المحاكم الجنائية

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، مقطع فيديو يُظهر طفلة صغيرة تمسك بالسيجارة بين أصابعها وتدخنها تحت إجبار من شاب يضعها على إحدى قدميه، وسرعان ما أثار موجة غضب واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمجرد تداوله، مطالبين بالقبض على الشاب، الذي تبين بعد ذلك أنه والدها. لم تقف موجة الغضب فاجتاحت لاجمهور عن الأب فقط، بل طالت مصور الواقعة، الذي وقف يوثق المشهد بثبات غريب، دون أن يتدخل ويمنع الموقف، ما دفع بعض التعليقات بالمطالبة بعقوبته والقبض عليه هو الآخر، قائلين: "وعديم الإحساس اللي صور ده مش المفروض يتعاقب؟".

للمساكن حرمة مصونة لا تُمس، ولا يسمح لغير ساكنها بالتصوير سواء بكاميرا فيديو أو كاميرات المراقبة أو غيرها، دون إذن صاحب الشأن، وفقًَا لما قاله اللواء رفعت عبدالحميد أستاذ العلوم الجنائية والخبير الأمني، توضيحا للعقوبة القانونية لمصور الواقعة، لافتًا أن تصوير هذا الفيديو لأب يدرب طفلته على تعاطي المخدرات، وإن كانت هذه جناية عمدية على الأب، فسيقع المصور هو الآخر تحت نص قانون العقوبات المصري.

وأضاف "عبدالحميد" لـ"الوطن"، أن من شاهد جريمة ولم يمنعها ثم شارك بالتصوير والتوثيق فيعد شريكا أساسيا بها، حيث إن الطفلة الصغيرة فاقدة للتمييز بين الحلال والحرام والقانون وغير القانوني، والأب حينما أعطاها السيجارة الملفوفة بالحشيش كان يقصد هو والمصور أن يتربحا من هذه المشاهد، وحتى لو أذن الأب للمصور بأن يصور فهذا الإذن باطل، فلا يعتد بالجهل بالقانون.

كما أشار الخبير القانوني، إلى أن المصور يُحاسب بالعقوبة ذاتها التي يعاقب بها الأب لأنه شاهد تبادل المخدرات بين الأب وطفلته ولم يبلغ السلطات بل تمادى وصور حتى يتربح هو الآخر من مشاهدات الفيديو، فكلاهما فعل ذلك بقصد الربح غير المشروع، تلك الجريمة التي تسمى تحسين وتجميل الجريمة في أعين العامة وحسهم علنا على عدم المثول للقانون. وأوضح أن تعريض حياة الطفلة للخطر يعاقب عليه القانون المصري رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008، بمعاقبة كل من يرتكب انتهاك في حق الطفل بالحبس من 6 أشهر وحتى 3 سنوات، بغرامة لا تقل عن 2000 جنيه ولا تجاوز 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

كما أوضح أن العقوبة هنا ستكون سلطة تقديرية للقاضي، الذي سيهتم بالمصور ذات الاهتمام بمعاقبته للأب، حيث إن من صور سيتسبب حتى لو دون عمد في تشويه سمعة الطفلة لأنها حتما ستكبر ذات يوم وتصبح فتاة ينتظرها مستقبل، بالرغم من أن الأب هو المسؤول الأول على الولاية والرعاية، والأمانة تقتدي أن يعطي ابنته شرابا وطعاما محللا وليس سيجارة بها مخدرات.