الرئيس عبد الفتاح السيسي و إياد علاوى

جاءت زيارة نائب رئيس الجمهورية العراقي، إياد علاوي، الأخيرة إلى مصر، لكي تؤكد الخصوصية والعلاقة التاريخية التي تجمع البلدين، وتقدير المسؤولين في الحكومتين العراقية والمصرية، لضرورة رفع التعاون والتنسيق القائم في جميع المجالات، بما يحقق طموحات الشعبين.

حيث ذكرت صحيفة "الأهرام"أنه كان الهدف الرئيسي من الزيارة التي استغرقت يومين، هو التأكيد على دعم مصر للعراق في مواجهة التحديات التي يمر بها، وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب والقضاء على البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التهنئة بنجاح الانتخابات البرلمانية العراقية التي عُقدت في مايو الماضي، ودعم الجهود التي يبذلها المسئولون والكتل السياسية في بلاد الرافدين، لتشكيل حكومة تمثل جميع الأطراف، بما يضمن الاستقرار والحفاظ على وحدة العراق وعروبته وسلامه الاجتماعي، فضلا عن التأكيد على دور مصر في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك.

عودة العمالة المصرية 
وتبرز أهمية أخرى للزيارة، تتمثل في أن العراق مقبل على عملية موسعة، لإعادة إعمار المناطق المحررة بالمحافظات التي كان يسيطر عليها داعش، شمال العراق، فضلا عن تنفيذ مشروعات عملاقة في باقي المدن العراقية التي لم تمتد إليها يد التطوير منذ الغزو الأمريكي الذي دمر معظم البنية التحتية بها.

وتعتبر تلك فرصة ذهبية للشركات المصرية لاقتناص فرصة الاستثمار في ذلك السوق الجديد والكبير، فضلا عن أن السوق العراقي يستوعب العمالة المصرية، بما يعيد للأذهان عهد صدام حسين الرئيس العراقي الراحل، والذي شهد تواجد قرابة 5 مليون عامل من مصر في بلاد الرافدين، الأمر الذي يؤدي لحل أزمة البطالة في مصر رغم وجود أيادي ماهرة ومدربة، وذلك بعد عودة العمالة المصرية من ليبيا عقب الأحداث التي تلت الربيع العربي، فضلا عن الظروف الاقتصادية ببعض دول الخليج التي دفعت المصريون للعودة أيضًا.

وقد شهدت زيارة علاوي، لقاء مثمر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحضوره مباحثات مصرية عراقية مشتركة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء وزير الإسكان، واختتم زيارته بلقاء مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بمقر المشيخة.

مصر حريصة على وحدة العراق
حيث شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال لقائه علاوي، على رفض بلاده لجميع "محاولات التدخل في شؤون العراق الداخلية"، مؤكداً حرص مصر على "وحدة وسلامة العراق، ودعمها لمؤسساته الوطنية"، حسب بيان صادر عن مؤسسة الرئاسة، اليوم الإثنين، موضحًا أن موقف القاهرة بشأن العراق يأتي "في إطار ثوابت السياسة المصرية تجاه كافة دول المنطقة والعالم"، وأن مصر حريصة على "الوقوف بجانب العراق، والعمل على تطوير العلاقات معه في مختلف المجالات"، مشيداً بما يشهده التعاون الثنائي بين القاهرة وبغداد من تطور خلال الفترة الأخيرة.

وأعرب الرئيس السيسي عن خالص تمنياته بـ"النجاح في تشكيل حكومة عراقية وطنية وقوية تكون ممثّلة لكافة أبناء الشعب العراقي"، مبديًا ترحيبه بـ"المشاورات السياسية التي تجريها التيارات العراقية المختلفة لتنسيق مواقفها"، مشيراً إلى "دعم مصر لأية نتائج تحظى بتوافق الأطراف العراقية"، موضحًا "موقف مصر الداعم لوحدة العراق، ومساندتها لجهود القضاء على التطرف من جذوره واستعادة الأمن والاستقرار على كامل أراضيه".
وأشار الرئيس السيسي، إلى "أهمية مواصلة العمل على تعزيز تماسك النسيج المجتمعي العراقي لقطع الطريق على كافة محاولات بث الفرقة وإشعال الفتن في إطار موحد من المواطنة"، فضلا عن "أهمية استمرار التشاور والتنسيق الثنائي، بهدف تعزيز التكاتف والتضامن بين الدول العربية، في ظل الأزمات الإقليمية التي تواجه الأمة في الوقت الراهن، والتي تفرض أهمية ترسيخ وحدة الصف، ونزع فتيل الطائفية والمذهبية".

إعادة الإعمار
فيما أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم لجهود الحكومة العراقية من خلال الشراكة بين الشركات المصرية والعراقية، في مشروعات تنموية في العراق بما يحقق الفائدة المشتركة وتبادل الخبرات في مختلف المجالات، مشيرًا إلى حرص مصر علي المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي عقد بالكويت في مطلع عام 2018، مؤكداً أهمية البدء في خطوات عملية لتعظيم التعاون بين البلدين والمساهمة في مشروعات البنية التحتية في العراق، والتي تيم بناؤها على عدد من الشراكات القائمة بين الشركات المصرية وحكومة بغداد في بعض مشروعات استخراج الغاز والبترول مثل عقد خدمة تطوير وإنتاج الغاز في حقل سيبا، وفي منطقة القطاع 9 بجنوب شرق العراق .

