القاهرة - مصر اليوم
حالة من الجدل حاوطت المرشح الرئاسي المنسحب من الانتخابات الرئاسية المقبلة المحامي الحقوقي خالد علي، بعد أن قامت إحدى العاملات في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية باتهامه كرئيس المركز بالتحرش بها.
ووجهت تلك العاملة تهمة لأحد أعضاء حزب العيش والحرية باغتصابها في إحدى الشقق السكنية في منطقة المعادي، وذلك في “إيميل” رسالة بالبريد الإلكتروني بعثت بها إلى مجموعة مغلقة خاصة بالنساء على موقع التوال الاجتماعي، “فيسبوك” أواخر العام الماضي تحذرهن فيها، حتى لا يحدث معهن ما جرى معها.
الأمر الذي رد عليه خالد علي، في بيان له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، الثلاثاء الموافق 20 فبراير/شباط 2018 “ليعلن استقالته من عضوية حزب العيش والحرية، ومن عمله كمستشار للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وناشد خالد علي الجميع مساندة حزب العيش والحرية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في ظل السيناريوهات المعدة للنيل منهما، وأعرب خالد علي عن صدمته من الاتهام الموجهة له قائلًا :صادمة ومفاجئة إلى أبعد مدى، ولم تكن الصدمة فقط من اسم صاحبته التى كنت أكن لها مودة وتقدير لا تحتمل أي شك أو سوء فهم، ولكن كانت الصدمة مما كُتب أيضا”.
وإلى نص البيان..
"إلتزمت الصمت منذ بداية معرفتي بموضوع الإميل، وحتى اليوم، ولم يكن هذا الصمت عجزاً عن الرد، ولا قبولاً أو إقراراً بما يقال من إساءات، ولا ترفعاً أو تعالياً عن الاشتباك مع ما يتم طرحه من قضايا جوهرية تخص الرجال والنساء معاً، ولا استخفافاً بما يكتب على السوشيال ميديا من آراء أو تعليقات، بل العكس من ذلك كله، فقد كان الصمت لإيمانى بأننا أمام عالم جديد وأدوات جديدة نتنفس جميعاً من خلالها للتعبير عن مواقفنا وآرائنا، وأن مثل هذه القضايا لن يجدى معها التجاهل، ولن يطويها النسيان، وأن الصورة الذهنية عن أى إنسان لدى الرأى العام هى أمر لا يجب التسامح فيه، فضلاً على أن محاولات الهروب من جوهر مثل هذه القضايا وما تطرحه من أسئلة تحت ستار من السباب والتشويه ليس بالسلوك الذى يجب لمثلى أن ينتهجه، فالسبيل الوحيد من وجهة نظرى كان التعامل مع هذا الحدث بكل جدية ورشد.
كانت معرفتي بفحوى هذا الإميل صادمة ومفاجئة إلى أبعد مدى، ولم تكن الصدمة فقط من اسم صاحبته التي كنت أكن لها مودة وتقدير لا تحتمل أي شك أو سوء فهم، ولكن كانت الصدمة مما كُتب أيضا، ومن تعمد تجاهل بعض الوقائع، وذكر وقائع غير حقيقية بالمرة، وعرضهما من خلال سياق يرسم صورة غير التى جرت تماماً، وربطها بواقعة أخرى، من شخص آخر، وفي وقت وظرف ومكان آخر، مما يدخل الالتباس والدمج بين الواقعتين.
فاستعنت بعدد من الصديقات والأصدقاء لاستشارتهم عن التصرف الواجب اتخاذه حيال هذا الأمر، وكان الاقتراح الأبرز يدور حول أن صاحبة الإميل لم ترسل شكوى للتحقيق، وإنما أرسلت رسالة تحذير لإحدى الغروبات، ومن الواجب أن أعلن فى إحدى إجتماعات الحملة عن استعدادى للتحقيق معى إذا هى أرسلت شكوى وطلبت التحقيق فيها، وهناك من اقترح أن أقدم ضدها بلاغاً أتهمها فيه بالتشهير بي خاصة أن الواقعة المدعاه كانت بيننا فقط، وليس هناك أي شهود عليها إلا روايتها وروايتي، وكان هناك من يقترح تجاهل الأمر وعدم الاشتباك معه، وهناك من اقترح أن أقول أن ما ورد بالإميل غير حقيقي وإن كانت صاحبته صادقة فى إدعائها فعليها التوجه للنائب العام فمثل هذه الإدعاءات لاتحسم برسائل الاميلات والغروبات.
