القاهرة ـ مصر اليوم
مساء «السبت والثلاثاء والأربعاء» من كل أسبوع، يتوجه محمد حسن، أحد الشباب بمدينة العريش شمال سيناء، لقاعة دراسية تعلو مسجد «النصر»؛ أحد أكبر مساجد شبه جزيرة سيناء ويقع على ساحلها الشمالي، وفى هذا المسجد يتلقى ضمن 200 آخرين من الرجال والسيدات من أعمار مختلفة، محاضرات دينية على يد علماء في علوم القرآن والحديث والتفسير، تؤصل المفاهيم حول وسطية الإسلام، وتواجه الأفكار المتشددة، وآراء «المتطرفين»، بالحجة والبرهان.
«هذه المفاهيم لطالما بحثت عمن يؤهلني لفهمها من منابعها الأصلية» هكذا قال حسن، مضيفاً: «وجدت ضالتي في مركز ثقافة إسلامية من بين 3 افتتحتها وزارة الأوقاف المصرية في شمال سيناء، لنشر ثقافة وسطية الإسلام ومواجهة الأفكار المتطرفة بواسطة دارسين عاديين من بين الأهالي».
ويعاني شمال ووسط شبه جزيرة سيناء من آثار وتبعات ظهور جماعات تكفيرية متشددة موالية لتنظيم «داعش» الإرهابي... وتشن قوات الجيش والشرطة عملية كبيرة في شمال سيناء ووسطها، منذ 9 فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من هؤلاء المتشددين. وتُعرف العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة (سيناء 2018)».
وقال حسن لـ«الشرق الأوسط» إنه من أبناء مدينة العريش، ويعمل موظفا بإحدى الشركات الخاصة، وأصبح من المهم بالنسبة له فهم الدين بأصوله، ومن أصوله الشرعية.
وتابعت الحديث نجوى السيد، وهي أم لـ3 أطفال وتسكن مدينة العريش، بقولها إنها ونحو 20 سيدة أخرى يشاركن في الدراسة بالمعهد الخاص بنشر الثقافة الإسلامية المعتدلة، لرغبتها أن تنشئ أسرتها على وسطية الدين دون تشدد وتطرف، مضيفة أنها تقتنص من وقتها ما بعد الظهر للدراسة «وهو موعد مناسب».
وأوضحت مديرية أوقاف شمال سيناء في بيان صحافي سابق لها، أن معاهد الثقافة الإسلامية تابعة لوزارة الأوقاف وتم فتحها في 3 مدن بشمال سيناء وهى: «العريش، وبئر العبد، والحسنة»، وتقدم للدراسة فيها 261 من أبناء شمال سيناء من أعمار مختلفة، ويسرت الوزارة على الدارسين كل شروط استمرارهم في الدراسة بتحملها نفقات دراستهم، وتخصيص علماء من المختصين في علوم القرآن والحديث والتفسير لإلقاء محاضرات... وتستمر الدراسة عامين دراسيين وتتيح للخريج من الذكور العمل خطيبا، وللسيدات واعظات في المساجد ومحفظات قرآن للسيدات والأطفال.
وأشار البيان إلى أن الدراسة انطلقت في هذه المعاهد بشكل جيد وناجح، ومقرر أن تتواصل خلال الأشهر المقبلة، وسبق اختيار الدارسين من بين متقدمين كُثر، بعد إجراء اختيارات معينة للوقوف على مدى استعدادهم للدراسة... وأن أهالي شمال سيناء أقبلوا على الدراسة في هذه المعاهد التي استهدفت نشر وسطية الدين ومحاربة التطرف من خلال الدعوة والعلم، الذي سيقوم به الخريجون وهم سيدات ورجال من أعمار مختلفة.
من جهته، قال الشيخ محمد العش، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة شمال سيناء، إن «ما شهدته هذه المراكز من إقبال الأهالي على الدراسة فيها، يشير لرغبة حقيقية لدى أبناء سيناء في مواجهة الفكر المتطرف، ورغبة منهم في نشر وسطية الدين وسماحته من خلال منافذ تعليمية شرعية».