الطفلة "مليكة" ضحية حادث الأتوبيس

طفلة صغيرة في عمر الزهور لم يتجاوز عمرها الـ4 سنوات، تستيقظ كل صباح مع صوت العصافير التي تداعب أذهانها، لتخرج صحبة والدتها وشقيقها، متجهة إلى الحضانة المدرسية، وقبل عودتها إلى المنزل تستقل "أتوبيس" المدرسة، لتتجه إلى حضانة خارجية لقضاء ساعات إضافية عدة، وهي الفارق الزمني بين انتهاء يومها الدراسي، وانتهاء يوم والديها في العمل.

دائمًا ما كان يحلم والديها بتأمين مستقبلها وشقيقها، فحرصا على تعليمها وتربيتها تربية سليمة، ولكن تلك الأحلام راحت سدى، حينما اغتالت برأتها رعونة سائق وإهمال مشرفة، تركوها دون حماية أو سند تعبر الطريق وحدها، بقدميها الصغيرتين، وجسدها الهزيل الذي أعياه يومًا دراسيًا شاقًا، لينتهي بها الأمر أسفل عجلات "أتوبيس مدرستها"، وتنتهي حياتها في الحال.

 وفي منزل الطفلة "مليكة" ضحية أتوبيس المدرسة، بالحي الثامن بمدينة 6 أكتوبر، حيث كانت تقطن بصحبة والديها وشقيقها الذي يكبرها بعدة سنوات، يخيم الحزن على أفراد أسرتها الذي كشفوا تفاصيل ساعات المعاناة التي عاشوها بداية من استقبالهم خبر إصابتها في حادث، انتهاءً بالقبض على المتهمين وتقديمهم لجهات التحقيق.

والدة الطفلة: المديرة قالت لي حد جه وأداني شنطة بنتك وعليها دم

"المسافة بين المدرسة والحضانة لم تكن تتجاوز الـ5 دقائق، لم يستطيعوا الحفاظ على ابنتي خلال تلك المدة الزمنية الصغيرة"، وقال "أحمد صبحي" والد الطفلة الضحية، حينما قدمنا للفتاة بالمدرسة دفعنا اشتراك الـ"باص" فضلًا عن أجر المشرفة المسؤولة عن رعايتها وتوصيلها إلى الحضانة بسلام، لم يكن الأمر يتم بعيدًا عن أعيننا فكنا دائمي التواصل مع المشرفة، لنطمئن على سلامة الأولاد، وأنهم وصلوا إلى حضانتهم بسلام، حتى يوم الحادث.

والتقطت والدة الطفلة طرف الحديث، يخرج الكلام من لسانها بصعوبة بالغة، فمازالت مرارة فراق ابنتها الصغيرة مؤثر عليها، فقد فقدت روحها بفقدان "مليكة"، وتقول:أجريت اتصالًا هاتفيًا بالمشرفة "نادية" يوم الواقعة، وقالت لي:"أنتي بتتصلي بيا كل يوم، ما تقلقيش الأولاد في عنيا"، بعد فترة تلقيت اتصالًا هاتفيًا أخر من مديرة الحضانة تسأل عن الأطفال، وتؤكد لي أن شخص أحضر لها شنطة الطفلة وعليها أثار دماء، وهو ما أصابني بالدهشة والخوف في آن وأحد.

وتتابع الأم، هرولت على الفور وأجريت اتصالًا هاتفيًا بالمشرفة، ولكنها لم تجيب على هاتفي، فاجريت اتصالًا بمديرة المدرسة، فأخبرتني بأنه لا تعلم شيئًا عن الطفلة، ولكنها سمعت عن وقوع حادث لإحدى الأطفال، وتم نقلها المستشفى، فهرولت على الفور إلى المستشفى، دون أن أعلم إذا ما كانت ابنتي هي الطفلة المقصودة أم طفلة أخرى.

والد الطفلة: حاولوا تضليينا بروايات غير حقيقة لإخفاء جريمتهم بحق الطفلة

يعود الأب للحديث، قائلًا:توجهنا إلى المستشفى أنا ووالدي، وبدأت روايات التضليل لإخفاء الحقيقة، ففي البداية أخبرونا بأنه وأثناء عبور المشرفة الطريق بصحبة الطفلة، صدمتهم سيارة أسفرت عن الحادث، وبعدها أخبرونا بواقعة أخرى، بأن المشرفة سقطت على الأرض أثناء حملها الطفلة، وهي نائمة مما أسفر عن إصابتها، كلها كانت محاولات لإخفاء الحقيقة، وضمان عدم مسألتهم قانونيًا.

