البرلمان

أكّد المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة، أن المادة 156 من الدستور الحالي وضعت البرلمان المقبل في مأزق كبير بسبب ضيق الوقت المحدد لمراجعة وإقرار جميع القرارات في القوانين التي صدرت في غيابه، في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا، مما قد يجعل مجلس النواب المقبل مضطربًا في إعداد لائحته، ومضطرًّا إلى الموافقة على القوانين من أجل المصلحة العليا للبلاد.

وأشارت الدراسة التي أعدها برنامج الدراسات المصرية في المركز الإقليمي بعنوان "كيف يتعامل البرلمان المقبل مع مأزق المادة ١٥٦ من الدستور ؟" إلى أن تلك المادة نصت على أن "يتم عرض القرارات بالقوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية في غياب المجلس، ومناقشتها، والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تُعرض وتُناقش أو عُرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك".

وطرحت الدراسة تساؤلات عدة، من أهمها "هل يستطيع المجلس مناقشة وإقرار جميع القرارات بقوانين التي تم إقرارها من قبل الرئيسين عدلي منصور، وعبدالفتاح السيسي؟"، وما هي المسارات المحتملة التي يُمكن أن يتخذها المجلس في مواجهة هذا التحدي، وما هي العوامل التي تتحكم في اتخاذ أيٍّ من هذه المسارات؟.

وأوضحت الدراسة أن هناك ثلاث إشكاليات قائمة يصعب تجاوزها بسهولة، تتمثل في عامل الوقت، إذ أن إلزام البرلمان بمناقشة ما يقرب من 300 قرار بقانون خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا من بداية دور انعقاده، سيجعله مضطرًّا إما لإقرار جميع تلك القوانين دون مناقشة، أو مراجعة و إقرار بعضها فقط خصوصًا ما يرتبط منها بإدارة مفاصل الدولة. أي أن مجلس النواب المقبل سيكون مضطرًا إلى مناقشة ما يقرب من 20 قانونًا يوميًّا، بأن يستهلك القانون الواحد من الوقت في مناقشته وإقراره ما يقترب من ثلث ساعة فيحال عمل البرلمان عشرة ساعات متصلة يوميًّا، وهو ما يُشكل أولى التحديات التي سيواجهها البرلمان، والتي ستحدد ملامح علاقته بالسلطة التنفيذية.

 أما الإشكالية الثانية فهي شكل البرلمان، وستكون تركيبته هي العامل الرئيسي في كيفية تجاوز المجلس لتلك الأزمة المحتملة. وقد يلعب عدم وجود أغلبية مسيطرة داخل المجلس، وانقسام المجلس إلى كتل غير متجانسة يصعب أن تتحالف فيما بينها دورًا مهمًّا في تجاوز تلك الأزمة؛ حيث أن انقسام البرلمان إلى كتل صغيرة لا يزيد عدد نواب إحداها عن 30 نائبًا  قد يعمل على تجاوبها مع مطالب السلطة التنفيذية، وبالتالي قد لا تتشدد في المناقشة التفصيلية للقوانين ولا تأخذ موقف الرفض من إقرارها. وفي حال وجود أغلبية حزبية داخل البرلمان غيرمتوافقة مع توجهات السلطة التنفيذية، قد يدفعها نحو تغليب مصالحها الخاصة، وقد تسعى إلى صدام مبكر مع السلطة التنفيذية من خلال تفويت الفرصة على مناقشة تلك القوانين، أو تعرض ولا تُقر.

والإشكالية الاخيرة هى أزمة إقرار اللائحة الداخلية، إذ أن البرلمان المقبل قبل أن يبدأ عمله التشريعي والرقابي المتمثل أولا في"مناقشة وإقرار القرارات بقوانين" عليه أن يضع بنفسه لائحته الداخلية المنظمة لطريقة عمله وفقًا لنص المادة 118 من الدستور، وهذا يعني أن ذلك قد يفوت الفرصة عليه في مناقشة وإقرار تلك القوانين.