وأثناء تفكيري فيما طرح على من مقترحات انحزت في البداية -بيني وبين نفسي- لمقترح واحد فقط وهو إعلان استعدادي للتحقيق إن هي طلبت ذلك، ولكني سألت نفسي ماذا لو أنها لم تطلب تحقيق؟ أتقبل بأن يظل هذا الإدعاء معلقاً عليك وعلى اسمك، فوجدت أن الإجراء الأكثر جدية من وجه نظرى أن أطلب أنا التحقيق معي في الواقعة المدعاه بالإميل، فطلبت من الهيئة التنسيقية للحملة بالتعاون مع الحزب أن يتولوا تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق معي في الوقائع المنسوبة لي، وأن تتولى تلك اللجنة التواصل مع الشاكية للاستماع لها ولشهودها، نعم لم يجبرني أحد على هذا التحقيق سواء من الحزب أو من الحملة، وفى الوقت الذي عارضني فيه البعض فى هذا الطلب وهذا الإجراء، رحب بهما أطراف أخرى وخاصة النسويات بالحملة واعتبروا أن هذا الطلب بادرة وسابقة جيدة ليس فى شأن هذه الواقعة فقط.
وبعد فترة وجيزة من تشكيل لجنة التحقيق قدمت إحدى عضوات حزب العيش والحرية شكوى ضد الشخص الآخر المذكور بالإميل في شأن الواقعة الأخرى المنسوبة إليه، وطلبوا من نفس لجنة التحقيق أن تتولى تحقيق هذه الشكوى أيضا، لتصبح اللجنة مسئولة عن تحقيق الواقعتين.
وعندما انتهت الحملة، تعمدت بالطبع بعض المواقع الصحافية والصحف والبرامج التليفزيونية الخلط بين الواقعتين، ونسبت لي أفعالاً، ونسجت حكايات وروايات لم ترد حتى بالإميل.
لقد أصرت لجنة التحقيق -وكان معها كل الحق فى ذلك- أن تتواصل بشكل مباشر مع صاحبة الميل دون أى وساطة بينهما، وهو ما استغرق وقتاً على حد علمى، كما استمرت اللجنة فى عملها حتى بعد أن رفضت هي التعاون مع اللجنة دون أن يبلغني أحد بأسباب هذا الرفض، وطلبت منهم عدم الإتصال بها، ورغم علمى بذلك لم أطلب من اللجنة وقف أعمالها، وكان من المنطقى أن أطلب منهم هذا الطلب، ولم يكن هناك مفر أمام اللجنة حينها من إنهاء مهمتها عند هذه النقطة، وكان سيسجل لي أنني طلبت التحقيق وخضعت له وأنها هى التى رفضته، لكن لم أفعل ذلك عن وعي وإرادة لتقول لجنة التحقيق كلمتها، فضلاً على أن لجنة التحقيق هي صاحبة الحق في التصرف بمجريات التحقيق ومساراته.
انتهى التحقيق، وانتهت اللجنة إلى أننى “لم أرتكب أي فعل أو لفظ يمثل سلوك جنسي يمكن إدانتي عليه”، وقالت لجنة التحقيق “أن كل ماذكر في الأميل بشأن الوقائع المدعاه على لا يمكن وصفه بالتحرش”، نعم هذه هي نتيجة التحقيق التي يتغافلها البعض عن وعي أو دون وعي.
ما كان لي أن أكتب كلمة واحدة في هذا الأمر قبل انتهاء التحقيق وإعلانه بمعرفة الأطراف التي كانت راعية له.