علاقات تاريخية
أما زيارة علاوي للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فكانت لها مذاق مختلف، حيث أكد فضيلة الإمام الأكبر، أن البلدين يرتبطان بعلاقات ووشائج تاريخية، ويمثلان محور التاريخ والثقافة العربية، مضيفًا أن هذا الثقل الحضاري والتاريخي يجب أن يُستثمر لصالح الشعوب العربية، خصوصًا وأن المشيخة تدعم وحدة الشعب العراقي وترابه الوطني، ومساندته في مواجهة الإرهاب والتقسيم، ووقوفه على مسافة واحدة من جميع أبناء العراق، داعيًا الشعب العراقي إلى التماسك والتلاحم للنهوض بالعراق واستعادة مكانته كدولة رائدة في العالم العربي والمنطقة.

مواقف مصر الداعمة للعراق
من جانبه؛ ثمن إياد علاوي، لمواقف مصر قيادة وشعبًا الداعمة لبلاده، ونقل شكر وتقدير الشعب العراقي لأرض الكنانة، لما تمثله مصر باعتبارها دعامة رئيسية للأمن والاستقرار بالوطن العربي، واهتمام بلاده بتعزيز علاقاتها المتميزة مع مصر في المجالات المختلفة، مؤكدًا أنه لمس ترحيب كبير منذ وصوله إلى بلده الثاني مصر، معربًا عن تطلعه إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات الأمنية والاقتصادية وتأسيس مشروعات مشتركة بما في ذلك في مجال البتروكيماويات، ولاسيما الاستفادة من الخبرة المصرية في عملية إعادة إعمار المناطق التي تضررت نتيجة الحرب على داعش، وفي تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة في مختلف المجالات.

وأكد نائب الرئيس العراقي، خلال لقاءاته بالمسئولين في مصر، على ما يحققه التعاون الاقتصادي بين البلدين في مختلف المجالات من منفعة متبادلة، خاصة مع وجود فرص كبيرة للاستفادة مما تمتلكه القاهرة من خبرات فنية متنوعة، تسمح بالقيام بمشروعات واستثمارات مشتركة لتلبية الاحتياجات المحلية والتصدير، مضيفًا أن العمالة المصرية لعبت دورًا مهمًا في التنمية في فترات سابقة في العراق وأنه يمكنها الاستمرار في هذا الدور الإيجابي مستقبلًا.

وأشار نائب رئيس العراق إلى أهمية تفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين، كآلية لمتابعة الأفكار المطروحة لتعزيز التعاون الاقتصادي، ووضع تصور للمشروعات التي يمكن للشركات المصرية المساهمة فيها، موضحًا أنه سيقوم بنقل هذه الرؤية إلى مختلف القيادات والجهات التنفيذية في بلاده، وقناعته بالفرص الواعدة المتاحة في هذا الشأن لتحقيق التكامل الاقتصادي.

وقال علاوي، إن مواقف مشيخة الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر أحمد الطيب، تميزت بالحكمة والاتزان، وكان لها دور مهم في إفساد المؤامرات التي تعرض لها العالم العربي، والتي هدفت إلى تفتيته على أسس طائفية وعرقية، مضيفًا أن كلمات الإمام الأكبر وخطاباته تلقى ترحيبًا وقبولًا من جميع مكونات الشعب العراقي، لما تتصف به من حيادية واتزان وحرصٍ على وحدة العراق، مضيفًا أن جهوده العالمية فندت ادعاءات التنظيمات الإرهابية التي كانت ترتكب جرائمها باسم الدين الإسلامي، موضحًا أن هذه الجهود كان لها دور في مد جسور الحوار والتفاهم وإرساء السلام بين أتباع الديانات المختلفة.
توافق عراقي على الدور المصري
وتحظى مصر، بقبول بين جميع الطوائف العراقية، مثل العرب والأكراد والسنة والشيعة، حيث يقدر الشعب العراقي جهود القاهرة من واقع أنها ليس لها هدف سوى الحفاظ على وحدة وسلامة بلاد الرافدين وتحقيق مصلحة الشعب، فقد تمثل الدور المصري في عدة مستويات اقتصادي وسياسي واجتماعي، فضلا عن دعم الجيش العراقي في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، والمشاركة في إعادة الإعمار.

وعلى المستوى السياسي، تدعم مصر الحل السياسي في العراق، مع الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه، ضد التدخلات الأجنبية، حيث أدانت الخارجية المصرية من قبل التدخل التركي في مناطق تواجد حزب العمال الكردستاني شمال العراق، وكان موقفها واضحًا في مسألة الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان، مؤكدة على ضرورة حل المشاكل داخليًا بالطرق السلمية.