حزب الوفد المصري

تشهد أروقة حزب الوفد أكبر الأحزاب الليبرالية بمصر في الوقت الراهن، حالة من التوتر، عقب حملة انشقاقات ضربت الحزب خلال الأيام الماضية، بعد إعلان 20 قيادياً بالحزب تظلمهم من النتائج التي أعلنتها اللجنة المشرفة على انتخابات الهيئة العليا. وهو ما رد عليه المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب الوفد، بإعلان فصل 6 أعضاء من الحزب، وإحالة رئيس الحزب السابق الدكتور السيد البدوي للتحقيق، لتورطه – على حد قوله - فيما يحدث من أزمات داخل الحزب.

وقال مراقبون، إن «ما يحدث داخل الحزب العريق سوف يؤثر على مساعيه لتصدر المشهد السياسي بين صفوف المعارضة، فضلاً عن أنه سوف يلقي بظلاله على انتخابات المحليات المقبلة في ربوع البلاد».

وكان الحزب قد شهد قبل أسبوعين منافسات ساخنة في انتخابات هيئته العليا، تحت إشراف رئيس الحزب، وذلك بمقره الرئيسي في ضاحية الدقي بمحافظة الجيزة. وبلغ عدد المرشحين في الانتخابات حينها 116 مرشحاً، تنافسوا على 50 مقعداً.

و«الوفد» هو أحد أعرق الأحزاب المصرية، تأسس في عام 1918، وظل حزب الأغلبية حتى قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، التي ألغت النظام الملكي، وأعلنت الجمهورية، وحلت جميع الأحزاب السياسية. ويعود تشكيل «الوفد» إلى الزعيم المصري الراحل سعد زغلول، وعبد العزيز فهمي، وعلي شعراوي، وأحمد لطفي السيد، ومكرم عبيد، وآخرين، وذلك للمطالبة باستقلال مصر الواقعة تحت الاحتلال البريطاني آنذاك.

وقالت مصادر في «الوفد»، إن «المستبعدين من الحزب أكدوا أن رئيس الحزب قام بارتكاب فعل يتنافى مع لائحة (الوفد)، وأنهم مستمرون في الإجراءات القانونية والتصعيدية لإثبات أحقيتهم في العودة لحزبهم».

وكان أبو شقة قد عقد مؤتمراً صحافياً الليلة قبل الماضية، وتوعد خلاله من أسماهم بـ«الدخلاء على الحزب» بالرد عليهم بالقانون، وقال في كلمة له: «من يتعامل بدبلوماسية سنتعامل معه كذلك، ومن يتعامل بالعنف سنتعامل معه بأشد العنف بالقانون، وليس بالبلطجة».

مضيفاً: «أمام البعض مهلة لكي يعودوا إلى رشدهم، لحين عقد اجتماع الهيئة العليا في أقرب وقت»، مطالباً الحاضرين بالتصويت وقوفاً على القرار الذي اتخذه بشأن المفصولين والتحقيق مع البدوي؛ لافتاً إلى أن أعضاء الحزب شاركوا في انتخابات الهيئة الوفدية، ليثبتوا إرادة «الوفد» أمام الحضور، وأي حديث عن تلاعب في النتائج هو أكاذيب، وكل ما حدث في الانتخابات مسجل بالصوت والصورة، وكانت الشفافية هي أساس العملية الانتخابية.

واستبق 26 من أعضاء «الوفد» المتظلمين من نتائج انتخابات الهيئة العليا للحزب، مؤتمر أبو شقة، معلنين في مؤتمر آخر، رفضهم النتائج التي أعلنتها اللجنة المشرفة على الانتخابات؛ مطالبين بضرورة وقف نتائج الانتخابات لوجود ما أسموه «تجاوزات» شابت العملية الانتخابية.

وفاز أبو شقة، برئاسة بيت الأمة (أي حزب الوفد) في مارس (آذار) الماضي، عقب نهاية ولاية رئيس الحزب السابق الدكتور السيد البدوي، الذي قضى دورتين منذ عام 2010، كل دورة مدتها 4 سنوات.

وقال مراقبون إن «أبو شقة نجح خلال الفترة الماضية في لمّ الشمل داخل الحزب، وأنهى الخلافات التي دبت فيه منذ سنوات؛ لكن الحزب يشهد الآن موجة انشقاقات جديدة قد تؤثر على مسيرته المقبلة». ويشار إلى أن «الوفد» شهد كثيراً من الأزمات خلال عامي 2017 و2018، بين جبهة إصلاح «الوفد» والسيد البدوي، فضلاً عن أزمة ترشح البدوي للانتخابات الرئاسية الماضية، التي انتهت برفض هيئة الحزب العليا لترشحه.

في المقابل، أعلن ياسر قورة، عضو حزب الوفد، وأحد المفصولين، عن جمع توقيعات لطرح الثقة في رئيس حزب الوفد أبو شقة، وأنه جمع 144 عضواً حتى الآن، وأنه يجري استكمال العدد ليصل إلى 500 توقيع، وهو العدد القانوني للتصويت على ذلك؛ مضيفاً أنه تم «اتخاذ الإجراءات القانونية للطعن على نتائج انتخابات الهيئة العليا، وتم إرسال مذكرة للجنة شؤون الأحزاب بما يحدث في الحزب».