القاهرة - مصر اليوم
تعثرت مجدداً مفاوضات «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من المياه، التي تشكل نحو 90 في المائة من مواردها. وقالت الخارجية المصرية أمس، إنها «وجهت الدعوة إلى وزراء الخارجية والري وأجهزة المخابرات في إثيوبيا والسودان لعقد (اجتماع تساعي) في القاهرة اليوم (الجمعة) وغداً (السبت) لاستكمال المفاوضات؛ ولم ترد للخارجية موافقة إثيوبيا والسودان على المشاركة».
يأتي هذا في وقت، أكد سامح شكري وزير الخارجية المصري، أن «مصر بذلت كل جهد خلال جولة الخرطوم الأخيرة، وتفاوضت بحسن نية وتقدير لمصالح الشركاء، وطرحت مبادرات تلبي مصالح الجميع، ولم تطرح رؤية أحادية فقط».
وفشل ممثلو دولة المنبع (إثيوبيا)، ودولتي المصب (مصر، والسودان) في التوصل إلى اتفاق خلال اجتماع الخرطوم يومي 4 و5 أبريل (نيسان) الحالي، الذي ضم وزراء الخارجية والري ومديري أجهزة المخابرات في كل من إثيوبيا والسودان ومصر. وأعلنت الدول الثلاث عقب جلسة مغلقة استمرت 16 ساعة، فشلها في التوصل لاتفاق.
أعقب ذلك الاجتماع اتهام من إثيوبيا لمصر بأنها سبب فشل اجتماع الخرطوم الثلاثي؛ إلا أن الخارجية المصرية ردت على ذلك، بأن رغبتها جادة في التوصل لاتفاق، وأنها قدمت حلولا عدة لكسر الجمود الحالي.
وأعقب ذلك توجيه مصر الدعوة لوزراء الخارجية والري ومسؤولي المخابرات في السودان وإثيوبيا لاجتماع بالقاهرة، في إطار صيغة «الاجتماع التساعي» لمسؤولي الدول الثلاث، وفي إطار مهلة مدتها شهر منذ عقد الاجتماع الأول في الخرطوم، وتنتهي في 5 مايو (أيار) المقبل.
واستنكر شكري في تصريحات له أمس، ترديد أي مقولة تتهم مصر بعرقلة مباحثات «سد النهضة» بين الأطراف الثلاثة، قائلاً: «أي مقولة فيما يتعلق بعرقلة مصر للتقدم مقولة غير صحيحة، بالعكس مصر قبلت حتى الخروج عن القاعدة المرتبطة باللجنة الوطنية الفنية بمنع تداول أي شيء ونقل أي شيء إلى الاستشاري؛ إلا بتوافق الدول الثلاث؛ لكننا قبلنا أن نحيد عن هذا المبدأ حتى نعطي الاطمئنان لشركائنا».
مؤكداً أن مصر تتعامل بمرونة، ولا تتشبث بقواعد، وليس لديها شيء تخشى منه أو شيء تسعى إلى إخفائه، وتتعامل في هذا الملف بانفتاح وشفافية ومصداقية. لافتاً إلى أن ما يحدث هو مزيد من فقد الوقت ويجعل الزمن يداهمنا، وكان التكليف بأن يكون التوصل إلى حل للتعثر الفني خلال شهر وبقي 15 يوما فقط... وهناك أمور كثيرة تحتاج إلى تداول من قبل الشركاء.
ويتضمن اتفاق المبادئ الذي وقعه قادة الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015 عشرة مبادئ أساسية أبرزها؛ تحفظ في مجملها الحقوق والمصالح المائية، والتعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة، وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب، وعدم التسبب في ضرر لأي من الدول الثلاث.
وأضاف شكري في هذا الصدد، أن «مصر موافقة على التقرير الاستهلالي الاستشاري، وموافقة على الإقدام على دراسته حتى يكون هناك تنفيذ أمين للاتفاق الذي تم توقيعه بين الدول الثلاث، والاعتماد على دراسة موضوعية محايدة تبرهن على أن مصر لن تتحمل أضرارا لن تستطيع استيعابها من قبل ملء خزان السد وتشغيله، وإثيوبيا إلى الآن لم تعتمد هذه الدراسة وترى أنها لا تلبي احتياجاتها، وهذا موقف يجعل المسار متوقفا ومتجمدا».
وتعطلت المحادثات بين حكومات الدول الثلاث كثيراً بسبب الخلاف أيضاً حول صياغة دراسة عن تأثير السد بيئياً... وتنفي إثيوبيا أن السد سيلحق الضرر بأي دولة.
وتتخوّف مصر من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب) مصدر المياه الرئيسي في البلاد. ومنذ نحو ثلاث سنوات دخلت القاهرة في مفاوضات مع إثيوبيا والسودان، غير أنها تعثرت مرارا جراء خلافات حول سعة تخزين السد، وعدد سنوات عملية ملء المياه.
وأبدى سامح شكري، أسفه على ما يحدث من توقف المحادثات، مضيفاً: «رغم كل ما بذلناه لا نرى تفاعل بقدر الاهتمام نفسه الذي نبديه، وبالتالي سوف ننتظر حينما يكون هناك رغبة من شركائنا لإثارة هذا الموضوع؛ لكن على الجميع أن يعلم أن مصر لن يُفرض عليها وضع قائم أو وضع مادي يتم من خلال فرض إرادة طرف على آخر وهذا غير مقبول، والحكومة المصرية سوف تستمر في مراعاة الدفاع عن مصالح الشعب المصري في مياه النيل ومستقبلها بوسائل كثيرة لديها».
من جهته، قال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن «هناك اهتماماً خاصاً من مصر بدول حوض النيل وأفريقيا عامة، حيث زار وزير الخارجية في أقل من شهرين دول كينيا وجنوب السودان وإثيوبيا وبوروندي، وهدفه استكمال خطط التواصل مع الدول الأفريقية بشكل عام». مضيفاً أن تحركات وزير الخارجية والدبلوماسية المصرية، تقوم على استمرار سياسة الانفتاح والتفاعل على الشركاء الدوليين والإقليميين، والتعبير عن مصالح مصر في مقدمتها المصالح المائية