الرياض ـ سعيد الغامدي
تغيب إيران عن المشاركة في القمة الإسلامية – الأميركية، التي تبحث تعزيز الأمن ووقف الفوضى في المنطقة ومكافحة التطرف الفكري، إضافة إلى التأكيد على ضرورة السلام، وهي أول قمة إسلامية من نوعها بمشاركة الحليف الأميركي.
وتأتي استضافة الرياض، وهي البلد الرئيس الذي يعمل على صون الاستقرار والأمن في المنطقة، وصد التدخلات الإيرانية الخارجية في شؤون الدول العربية، لا سيما في سورية والعراق ولبنان واليمن وأفريقيا، كما ستعزز قمم الرياض الثلاث، العلاقات التاريخية من خلال الجهود المشتركة من التسامح والتعاون، والأسس التي وضعت لانطلاقة جديدة واعدة بمستقبل مشرق للجميع، واختير للقمة شعار "العزم يجمعنا"، في إشارة لبدء المرحلة الجديدة.
وكانت إيران تسببت منذ قيام ثورتها في ١٩٧٩، بالتوترات في المنطقة وأذكت القتال الطائفي ونشرت التطرف في كثير من البلدان العربية، كما أسهمت في دعم التخريب ضد المصالح العربية والأميركية عبر مهاجمة المقدسات الدينية والسفارات ودعم العناصر المتطرفة والأقليات، ونجحت في نشر التمرد والفوضى لتحقيق مصالحها السياسية والدينية.
ولإيران تاريخ أسود في مهاجمة المقدسات الإسلامية وتشويه صورة الإسلام في الغرب، ودعم الخلايا المتشددة للقتال بالنيابة عنها في أفريقيا وآسيا، وبعد أن هاجمت وأحرقت السفارة السعودية في طهران وقنصلية المملكة في مشهد العام الماضي، أعلنت السعودية قطع العلاقات الرسمية معها بعد أعوام من الصبر، وقال وزير الخارجية عادل الجبير، الجمعة، إنه لن يكون "هناك علاقات سعودية إيرانية طبيعية، طالما أن إيران لم تغير سلوكها".
وخلال الشهر الجاري، استبعد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، إجراء حوار مع إيران، ورأى أنها "مشغولة بالتآمر على العالم الإسلامي"، ورد على سؤال تلفزيوني بشأن إن كان هناك تفاهم مقبل مع إيران قائلًا: "كيف يتم التفاهم معهم؟ فمنطق إيران أن المهدي المنتظر سيأتي ويجب أن يحضروا البيئة الخصبة لظهوره عبر السيطرة على العالم الإسلامي".
وأضاف الأمير محمد، أن هناك "هدفًا رئيسًا للنظام الإيراني في الوصول إلى قبلة المسلمين، ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران"، مشددًا على أن "الفكر الإيراني المتطرف يمنع الحوار مع طهران".
وفي العام الماضي، أكدت المملكة في كلمة لها أمام مجلس الأمن، أن التطرف لا مبرر له في أي مكان وتحت أي ظروف، مشددة على أن مواجهة الفكر المتشدد يجب أن تكون شاملة متناسقة، لافتة إلى أن مكافحة الإرهاب تتطلب مكافحة الخطاب المتطرف العنيف الموجه ضد الإسلام والمسلمين.
وقال المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله المعلمي: "إننا نشاهد تصاعدًا حادًا في نشر خطاب طائفي خطر في منطقتنا العربية ودول العالم الإسلامي، تغذيه إيران وتعمل من خلاله على تعميق النزاعات وإثارة النعرات الطائفية، إذ تستغل الخطب والمساجد ووسائل الإعلام، بل والتصريحات الرسمية، ما أسهم في خلق بيئة مواتية لانتشار التطرف والطائفية والمذهبية، فضلًا عما تقوم به من دعم للميليشيات الطائفية المسلحة والجماعات الإرهابية، من أمثال حزب الله في لبنان".
ولإيران "صانعة الإرهاب" أعمال عدوانية ضد كثير من الدول، ورعت عمليات التفجير لبعض المقار الدبلوماسية حول العالم، وفي العام 1983 تم تفجير مقر القوات الفرنسية في بيروت من "حزب الله"، بالتزامن مع تفجير مقر القوات الأميركية الذي نجم عنه مقتل 64 شخصًا، كما قام عناصر الحزب بهجمات متفرقة طاولت السفارة الأميركية والسفارة الفرنسية في الكويت ومصفاة للنفط، وبعد عامين حدثت محاولة تفجير موكب أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد، الذي نتج عنه مقتل عسكريين وجرحى خليجيين، وبعدها في 1986 قامت إيران بتحريض حجاجها للقيام بأعمال شغب في موسم الحج، ما نتج عنه تدافع الحجاج ووفاة 300 شخص.
ومولت إيران قتل معارضيها في الخارج، وفي برلين عام 1992 اغتالت الأمين العام للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي وثلاثة من مساعديه، وفي الفترة من 1989 إلى 1990 تورط النظام الإيراني في اغتيال 4 ديبلوماسيين سعوديين في تايلند، وفي العام 1994 تورطت في تفجيرات بيونس آيرس التي نجم عنها مقتل أكثر من 85 شخصًا، وإصابة نحو 300 آخرين.
وفي 1996 تم تفجير أبراج سكنية في الخبر، عبر "حزب الله الحجاز" التابع للنظام الإيراني، ونجم عنه مقتل 120 شخصًا من بينهم 19 من الجنسية الأميركية، وتوفير الحماية لمرتكبيه، بما فيهم المواطن السعودي أحمد المغسل، الذي تم القبض عليه في عام 2015، وهو يحمل جواز سفر إيرانيًا، وقد أشرف على العملية الملحق العسكري الإيراني لدى البحرين آنذاك.
وفي 2003 تورط النظام الإيراني في تفجيرات الرياض بأوامر من أحد زعامات القاعدة، وما نجم عنه من مقتل العديد من المواطنين السعوديين، والمقيمين الأجانب، كما تم في نفس العام، إحباط مخطط تخريبي بدعم إيراني لتنفيذ أعمال تفجير في البحرين.
وفي العام 2011 تورط النظام الإيراني في اغتيال الديبلوماسي السعودي حسن القحطاني في مدينة كراتشي، وأحبطت الولايات المتحدة محاولة اغتيال السفير السعودي، والعام الماضي أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكمًا بإعدام اثنين من المدانين في القضية المعروفة بـ"خلية العبدلي" وأحدهما إيراني الجنسية، وذلك بتهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي الكويت والسعي والتخابر مع إيران و"حزب الله" للقيام بأعمال عدائية.