باريس ـ مارينا منصف
تواصلت اجتماعات رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، في باريس، قبل أن يبدأ خلال الساعات القليلة المقبلة زيارة إلى مصر، قبل أن يعود إلى بيروت، حيث من المتوقَّع أن يعلن مواقفه السياسية المنتظرة، لينطلق منها مسار المرحلة المقبلة في لبنان والتسوية التي كان قد سبق أن حدّدها الحريري بـ"نأي لبنان بنفسه عن الصراعات العربية".
وقال مكتب سعد الحريري، إنه سيزور مصر، الثلاثاء للاجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فيما ذكر سفير مصر لدى لبنان نزيه النجاري أن الاتصالات بدأت لترتيب زيارة الحريري إلى مصر قريباً، وذلك قبل أن يعود إلى لبنان ليكون حاضراً في احتفال "ذكرى الاستقلال" الأربعاء.
ونقل تلفزيون "المستقبل"، عن الحريري قوله من باريس: "هاجسي هو كيف نجعل لبنان يستفيد من هذا الشعور الوطني العارم والعابر للانقسامات... من أجل صالح البلد والاستقرار الحقيقي"، مضيفاً: "أمامنا مسؤوليات كبيرة وكثيرة، ولكن ليس سعد الحريري وحده المسؤول".
وفي منزله في باريس استكمل الحريري، لقاءاته مع مسؤولين وسياسيين وشخصيات مقربة منه، بحيث أعلن عن لقائه بالنائب بهية الحريري وابنها، أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري، بعدما كان قد التقى، أول من أمس، شخصيات عدّة، أبرزها مدير مكتبه نادر الحريري والوزيران غطاس خوري ونهاد المشنوق، والنائب السابق باسم السبع.
وأكدت المصادر المقربة من الحريري، أن "اجتماعاته الباريسية لم تكن معدّة مسبقاً، بل أتت بشكل تلقائي وضروري من قبل من الشخصيات المقربة منه بهدف الاطلاع على ما حصل في المرحلة السابقة والإعداد للمرحلة المقبلة، التي كان قد بدأ العمل عليها منذ اليوم الأول لإعلان استقالته من الرياض في الرابع من الشهر الحالي، وستستكمل بعد عودته إلى بيروت".
وحول المعلومات التي أشارت إلى انقسامات في "تيار المستقبل"، وأن هناك توجّهاً لإعادة ترتيب البيت الداخلي، لم تنفِ المصادر التباين في وجهات النظر في الصف الواحد، خصوصاً في المرحلة الأخيرة وخلال التسوية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وفي حين لفتت إلى أن "ما حصل في غياب الحريري الأخير أظهر تصدّعاً في التيار"، استبعدت أن يتم إقصاء بعض الشخصيات، وقالت: "ما سيحصل هو إعادة ترتيب أمور عدّة، وعلى مجموعة معيّنة أن تغيّر سلوكها كي لا يتم تغييرها".
وعن التسوية الجديدة التي يُفترض أن يتم العمل عليها في المرحلة المقبلة، جدّدت المصادر تأكيدها على "مواقف الحريري وتمسّكه بشروط التسوية التي تنص على حياد لبنان الكامل والعسكري من قبل (حزب الله) العسكري عن الخلافات العربية"، وهو الأمر الذي رأى فيه النائب في "التيار الوطني الحر" وليد خوري "شرطاً تعجيزياً".
وقال خوري في حديث إذاعي، أن هناك الكثير من السيناريوهات المطروحة بعد خطوة الحريري، وهناك شروط تعجيزية لا نستطيع فرضها على لبنان، أبرزها سياسة النأي بالنفس، التي يصعب التفاهم حولها في هذه المرحلة. وأضاف: "المطلوب تسوية إقليمية لإيجاد الحل، إلا أنه في حال كان سقف التسوية إقصاء (حزب الله) واعتباره إرهابياً، فإنه غير وارد"، مشيرا إلى أنه "لا بد من انتظار عودة الرئيس سعد الحريري للبحث معه في موضوع الاستقالة".
وفي السياق نفسه، اعتبر وزير العمل محمد كبارة أن "بعض القيادات اللبنانية تتهرب من جوهر المشكلة الحالية، والأسباب التي أدت إلى استقالة الحريري"، وأكد أن "القضية الأساسية هي حق الدولة في بسط سلطتها على كامل أراضي الوطن ووضع حد لممارسة الميليشيات المسلحة، فالجيش اللبناني هو حامي الوطن، والحكومة اللبنانية هي وحدها المخولة تحديد سياسة لبنان الخارجية"، مؤكداً: "تحييد لبنان عن الصراعات بين الدول العربية وعدم التدخل في الشؤون العربية الداخلية".
وأضاف: "لبنان ليس منصة إعلامية للهجوم على أي دولة عربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، والتجريح في حكام المملكة من قبل قيادات (حزب الله) خلال اللقاءات الجماهيرية لم يعد مقبولاً، وإن أرادوا التعبير عنها، فيجب أن تكون من إيران، وليس من بيروت".
في المقابل، استغرب السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين إعادة طرح "موضوع الناي بالنفس" الآن، وقال في حديث إذاعي: "المقصود من طرح النأي بالنفس مجدداً هو عودة (حزب الله) من سورية وعودة خبرائه من اليمن"، مؤكداً في الوقت عينه أن "(حزب الله) لا يحارب في اليمن"، ورأى أنه "كي تغير موسكو موقفها يجب مناقشة ماذا حصل بعد استقالة الحريري والتوجه إلى شيء جديد".
ورغم تأكيده أن "روسيا لا تتدخل في ما يقرره اللبنانيون"، قال: "موسكو ترى أنه لا يمكن إبعاد (حزب الله) عن الحكومة لأنه طرف أساسي سياسي، وهو جزء لا يتجزأ، بالإضافة إلى ضرورة التوازن الطائفي".