جثة هامدة

صلى إلى جانب جثة شقيقه الأصغر، ثم وضع قبلة على جبين والديه، كآخر فعله "محسن" في منزله، بعد قتله شقيقه الأصغر إثر مشاجرة وقعت بينهما، حين صارحه الأخير بحبه لزوجته، وأنه سيهرب معها إن لم يجد حلًا لتلك المشكلة، ولم يتخيل الطبيب الصيدلي (31 عامًا) أن ينتهي به الحال إلى حبل المشنقة بعد قتله شقيقه وتحويل أوراقه للمفتي، ووفاة والده ووالدته من الحسرة على ما حدث للعائلة، ولكن هذا ما حدث..

ووقف "محسن" داخل القفص بمحكمة الجيزة، مرتجفًا، يضع يده خلف ظهره، ولا تعلو نظراته عن قدميه، وهو يقول "أنا ما أعرفش إيه حصل وليه عملت كده، وسوسة الشيطانة زوجتي لشقيقي وراء جريمة القتل وتدمير الأسرة.. يا ريتني ما رجعت من الكويت"، ويتذكر "محسن" شقيقه الذي قتله قائلا: "أنا كنت بحب أخويًا وعمري ما كنت أفكر في قتله، كان شاب جدع وعمره ما عمل حاجه تزعلني، وأبويا وأمي ماتوا بسبب فعلتي واللي فازت الزوجة.. يا خسارة كل شيء راح والثمن كان أقرب الناس لي"، ولم يعرف الطبيب (الذي عمل بدولة الكويت 3 سنوات، جمع خلالها مالًا وفيرًا)، إلا بعد حبسه بعدة أيام، أن زوجته "س. ن" هي من دبرت له المكيدة بأن أوقعت شقيقه الأصغر في حبها من أجل التخلص منه ومن الأسرة بأكملها طمعًا في المال الذي جمعه بجانب الميراث وبمقابلة "محسن" لزوجته داخل محبسه، صارحته (كما يقول) بأنها هي ما دبرت مكيدة "الإيقاع" بشقيقه الأصغر، كي يتخلص منه وتفوز هي "بالجمل بما حمل".

ويتساءل الطبيب المحالة أوراقه للمفتى: "ماعرفش زوجتى عملتْ كل ده ليه مع أني كنت عامل لها توكيل عام والتصرف بكل ما أملك"، كاشفا أنها بررت تدبيرها المكيدة بـ "عدم حبها له"، بضحكة بائسة يتذكر "محسن" أنه بعد قتله "أحمد"، غادرت الزوجة المنزل وأبلغت الشرطة بالواقعة للتخلص منه.

وتذكر القاتل اللحظةَ التي تلت قتله لشقيقه والقبض عليه، حيث سقط أبوه من الصدمة ومات، ولحقت به أمه بعدها بأسبوع، لتحصل الزوجة بالفعل على كل شيء، ويسترجع الشاب الثلاثيني، وقت دراسته في الجامعة، وتعرفه على الفتاة التي صارت زوجته فيما بعد، وتقدمه لها أكثر من مرة، ورفض أسرتها بسبب حالته المادية، مؤكدا أنه بعد تخرجه مارس مهنة الصيدلة، وجمع المال، وتقدم إلى حب عمره مرة أخرى، وتزوجها، وبعد ارتباطه بها بعام جاءته الفرصة للسفر إلى دولة الكويت..

وأثناء حديثه، قاطعه صوت الحاجب: "محكمة"، لتدخل هيئة محكمة جنايات الجيزة مكتملة بعضويها اليمين واليسار، وأشار القاضي إلى ممثل النيابة ليبدأ مرافعته، قائلا: "بسم الله الرحمن الرحيم "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ".. قابيل لم يرعوِ لنصائح أخيه، وضرب بها عُرْض الحائط، ثم انساق مع هوى نفسه،

وزينت له نفسه الإقدام على قتله، فارتكب جريمته، هكذا فعل المتهم بشقيقه أحمد بعدما قتله من أجل الفوز بالمال والزوجة"، وأكمل ممثل النيابة "سيدي القاضي إن المتهم الماثل أمام حضراتكم خلف هذا القفص الذي تقتله الحيرة ويغتاله التساؤل لم هو في هذا المكان؟، تجاهل كل ماتعلمه وخبره وأساء لنفسه أيما إساءة وتعدى على شقيقه، فأصابه بضرر بليغ.. وبناء عليه نطالب بتوقيع أقصى العقوبات على هذا المتهم"، فحكمت المحكمة حضوريا بإحالة أوراق "محسن" لفضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء الرأي في إعدام المتهم