الشاب محمد قمصان

4 أعوام من التمارض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مارسها الشاب محمد قمصان، ربما لكسب التعاطف أو الشهرة، مدعيا إصابته بالسرطان، حيث توالت ادعاءاته بتعرضه لمرض السرطان، ليخروج بعدها بعدة فيديوهات لدعم مرضى السرطان، كما تحدّث عن مرضه خلال عدة فعاليات عدة، فضلا عن تكريمه على أنّه أقوى محارب للسرطان، لتُكشف ادعاءاته أخيرا بعد نشر وصيته الأخيرة التي أوصى فيها بدفنه نهارا.

وكشف مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، أن وصيته، مأخوذة من فتاة «محاربة حقيقية»، هزمها السرطان وتوفيت، لتخرج «رابطة محاربي السرطان»، وتكذب «قمصان»، كما قررت سيدتان من مدينة دسوق، بمحافظة كفر الشيخ، التقدم ببلاغين ضده، تتهمانه فيهما بترويج أخبار كاذبة، وتهديد إحداهما، لتستدعيه قوات الشرطة وتبدأ النيابة التحقيقات معه.

المفتي: التمارض منهي عنه شرعًا

وقال الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية، إن التمارض منهي عنه شرعًا؛ ويُعد كذبا وإخبارا بغير الحقيقة، كما أن فيه إنكارًا لنعمة الصحة، التي تعد من أعظم النعم، حيث إن شكر النعمة يُبقيها ويَزيدُها، وكفرانها يُذهبها ويُبيدُها.

وتابع علام، في إجابة على سؤال ورد لموقع دار الإفتاء، عن هل يجوز عمل أعذار طبية وهمية وتقديمها لجهات العمل؟ بأن الأصل في المسلم أن يكون صادقًا؛ بحسب قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» [التوبة: 119]، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» متفقٌ عليه. وعن الحسن بن علي عليهما السلام قال: حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه أحمد في"مسنده" والترمذي في "السنن" وصححه والنسائي، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
هل يجوز ادعاء المرض وأخذ إجازات مرضية وهمية؟

أما عن حكم الموظف الذي يقدم الأعذار الطبية الوهمية للحصول على الإجازات المرضية تكاسلًا وتثاقلًا عن العمل، قال موقع دار الإفتاء، إن كان الموظف صحيحًا لا علة به ولا مرض، ففي هذه الحالة لا يجوز التمارض وأخذ بناء على ذلك إجازة مرضية؛ حيث يعد ذلك تقصيرا في الوظيفة المتعاقد عليها وائتمن على أداء مهامها، نظرا لأن العلاقة بين الموظف وبين صاحب العمل من الناحية الفقهية تكيف على أنها علاقة إجارة؛ وتعد الإجارة «عقدٌ على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبَذْل والإباحة بعِوَضٍ مَعلوم»؛ كما في «مغني المحتاج» للعلامة الخطيب الشربيني الشافعي (3/ 438، ط. دار الكتب العلمية).

وقال الإمام النووي الشافعي في «منهاج الطالبين» (ص: 159، ط. دار الفكر): [وهي -أي: الإجارة- قسمان: واردة على عين؛ كإجارة العقار، ودابة، أو شخص معينين، وعلى الذمة؛ كاستئجار دابة موصوفة، وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناء] اهـ.وقد حثت الشريعة على ضرورة الوفاء بالعقود، والمحافظة على العهود، فيجب على كل من الطرفين (الموظف وصاحب العمل) الالتزامُ بما تضمنه العقد من بنود وما اشتمل عليه من شروط؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

وقال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (6/ 32، ط. دار الكتب المصرية): [أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، قال الحَسَن: يعني بذلك عقود الدَّيْن، وهي ما عَقَدَه المرء على نفسه؛ من بيع، وشراء، وإجارة، وكِراء، ومناكحة، وطلاق، ومزارعة، ومصالحة، وتمليك، وتخيير، وعتق، وتدبير، وغير ذلك من الأمور، ما كان ذلك غير خارج عن الشريعة، وكذلك ما عقده على نفسه لله من الطاعات؛ كالحج، والصيام، والاعتكاف، والقيام، والنذر، وما أشبه ذلك من طاعات ملة الإسلام] اهـ.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ مَا وَافَقَ الْحَقَّ مِنْهَا» رواه أبو داود في "السنن"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى والصغرى" و"شعب الإيمان".

وتابع الموقع أن حفظ الأمانةِ ومراقبة الله تعالى في القول والعمل واجبًا شرعًا؛ صيانة للحقوق وتبرئةً للذِّمَّة؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وقال جلَّ شأنه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]، وهذه النصوص عامة في جميع الأمانات الواجبة.

قد يهمك ايضا

محارب السرطان محمد قمصان يوصي والدته بدفنه في النهار

مفتي الجمهورية يشيد بالعلاقات الوطيدة التي تربط مصر بالإمارات