اقرأ أيضًا:

شاب يذبح ابنة شقيقته ويفصل رأسها عن جسدها لهذا السبب

فيما قال الدكتور صلاح جد الضحية "طلبت الإطلاع على التقرير الطبي الخاص بالطفلة، بعد وفاتها، وفوجئت بإنه قد تم إعداد تقرير طبي غير مهني يقول أنها توفت نتيجة هبوط في الدورة الدموية، أدى إلى توقف التنفس، وكأنها ماتت على سريرها وليس في حادث، فتشاجرت مع الطبيب المناوب، وطلبت منه إعداد تقرير مفصل بالإصابات التي لحقت بالفتاة جراء الحادث، وتبين أنها مصابة بكسر في الجمجمة، وانضغاط في الوجه، وهو ما أشار إلى أن الحادث عبارة عن دهس.

 الروايات المختلفة التي لا تتفق في مضمونها مع ما جاء بالتقرير الطبي دفعتنا للتوجه إلى المنطقة التي شهدت الحادث، تقول والدة الطفلة، سألنا أصحاب المحال التجارية في المنطقة التي شهدت الواقعة، وتوصلنا في نهاية المطاف لمقطع فيديو التقطته كاميرا مراقبة، سجلت واقعة دهس ابنتي كاملة، فحصلنا على نسخة منه، وتوجهنا به إلى النيابة العامة، وهناك طمأنونا وأكدوا لنا أن حق "مليكة" لن يضيع.

الأب: نقلوا الطفلة للمدرسة بدل المستشفى

وأوضح والد الطفلة: "اتضحت كافة الأمور بعد ظهور مقطع الفيديو إلى النور، ولم تفلح محاولات التضليل، وتعاون صاحب المدرسة في ذلك الوقت معنا، وتم تسليم المشرفة المسؤولة والسائق إلى جهات التحقيق، وحاولوا الإنكار في البداية، ولكنهم اعترفوا في نهاية الأمر وأكدوا أن ما حدث كان سقطة، وأن المدرسة ليس عليها مسؤولية، ولكننا نتسأل كيف أن المدرسة ليس مسؤولة ونحن اشتركنا في "الأتوبيس" معها، وهي التي ألزمتنا به، والمشرفة تعمل تحت إدارتهم".

ويتابع الأب :الحادث وقع الساعة الواحدة والنصف وفقًا للفيديو المسجل، بينما وصلت الطفلة إلى المستشفى الساعة الـ2 ظهرًا أي بعد 30 دقيقة من إصابتها، على الرغم من أن المسافة بين المستشفى ومكان الواقعة لا يتجاوز الـ5 دقائق، وتبين أن السائق والمشرفة اصطحبوا الطفلة وهي مصابة إلى المدرسة أولًا، وغسلوا آثار الدماء من على الأوتوبيس قبل أن يتحرك، وربما أنقذت تلك الدقائق المعدودة حياة ابنتي، وكانت بيننا الآن.

 "بنتي مش باقي منها غير شوية شعر في فرشتها وهدومها ولعبها"، قالت والدة الطفلة بعيون يملئوها الدموع "المدرسة بها آلاف الطلاب والإهمال لا يفرق بين أحد، لابد من تشديد الرقابة على تلك المدارس، وتشديد إجراءات التأمين على العاملين بها، لأن حياة أطفالنا لا يمكن أن تكون رخيصة إلى هذا الحد، فالإهمال خطف مني "مليكتي" ولا يجب أن نسمح له بأن يخطف أطفال آخرين".

"هدف أي أب أنه يعدي بنته لبر الأمان، والله سبحانه وتعالى اختار "مليكة" لدخول الجنة، فهي محظوظة وهكذا والديها؛ لأنها ستشفع لهما يوم القيامة"، بهذه الكلمات اختتم جد الطفلة بملامحه الهادئة ونظراته المستقرة الحديث، داعيًا الله أن يرحم الطفلة ويصبر والديها على فراقها؛ إلى أن يلتقوا مجددًا.

قد يهمك أيضًا:

مقتل اب وابنة غرقا في منطقة دوامات بحرية غرب بورسعيد

شخص ينتحل صفة مسؤول بجهة سيادية للنصب على المواطنين