الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى إيجاد إطار دولي شامل لتطوير سياسات التعاون لمكافحة الإرهاب. وقال في كلمته أمام الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء أول من أمس، إن «مصر أطلقت العملية (سيناء 2018) لمكافحة الإرهاب ودحره نهائياً من خلال استراتيجية تتناول الجوانب الأمنية والآيديولوجية والتنموية».

وقال السيسي: «أستطيع بناء على هذه التجربة، وعلى خبرة مصر في دعم مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا، أن أؤكد أن حجم التمويل، ونوعية التسليح، والتدريب، ووسائل الاتصال التي تحصل عليها الجماعات المتطرفة، فضلاً عن التساهل في انتقال وسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، تشير إلى أنه لا مناص من بناء منظومة عالمية لمكافحة الإرهاب حيثما وجد، ومواجهة كل من يدعمه بأي شكل».

وتشن قوات الجيش والشرطة عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء المصرية، منذ التاسع من فبراير (شباط) الماضي، لتطهير تلك المنطقة من متشددين موالين لتنظيم داعش الإرهابي. وتعرف العملية باسم عملية «المجابهة الشاملة (سيناء 2018)».

وأوضح الرئيس المصري في كلمته أن «تفكك الدول تحت وطأة النزاعات الأهلية والارتداد للولاءات الطائفية بديلاً عن الهوية الوطنية، هو المسؤول عن أخطر ظواهر عالمنا المعاصر مثل النزاعات المسلحة، وتفشي الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والجريمة المنظمة، والتجارة غير المشروعة في السلاح والمخدرات». وأضاف أنه «لا شك أن المنطقة العربية أكثر بقاع العالم عُرضة لمخاطر تفكك الدول الوطنية، وما يعقبها من خلق بيئة خصبة للإرهاب وتفاقم الصراعات الطائفية»، لافتاً إلى أنه لا مخرج من الأزمة في سوريا والكارثة التي تعيشها اليمن إلا باستعادة الدولة الوطنية، والحفاظ على سيادتها وسلامة مؤسساتها.

وأكد الرئيس المصري أن بلاده في طليعة الداعمين للحل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة في هذين البلدين الشقيقين، وترفض أي استغلال لأزمات الأشقاء في سوريا واليمن كوسيلة لتحقيق أطماع وتدخلات إقليمية، أو كبيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والطائفية... «والمبدأ نفسه ينطبق على سياستنا تجاه ليبيا، التي تضطلع مصر فيها بدور مركزي لدعم إعادة بناء الدولة ومواجهة مخاطر الإرهاب».

وطالب السيسي بالالتزام بإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية، وأنه على الرغم من جهود المنظمة الدولية في نزاعات كثيرة مثل جنوب السودان وأفريقيا الوسطى ومالي: «فلا شك أن تلك الجهود ما زالت قاصرة عن إيجاد التسوية النهائية للنزاعات، ولا يمكن أن نتحدث عن تسوية المنازعات كمبدأ مؤسس للأمم المتحدة، ومؤشر على مصداقيتها، دون أن نشير إلى القضية الفلسطينية التي تقف دليلاً على عجز النظام الدولي عن إيجاد الحل العادل المستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، والذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية... ومرجعيات الحل العادل ومحددات التسوية النهائية معروفة. فالمطلوب توفر الإرادة السياسية لاستئناف المفاوضات وإنجاز التسوية، وفقا لهذه المرجعيات».

وأكد السيسي أن حماية حقوق الإنسان «لن تتحقق بالتشهير الإعلامي وتسييس آليات حقوق الإنسان، وتجاهل التعامل المنصف مع جميع مجالات حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية... ومصر تمتلك أساساً دستورياً لحماية حقوق الإنسان بأشمل معانيها».

وفي القاهرة، لاقت كلمة الرئيس إشادات رسمية وبرلمانية ودينية وشعبية، وأشاد الأزهر بما تضمنته الكلمة من رؤى لتفعيل الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، معلناً تضامنه بعلمائه وأساتذته وطلابه مع دعوة الرئيس لإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية، وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة كاملة؛ للعيش بكرامة وسلام في دولة فلسطين العربية المستقلة.

وأكد الأزهر في بيان له أمس، ضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية العادلة، القائمة على مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة، وحمايتها من التفكك، تحت وطأة النزاعات الأهلية والولاءات الطائفية، لما يحمله ذلك من مخاطر وتهديدات جمة على كل الأصعدة.

وقال النائب صلاح حسب الله، المتحدث الإعلامي لمجلس النواب (البرلمان)، أمس، إن كلمة الرئيس «خريطة طريق واضحة المعالم لمواجهة الأزمات والمشكلات التي تواجه عدداً من دول العالم؛ خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، ومواجهة ظاهرة الإرهاب الأسود، التي باتت تمثل خطراً كبيراً على الأمن والسلم الدوليين».

وعلى هامش لقاءات السيسي في الأمم المتحدة أمس، التقى رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، وقال السفير بسام راضى المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس أعرب خلال اللقاء عن اعتزاز مصر بالعلاقات القوية التي تربطها بكوريا الجنوبية، والشراكة القائمة بين البلدين».

وأشاد الرئيس الكوري الجنوبي باستعادة الاستقرار في مصر، معرباً عن تطلع بلاده لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع مصر وزيادة حجم الاستثمارات الكورية في ظل ما تشهده مصر من نمو اقتصادي وحركة تنمية شاملة، لا سيما في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وفي مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، فضلاً عن تعزيز العلاقات السياحية والثقافية بين البلدين.
كما التقى السيسي، أمس، الرئيس السويسري آلان بيرسي، ورئيس البرتغال مارسيلو دي سوزا، وتناولت المباحثات القضايا ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب.