القاهرة - أكرم علي
أكد السفير الألماني في القاهرة يوليوس جيورج لوي، أن مصر وجدت طريقها مرة أخرى إلى الاستقرار، في منطقة تسودها الاضطرابات، مشيرا إلى أن العام الماضي شهد تطورات عدة، وهنأ الشعب المصري عليها، وبعد فترة إنقطاع طويلة أصبح لمصر مرة أخرى برلمان منتخب، يضطلع بمسؤولياته ويحتفل بمرور مائة وخمسين عاما على وجوده.
وخلال كلمته أثناء إحتفالية السفارة الألمانية، مساء أمس الاثنين، بالعيد القومي والذكرى السادسة والعشرين للوحدة الألمانية، التي تحققت عام 1990، والتي حضرها السفير الأمريكي في القاهرة ستيفن بيكروفت، وسفير سويسرا ماركوس لايتنر، ووزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر، ووزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، والقائم بأعمال رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في القاهرة راينهولد برندر، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الدبلوماسية.
وأكد السفير الألماني أن مصر شرعت منذ عام ٢٠١٣ في تنفيذ مشاريع عملاقة على المستوى القومي، وفي المجال الاقتصادي وأدخلت مؤخرا ضريبة القيمة المضافة، وإنتهت من إصدار قانون جديد للخدمة المدنية، وخفضت دعم الطاقة تخفيضا مهما.
وقال إن الحقائق الاقتصادية قد تكشفت بوضوح أكثر فأكثر في مصر على مدار الأشهر، لتنبئ بأن مسيرة التحول الحقيقية في مصر، قد بدأت لتوّها، معلنا أن مستقبل مصر يتشكل الآن، وأن الناس في مصر يشعرون بتأثيرات الوضع السياسي، والحكومة بصدد التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة من القروض، سوف تتضمن القيام بإجراءات على المدى القصير وإدخال إصلاحات هيكلية أساسية، وعليه فلن تكون الفترة المقبلة فترة يسيرة بكل تأكيد، لكنه لا غنى عن الإصلاحات الهيكلية إذا كانت مصر مستعدة لكي تمنح بناتها وأبنائها مستقبلا كريما، وليس هناك أدنى شك في توافر هذه الإرادة، وإن هذه العملية إذا ما قدر لها أن تدار على النحو الصحيح مصحوبة بالإجراءات الصحيحة ومشفوعة بتأييد الشعب ومن أجل الشعب، سوف تؤدي إلى مزيد من الثقة في الاقتصاد المصري، وإلى مزيد من الفرص أمام المستثمرين المصريين والأجانب، وإلى تقوية القطاع الخاص، ومن ثم فسوف تؤدي إلى خلق المزيد والمزيد من فرص العمل تحتاج إليها مصر لمواجهة الزيادة السكانية السريعة.
وأكد لوي، أن المانيا فخورة بأن تقف إلى جانب مصر ،على مدار الأشهر والسنوات المقبلة، وقد إخترنا الليلة قطاع الطاقة لنستعرض من خلاله تعاوننا المكثف، مشددًا على أن كل من ألمانيا ومصر يعتمدان على الكهرباء، ولكن إرتفاع تكلفة إنتاج الطاقة - وهذا أمر بديهي سواء إتفق الناس أو إختلفوا عبر العقود - أصبح موضع جدل شديد في ألمانيا، كما هو الحال في مصر.
وأعلن السفير الأماني أن حكومة بلاده أطلقت مبادرة للتحوّل في مجال الطاقة، تبتعد بها عن مصادر الوقود الأحفوري التقليدية، متوجهة إلى مجال الطاقات المتجددة، مشيرا إلى أن ألمانيا تشتهر بتكنولوجياتها الحديثة وأبحاثها العلمية في مجال الطاقة، لكن الشمس لا تسطع فيها كثيرا، وهو ما يجذب الكثير من السياح كل عام إلى مصر.
وتمنى السفير الألماني، عودة السياحة مرة أخرى في هذا الموسم الشتوي، لأنها ميزة كبيرة تتمتع بها مصر، وتتفوق بها على ألمانيا فيما يتعلق بإمداد الطاقة، وقال إن قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة غير محدودة، وهنا لا يعول من الناحية العملية على طول فترات سطوع الشمس يوميا فحسب، بل وتمتلك مصر بمحاذاة خليج السويس بعضا من أفضل الظروف بالنسبة لانسياب الرياح على مستوى العالم لتكمل المنظومة واسعة النطاق في مصر فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتاحة.
وأضاف إن تعاوننا مع مصر في مجال الطاقة يمتد عقودًا إلى الوراء، أما اليوم فقد أصبح هذا التعاون متنوعا، فأصبح يضم صناع القرار السياسي والمستثمرين ورجال الأعمال والعلماء والمجتمع المدني، ويرتكز على قاعدة عريضة من الأنشطة.
وفيما يتعلق بالتعاون التنموي بين ألمانيا ومصر، قال لوي: نحن فخورون بتبوء موقع الصدارة والريادة في مجال طاقة الرياح، إذ أن الحكومة الألمانية تساهم في تمويل أكبر مزرعة رياح في أفريقيا بمحاذاة خليج السويس، والثانية في خليج الزيت، وقريبا جدا سوف تضاف مزرعة رياح ثالثة بالتعاون مع شركاء أوربيين آخرين. وأضاف، نحن الآن بصدد المشاركة في تجديد توربينات السد العالي في أسوان، كما قطعنا على أنفسنا إلتزامات تمويلية جديدة لدعم تطوير قطاع الطاقة الشمسية وتحسين كفاءة الطاقة لهذا العام.
وأشار إلى تفوق شركة "سيمنس" بإسهاماتها المؤثرة في سوق الطاقة المصري، وهناك العديد من الشركات الألمانية، تحديدا الشركات الأصغر التي تتبوأ مركز الريادة عالميا في مجال تخصصها، وهي الشركات المتشوقة إلى الاستثمار في مصر، فالاهتمام كبير، ونحن نراهن على قيام مصر بتهيئة الظروف المناسبة لتشجيع الاستثمارات التي تحتاجها في القريب العاجل، وتقوم الغرفة العربية الألمانية للصناعة والتجارة، ومقرها القاهرة، بدعم تلك الشركات.
وأكد، أن "موضوع الطاقة والمناخ يشكلان محورا من محاور التعاون العلمي بين البلدين، ويضم المركز الألماني للعلوم بمنطقة الزمالك تحت لوائه عددا من الجامعات والمعاهد البحثية الألمانية التي تقوم على توطيد الروابط العلمية بين البلدين، وقد تجلى هذا التعاون في المنتدى الشهري الذي نعقده بصفة منتظمة والمعروف باسم "محادثات القاهرة حول المناخ".
وأضاف لوي، "يتعين على مصر أن تعتمد على إدارة نشطة وبرلمان نشط وقطاع خاص ومجتمع مدني وعلماء أكاديميين، وبكل تأكيد شركاء دوليين نشطين"، مؤكدًا وجود حوار سياسي مثمر بين ألمانيا ومصر على مدار العام الماضي، على جميع الصعد، وصولا إلى القمة، حيث شهد عام ٢٠١٦ زيارة نائب المستشارة الاتحادية ووزير الاقتصاد زيغمار غابرييل إلى مصر، كما زار كل من نائب رئيس البرلمان الاتحادي الألماني ووزير الداخلية الألمانية مصر، وأجريا محادثات مكثفة، ووقع وزيرا داخلية البلدين في برلين إتفاقية مهمة في مجال التعاون الأمني.
كما شهد عام ٢٠١٦ الاجتماع الأول للجنة المشتركة للتعاون التنموي في شهر حزيران/ يونيو الماضي على المستوى الوزاري، وتضمن هذا اللقاء زيارة وزيرة التعاون الدولي سحر نصر، ووزير الصناعة والتجارة طارق قابيل إلى برلين. وقبل ثلاثة أسابيع إلتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مجددا المستشارة الاتحادية ميركل على هامش قمة العشرين التي إنعقدت في الصين.
وأضاف لوي، أن الجالية الألمانية في مصر كبيرة ومتنوعة تضم هؤلاء الذي أتوا إلى هنا لبضع سنوات للعمل في إحدى الشركات الألمانية المتعددة العاملة في مصر، أو في إحدى المؤسسات الرسمية الألمانية الممثلة هنا في مصر.
كما تضم هذه الجالية أولئك الذين يعيشون هنا منذ زمن طويل وقد طبعوا حياة هذه الجالية بطابعهم، سواء في المدارس الألمانية أو الطوائف الدينية الألمانية، أو في مجال الآثار، أو السياحة، أو في بيت البحارة الألمان، وفي غيرها من المؤسسات.
وتوجه بالشكر إلى شركتى سيمنس و أليانز، وأكد أن شركة سيمنس تعمل في مصر منذ عام ١٩٠١، وتقوم ببناء محطات كهرباء تدار بالغاز سوف تمد مصر بخمسة عشر ضعفا من الكهرباء المولدة من محطة نووية تقليدية، وأن شركة أليانز الألمانية هي أكبر شركة تأمين على مستوى العالم، وهي تعتبر في مصر أكبر شركة تأمين أجنبية وثاني أكبر شركة تأمين.