الجهاز تم حجبها من الدعوى".. بحسب قوله.
وطالب الدفاع إلى المحكمة بضم تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب "المنحل" واستدعاء أسامة ياسين وزير الشباب السابق، والإعلامي الرياضي أحمد شوبير، ووزير الداخلية محمد إبراهيم وسلفه أحمد جمال الدين، لسماع شهادتهم حول وقائع القضية، للوقوف على معلوماتهم عن القضية.
وكانت محكمة جنايات بورسعيد برئاسة المستشار صبحي عبد المجيد قد قضت في 9 مارس 2013 بمعاقبة 21 متهما بالإعدام شنقا، ومعاقبة 5 متهمين آخرين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، ومعاقبة 6 متهمين آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، ومعاقبة 6 متهمين بالسجن لمدة 10 سنوات، ومعاقبة متهم واحد بالحبس لمدة عام واحد مع الشغل، ومعاقبة 4 متهمين آخرين بالسجن لمدة 15 عاما، ومعاقبة متهمين اثنين آخرين بالسجن لمدة 5 سنوات، وبراءة باقي المتهمين في القضية وعددهم 28 متهما، من بينهم 7 متهمين من القيادات الشرطية سابقا بمحافظة بورسعيد.
وأسند أمر الإحالة إلى المتهمين جميعا (عدا القيادات الأمنية) في القضية مجموعة من الاتهامات بارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجنايات القتل والشروع فيه، بأن قام المتهمون بتبييت النية وعقد العزم على قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي "الألتراس" انتقاما منهم لخلافات سابقة واستعراضا للقوة أمامهم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة وقطع من الحجارة وأدوات أخرى مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وتربصوا لهم في ستاد بورسعيد الذي أيقنوا سلفا قدومهم إليه.
وأشارت تحقيقات النيابة العامة إلى أن المتهمين إثر إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة هجموا على المجني عليهم في المدرج المخصص لهم بالاستاد، وما أن ظفروا بهم حتى انهالوا على بعضهم ضربا بالأسلحة والحجارة والأدوات المشار إليها، وإلقاء بعضهم من أعلى المدرج، وحشرا في السلم والممر المؤدى إلى بوابة الخروج مع إلقاء المواد المفرقعة عليهم قاصدين من ذلك قتلهم.
وأوضحت النيابة أن المتهمين وآخرين مجهولين قاموا بسرقة الأشياء المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات (مبالغ نقدية - أجهزة تليفونات محمولة - زي رابطة ألتراس الأهلي وأشياء أخرى) والمملوكة للمجني عليهم.. كما خربوا وآخرون عمدا أملاكا عامة (أبواب وأسوار ومقاعد مدرجات ستاد بورسعيد وغيرها) والمملوكة لمحافظة بورسعيد، وكان ذلك بقصد إحداث الرعب بين الناس على النحو المبين بالتحقيقات.
وشدد أمر الإحالة على أن جنايات السرقة والشروع فيها والتخريب والإتلاف العمد هي نتيجة محتملة لجرائم القتل العمد والشروع فيها التي اتفق المتهمون على ارتكابها.. كما ارتبطت بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد موضوع التهمة الأولى جنحة البلطجة.. حيث كان قصد المتهمين وآخرين مجهولين من ارتكابهم لجناية القتل العمد على النحو السالف بيانه استعراض القوة أمام جمهور النادي الأهلي لترويعهم وتخويفهم بإلحاق الأذى البدني والمعنوي بهم مما أدى إلى تكدير أمنهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر على النحو السالف بيانه.
وأكد أمر الإحالة أن المتهمين أحرزوا وحازوا وآخرين مجهولين مواد تعد في حكم المفرقعات (مخلوط البارود الأسود وبرادة الألومنيوم وأكاسيد المعادن ومادة كلورات البوتاسيوم) قبل الحصول على ترخيص وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات "ستاد بورسعيد" واستعملوها في التعدي على المجني عليهم، وكان من شأن ذلك تعريض حياة الناس وأموال الغير للخطر بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام.
كما أحرزوا وحازوا وآخرون مجهولون أسلحة بيضاء "سيوف ومطاوي قرن الغزال وسواطير وسكاكين وجنازير وسنج وروادع شخصية" وأدوات أخرى مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير ترخيص أو مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية، وذلك بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام، وفى ارتكاب الجرائم السالف بيانها.
كما أسندت النيابة العامة إلى المتهمين من القيادات الأمنية وهم مدير الأمن ومساعدوه وقائد الأمن المركزي ومدير عام النادي المصري ومسئول الأمن بالنادي ومشرف الإضاءة، اشتراكهم مع باقي المتهمين وآخرين مجهولين، في قتل المجني عليهم، بأن علموا أن هؤلاء المتهمين قد بيتوا النية وعقدوا العزم على الاعتداء على جمهور النادي الأهلي وتيقنوا من ذلك وسهلوا لهم دخول ستاد بورسعيد بأعداد غفيرة تزيد على العدد المقرر لهم دون تفتيشهم لضبط ما كانوا يحملونه من أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة وأدوات أخرى، مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وسمحوا بتواجدهم في مضمار الملعب وفى مدرج قريب جدا من مدرج جمهور النادي الأهلي، مع علمهم بأنهم من أرباب السوابق الإجرامية، وتركوهم يحطمون أبواب أسوار مضمار الملعب إثر انتهاء المباراة، ومكنوهم من الهجوم على جمهور فريق النادي الأهلي في أماكن وجودهم بالمدرج المخصص لهم بالاستاد.
وذكرت النيابة أن المتهمين (من قوات الشرطة) أحجموا - كل فيما يخصه - عن مباشرة الواجبات التي يفرض الدستور والقانون القيام بها لحفظ النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم.. بينما قام متهم آخر (مشرف الإضاءة بالنادي المصري البورسعيدي) بإطفاء كشافات إضاءة الملعب لتمكين المتهمين من ارتكاب جريمتهم.

أ ش أ