ورغم ذلك، ورغم أن النتيجة التى انتهت إليها لجنة التحقيق في سياق ما سمعته منى ومن الشهود وما ورد بالإميل الذي كتبته صاحبته تبرأ ساحتي، إلا أنني مدين بعدة أمور:
أولاً: مهما كان تعليقي على ما ذكر بالإميل واتفاقي أو اختلافي معه بشأن ما تضمنه، فإن ذلك لا يعنى تجاهلي لمشاعر صاحبته ولا الصورة التي وقرت في ذهنها، فمجرد تفكيرها هذا التفكير نحوي وكتابتها لإميل يحمل هذا المضمون يلزمني بأن أقدم لها إعتذاراً عن هذا الألم الذي تعرضت له، ومهما كانت نتيجة التحقيق فإنني أتحمل نصيب من المسئولية يدفعني بكل وضوح لأن أبادر بتقديم هذا الاعتذار.
ثانياً: أعتذر لكل النساء الذين تعاملت معهم من خلال عملي المهني أو السياسي والعام لأن اسمى ذكر في هذه الوقائع على هذا النحو وعلى هذه الصورة التي لا أرتضيها لنفسى.
ثالثا: أعتذر لأطفالى وقلبي الذي يخفق على أنني تعاملت بحسن نية في مواقف عدة مع كثيرين، وربما ساعد ذلك على وجود اسمي في مثل هذا الحدث، وأعاهدهم على أن أكون أكثر حرصاً وتشدداً مع نفسي ومع الدوائر القريبة مني.
رابعاً: أشكر لجنة التحقيق التي قبلت متطوعة هذه المهمة الصعبة، وتحملت في سبيل إنجازها هجوماً لا يحتمل، وبقدر إعتزازي بهم أعلم أنهم قبلوا هذه المهمة لإيمانهم بأن ذلك هو قدرهم في تحمل نصيب من المسئولية لنصرة ما آمنوا به من قضايا.
خامساً: أشكر كل الذين قدموا لي النصح في طريقة التعامل مع هذا الحدث فور علمي به وبخاصة النساء منهم.
سادساً: أعلن استقالتي من عضوية حزب العيش والحرية، ومن عملى كمستشار للمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأناشد الجميع بمساندة الكيانين فى ظل السيناريوهات المعدة للنيل منهما من قبل أجهزة الدولة، فما يتم بنائه من كيانات تؤدى مثل هذه الأدوار الهامة فى حياتنا يجب حمايتها ودعمها، وهى أكبر من أى شخص مهما كان موقعه، وأناشد كل الرفاق الذين استقالوا من الحزب أو جمدوا عضويتهم به سواء صدرت هذه القرارت منهم تضامناً معى أو كان طموحهم أن تكون الإجراءات أفضل من ذلك، أناشدهم بالعدول عن هذه القرارات فلم يجبرنى أحد على أى إجراء، كما أعتذر لأى خطأ فى هذه الاجراءات فمازال الحزب كيان يبنى آلياته وأدواته، ولن يثقلها إلا من خلال المعارك والتجارب التى يمر بها، وسوف تتطور بحرصكم على تطويرها وباستمراركم فى خوض المعارك وبناء التجارب، لقد كنت ومازلت فخور بالعمل معكم فى هذه التجربة الملهمة والتى سيكتمل بنائها بنضالكم وكفاحكم لبناء حزب وتيار سياسى جسور وشاب يستحقه هذا الوطن، وأرجو أن تقبلوا جميعاً اعتذارى وأسفى على أى خطأ أو تقصير وقع منى.
أخيراً: رسالتى لكل المهتمين بالشأن العام، استمعوا للنقد بإنصات، وبعين تنظر للمستقبل الذى يجب أن يعيشه النساء والرجال معاً، وابذلوا المجهود اللازم لخلق مدونات سلوك و أنشطة ترفع الوعى بهذه الجرائم وبمشاعر الأنثى التى قد لا يفهمها أو يعيها كثير من الرجال، وبما يساهم فى منع هذه الجرائم من الحدوث أو الحد منها بالصورة التى نترتضيها لأنفسنا ولمجتمعنا، واناشدكم أن تخلقوا الأليات والقواعد التى تكفل تشجيع النساء والرجال معاً على الاحتكام للأليات المدنية التى تواجه القصور بالمنظومة التشريعية أو القضائية ولن يتحقق ذلك إلا من خلال آليات حقيقة تكفل الخصوصية والحقيقة والعدالة والانصاف.