الإسكندرية - أمير عبد الهادي
قضت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية الدائرة الأولى البحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاوري نائبي رئيس مجلس الدولة بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من الإدارة بعدم إدراج اسماء ثلاثة مواطنين الأب 85 عاما والام 73 سنة وابنتهما ضمن كشوف حجاج مديرية أمن البحيرة الفائزين بالسفر لأداء فريضة الحج وما يترتب على ذلك من اثار اخصها تمكينهم من اداء فريضة الحج بنظام القرعة والزمت الادارة المصروفات .
وقالت المحكمة إن المشرع الدستوري حرص في المادة 83 من الدستور المصري على رعاية حقوق المسنين لاول مرة في تاريخ الدساتير المصرية الذي ألزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا كما انه تضمن تشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين , وقد كشف الواقع العملي ان الحجاج المسنين يجتهدون لاداء شعائر فريضة الحج ومعظمهم يؤدون المناسك على مقاعد متحركة يرافقهم افراد من عائلاتهم بحسبان ان فريضة الحج أُمنية غالية راودت الكثيرين منهم سنوات طويلة ادخروا خلالها ليتمكنوا من ادائها وهم يصرون على أداء الحج طمعاً في مرضاة الله وحسن الخاتمة .
وان القواعد التنظيمية التى تضعها جهة الإدارة متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون بمثابة اللائحة أو القاعدة القانونية الواجبة الاتباع في حدود ما صدرت بشأنه ، فتلزم جهة الإدارة بمراعاتها في التطبيق على الحالات الفردية ما لم يصدر من الإدارة تعديل أو إلغاء لهذه القاعدة بذات الأداة .
واضافت المحكمة أن المسنين في الحياة يصلون إلى مرحلة الصمت والهدوء مما يقودهم إلى التأمل والوقوف عند المحطات الأخيرة في عمرهم الذي أقرضوه لذاكرة الزمن الماضي وحينما يستهل موسم الحج ليطوق النفس البشرية المؤمنة ملامح التطهير والاغتسال المتسع بقدر السنوات التي قضوها في الحياة، يصرّون في الحج أن يقضوا رحلتهم الأخيرة برحاب مكة في بيت الله الحرام لينبثق من الاعماق صوت الإيمان والتوبة الحقيقية يأملون حسن الخاتمة وهم يرتدون ملابس الإحرام حجاجا لله , ولاريب ان تلك الأمنيات تعيش في اذهانهم وهم مايزالون يتذكرون كل الأجزاء الصغيرة والكبيرة التي عاشوها على مر حياتهم شبابا ليطوقوا خاتمة حياتهم الطويلة بالحج يزيل بداخلهم وهم في ارذل العمر كافة الأوجاع واللحظات التي مرت في حياتهم ليعودون للرحمن كما ولدتهم أمهاتهم , ومن ثم وجب على جهات الادارة ان تستخدم اكثر درجات الحرص مع المسنين في تطبيق القواعد القانونية التي تضعها في نظام الحج بالقرعة دون محاباة او تفضيل اصغرهم على اكبرهم وان مبدأ حظر المحاباه يسري على المواطنين كافة خصوصا المسنين منهم في رحلتهم الاخيرة لفرص التطهير والقبول عن الخالق الكريم والتى ربما لا يسمح الزمن لهم بها لاحقا .
واشارت المحكمة أن المشرع الدستوري احاط حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية بسياج من الضمانات إذ نص في المادة 64 منه على "أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية حق ينظمه القانون " وانطلاقا من ذلك ولأسباب استدعتها ضرورات عملية يتم فيها تحديد الأعداد المسموح بها من قبل المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج ، حيث يقصد المسلمون مكة المكرمة لأداء عبادة الطواف والسعي والوقوف بعرفة وما يتبع ذلك من مناسك يؤديها كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع ولو مرة واحدة في العمر, وذلك استجابة لأمر الله وابتغاء مرضاته وهو أحد أركان الاسلام الخمسة وفرض من الفرائض المعلومة من الدين بالضرورة لمن استطاع اليه سبيلا وحق لله ـ تعالى ـ على القادرين المستطيعين من عباده ذكوراً وإناثاً لقول الحق ـ تبارك وتعالى : " وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" الاية 97 سورة ال عمر.